«داعش» يعلن الرقة منطقة عسكرية بتشكيلات أمنية عشية المعركة

شهود عيان يتحدثون عن استعداده لاتخاذ دير الزور عاصمة بديلة

مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات}  (رويترز)
مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات} (رويترز)
TT
20

«داعش» يعلن الرقة منطقة عسكرية بتشكيلات أمنية عشية المعركة

مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات}  (رويترز)
مقاتل من {الجيش الحر} يسير عبر نفق حفره «داعش» تحت مدينة الباب التي تم تحريرها أخيراً عبر قوات {درع الفرات} (رويترز)

ينشغل تنظيم داعش حاليا بالاستعداد لمعركتين أساسيتين مترابطتين داخل سوريا، الأولى في معقله في الرقة، حيث تتحضر قوات سورية حليفة لواشنطن مدعومة بقوات برية أميركية لاقتحام المدينة خلال أسابيع قليلة، والثانية في دير الزور، حيث يسعى التنظيم للسيطرة على كامل المحافظة استعدادا لإعلانها عاصمة بديلة له بعد سقوط الرقة.
ولعل ما يرجح هذا السيناريو هو أخذه زمام المبادرة بإطلاق المعركة في دير الزور قبل يومين من خلال هجومه على المواقع المتبقية للنظام السوري الذي لا يسيطر على أكثر من 10 في المائة من مجمل المحافظة. وفي هذا السياق، يقول أحمد الرمضان، الناشط في حملة «فرات بوست» والمتخصص في شؤون «داعش»، إن التنظيم نقل كبار قيادييه وعتادا عسكريا كبيرا من الرقة والموصل إلى دير الزور التي تحولت إلى معقل بديل له، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الاشتباكات العنيفة بينه وبين قوات النظام والمستمرة منذ يوم الأحد الماضي أفضت إلى مقتل مائة عنصر من الطرفين. وأضاف: «من غير المستبعد أن يتمكن التنظيم من السيطرة على كامل المحافظة، خصوصا أن النظام لا يسيطر إلا على عدد من الأحياء في المدينة والمطار العسكري». وتمكن «داعش» في الهجوم الذي شنه في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بفصل مناطق النظام ومحاصرة المطار العسكري من أربع جهات. فبات القسم الأول الذي يسيطر عليه النظام يضم المطار العسكري وحيي الجفرة وهراببش، والقسم الثاني يضم حيي الجورة والقصور و«اللواء 137».
وشهد محيط منطقة المقابر قرب مدينة دير الزور يوم أمس اشتباكات عنيفة بين «داعش» والنظام. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الأخير شن هجوما عنيفا في محاولة لاستعادة السيطرة عليها، بحيث ترافقت الاشتباكات مع عشرات الضربات الجوية. في المقابل، أعلن «داعش» ليل أول من أمس (الاثنين) مصرع 28 عنصرا من قوات النظام، إثر هجوم ومواجهات قرب مطار دير الزور و«اللواء 113». ونقلت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أن 6 من مقاتلي التنظيم نفذوا عملية تسلل في مزارع «أبو الوليد» قرب مطار دير الزور، وفجر أحدهم سترته الناسفة داخل خيمة يتجمع فيها عناصر النظام، ما أسفر عن مقتل 19 منهم، وأشارت الوكالة إلى أن 9 آخرين من عناصر النظام قتلوا إثر هجوم غرب «اللواء 113»، حيث أحرز مقاتلو التنظيم تقدما طفيفا وسيطروا على نقاط في محيط اللواء.
وبالتزامن مع المستجدات الميدانية في دير الزور، واصل «داعش» استعداداته لمعركة الرقة، فاستكمل، وفق أبو محمد الرقاوي الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت»، إنشاء التحصينات وبالتحديد عند الأطراف الشمالية للمدينة، كما أغلق شوارع بالكامل بالسواتر الترابية وفخخ الخنادق، حتى إنّه يحاول إقامة جسور بديلة عن تلك التي دمرها طيران التحالف الدولي. وقال الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «نقل عوائل قيادييه خارج المدنية، إلا أنه واصل استقبال النازحين من مناطق كانت خاضعة لسيطرته في ريف حلب الشرقي»، لافتا إلى أن العدد الإجمالي للمدنيين الموجودين في الرقة عند أطرافها قارب من نحو 300 ألف. وأضاف: «(داعش) مرتبك تماما، وهو يسعى لتجنيد الشبان بشتى الطرق، حتى إن هناك معلومات عن نيته تسليم السلاح للناس لحثهم على القتال، وهو ما قد ينقلب عليه في حال قرر هؤلاء مواجهته».
ولم يستبعد الرقاوي أن يعلن التنظيم «دير الزور» معقلا أو عاصمة بديلة عن الرقة، خصوصا أنه قادر على السيطرة على كامل المحافظة في حال انسحاب عناصره من الرقة إليها، مشيرا إلى احتمال ثان يقضي بشن هجوم للسيطرة على مدينة حماه، لاتخاذها معقلا له، خصوصا أن أعدادا كبيرة من عناصر التنظيم توجد في ريف حماه الشرقي، بالإضافة إلى أعداد من جند الأقصى الذين انضموا حديثا إلى «داعش».
وفي حين استبعد رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري، إعلان «داعش» دير الزور عاصمة بديلة له بعد سقوط الرقة، اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّه قد يتخذ من غرب المحافظة وصولا إلى ريف حمص الشرقي وريف تدمر مقرا له، باعتبار أن المنطقة عبارة عن تلال وجبال محصنة. وأضاف: «لكن الأرجح أن يتحول التنظيم وفي المدى البعيد إلى مجموعة خلايا موزعة في مختلف المناطق ولا يحصر وجوده في محافظة معينة».
وفي الساعات الماضية، أعلن «داعش» الرقة مدينة عسكرية. وفي هذا المجال قال أحمد الرمضان، إن التنظيم قام بتشكيلات أمنية جديدة تمثلت بتعيين أبو آيات الجوفي واليا جديدا لمدينة الرقة بعدما كان يشغل منصب والي حلب، كما تم تنصيب أبو الحارث الشامي أميرا عسكريا للرقة، بعدما كان أميرا عسكريا بارزا بمدينة الموصل، ويلقب بـ«صائد الدبابات».
وبدا لافتا في الأيام القليلة الماضية مواصلة «داعش» في الرقة استقبال النازحين من ريف حلب الشرقي، حيث يشرف على عملية نقلهم على متن العبَّارات والزوارق، عبر نهر الفرات، من الضفة الجنوبية إلى تلك الشمالية. واعتبرت نوروز كوباني، من وحدات حماية المرأة، أن التنظيم يحاول ومن خلال استقدام مزيد من المدنيين عرقلة عمل سلاح الجو في المعركة المقبلة، لافتة إلى أنه يحضّر منذ فترة «أنفاقا وسواتر، ويأتي بالمقاتلين من دير الزور والعراق، تمهيدا لمعركة كبيرة الأرجح أنّها ستكون شبيهة بمعركة كوباني (عين العرب) داخل أحياء المدينة». وقالت نوروز كوباني، في تصريح لـ««الشرق الأوسط»: «الرقة كانت مقر إقامة عائلات المهاجرين من تونسيين وأجانب وإندونيسيين وغيرهم، ومعلومتنا تشير إلى إقدام التنظيم على إخراج معظم هذه العائلات باتجاه دير الزور».
دوليا، أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت يوم أمس الثلاثاء، أن الهدف الأساسي للتحالف الدولي في سوريا هو تحرير مدينة الرقة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف إيرولت في تصريح صحافي: «يجب أن نتباحث مع جميع أطراف التحالف الدولي، لكي نرى كيف سيتم الاتفاق على مسألة تحرير الرقة، كما يجب أن نناقش مرحلة ما بعد التحرير»، معتبرا أن «القوات التي ستحرر المدينة يجب أن تكون عربية وبمشاركة الأكراد أيضا».



تنسيق المواقف قبيل زيارة ترمب للمنطقة ضمن أهداف جولة السيسي الخليجية

أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
TT
20

تنسيق المواقف قبيل زيارة ترمب للمنطقة ضمن أهداف جولة السيسي الخليجية

أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)
أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار حمد الدولي في الدوحة (الرئاسة المصرية)

بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، جولة خليجية تشمل قطر والكويت، اعتبرها خبراء تأتي في إطار «الجهود المصرية العربية الخليجية لتوحيد المواقف بشأن قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية»، قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة الشهر المقبل.

ومن المقرر أن يعقد السيسي والأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، مباحثات ثنائية، الاثنين، بالعاصمة الدوحة، تعقبها مباحثات موسعة لمسؤولي البلدين، بمشاركة الرئيس المصري وأمير دولة قطر، بحسب ما نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، تركز المباحثات بين الزعيمين المصري والقطري على «سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، ومناقشة التطورات الإقليمية، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».

ويعقد السيسي بالدوحة، مساء الأحد، لقاءً مع ممثلي مجتمع الأعمال القطري لبحث فرص التعاون الاقتصادي.

وكان الرئيس المصري قد وصل، صباح الأحد، إلى العاصمة القطرية الدوحة، في مستهل جولته الخليجية، حيث كان الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، في مقدمة مستقبلي السيسي بمطار حمد الدولي.

وتأتي زيارة السيسي إلى قطر تتويجاً لما شهدته العلاقات بين مصر وقطر من تنامٍ مطرد منذ عام 2021، حيث قام أمير قطر بزيارة القاهرة في يونيو (حزيران) 2022، ثم قام الرئيس المصري بزيارة الدوحة في سبتمبر (أيلول) 2022، حيث تم التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم في مجالي الموانئ والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بين صندوق مصر السيادي وجهاز قطر للاستثمار.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2024 نحو 205 ملايين دولار، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات القطرية في مصر نحو 5.5 مليار دولار.

كما يتوجه السيسي عقب زيارته لقطر إلى الكويت، المحطة الثانية في جولته الخليجية، حيث تأتي هذه الزيارة تأكيداً على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري، بحسب بيان الرئاسة المصرية.

ومن المقرر أن يلتقي السيسي في الكويت بالشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بالإضافة إلى الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولي العهد، والشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة.

ويرى الخبير الاستراتيجي المصري سمير راغب لـ«الشرق الأوسط» أن الجولة الخليجية للسيسي تأتي في وقت حساس وفارق؛ في ظل ما تمر به المنطقة من أوضاع بالغة الصعوبة. «فالعلاقات المصرية الخليجية عموماً، والمصرية - القطرية على وجه الخصوص، عنصر مهم في جهود المساعي العربية لإنهاء الصراع في غزة؛ حيث إن جهود الوساطة المصرية - القطرية مستمرة ولن تتوقف، سواء بالوساطة بين (حماس) والطرف الإسرائيلي من جانب، والطرف الأميركي من جانب آخر».

ونوه راغب إلى أن هذه الزيارة «تأتي ضمن جهود مصر للتنسيق مع الدول العربية، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن؛ فالوساطة تدار على المستوى الوزاري، وأجهزة المخابرات في الدول محل الوساطة، لكن اللقاءات على المستوى الرئاسي تلعب دوراً كبيراً في دفع جهود الوساطة، وما يميز الجهود المصرية - القطرية في الوساطة هو التنسيق وتكامل الجهود، والقدرة على التأثير على أطراف الصراع، والتنسيق مع القوى العربية والإقليمية والدولية الفاعلة، لصالح التسوية السلمية للحرب في غزة».

كما قال راغب أيضاً إن «التنسيق العربي الخليجي يشمل جميع الملفات الإقليمية، والعلاقات مع الجانب الأميركي هي محور ضمن ملفات التنسيق فيما يتعلق بقضايا المنطقة، والتحضير لزيارة ترمب بدأ من القمة الأخوية بالرياض، بحضور قادة وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لزعيمي مصر والأردن؛ إذ إن الزيارة الحالية واللقاءات الثنائية للرئيس المصري في قطر والكويت مكملة للتنسيق حول الملفات الإقليمية والدولية وزيارة ترمب، بالإضافة للعلاقات الثنائية».

وأعلن الرئيس الأميركي بداية الشهر الجاري أنه قد يزور السعودية وقطر والإمارات «في المستقبل القريب، أو الشهر المقبل، أو بعد ذلك بقليل»، بحسب ما قال للصحافيين في البيت الأبيض.

فيما قال المحلل السياسي القطري، عبد الله الخاطر لـ«الشرق الأوسط» إن «جولة السيسي الخليجية حالياً تعد من أهم الزيارات التي يقوم بها، في إطار تنسيق الجهود العربية الخليجية لتكون موحدة ومتناسقة ومؤثرة في القرار العالمي فيما يخص كل قضايا المنطقة المشتعلة، سواء في فلسطين أو السودان أو ليبيا وسوريا أو لبنان».

وأوضح: «هذه الزيارة خصوصاً لقطر بالقطع ستشهد تنسيقاً للمواقف المصرية والعربية والخليجية بشأن قضية فلسطين ومستقبل غزة قبيل زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة في مايو (أيار) المقبل».

ونوه إلى أن «القيادات العربية والخليجية من الواضح في تحركاتها الفترة الماضية الإصرار على أن تكون دول المنطقة وشعوبها لها تأثير وقرار فاعل فيما يحدث بالمنطقة والعالم، ولا تكتفي بدور المتفرج».