أكدت وزارة الخارجية الكازخية استكمالها كل المسائل التنظيمية الضرورية لاستضافة الجولة الثالثة من المفاوضات السورية في آستانة في موعدها المحدد يومي 14 و15 مارس (آذار)، وذلك على الرغم من إعلان وفد المعارضة السورية المسلحة عدم مشاركته في «آستانة - 3»، طالما يواصل نظام الأسد بدعم من حلفائه، انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار وفرض اتفاقيات تنتهي بالتهجير القسري للسوريين من بيوتهم. وقابلت موسكو قرار المعارضة بصمت لا يخلو من قلق على مصير عملية آستانة، مقابل جهود لاحتواء الموقف والحيلولة دون فشل الجولة الحالية من المفاوضات قبل بدايتها، هذا في الوقت الذي عاد فيه الأسد ونسف أسس العملية السياسية السورية برمتها، حين أصر في تصريحات أمس على وضع «التصدي للإرهاب» أولاً، ورفض الحديث عن المستقبل السياسي، زاعماً أن هذا أمر غير ممكن قبل «القضاء على الإرهاب».
وكان وزير الخارجية الكازخي خيرات عبد الرحمنوف، قد أعلن في كلمته أمس خلال «الساعة الحكومية» في البرلمان الكازخي، عن استكمال بلاده الترتيبات الضرورية لمفاوضات «آستانة - 3»، مؤكداً أن «الخارجية الكازخية تسلمت خطابات من روسيا تؤكد أن المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف ونائب وزير الخارجية الروسي، سيشاركان في الجولة الحالية من المفاوضات»، بينما ستكون المشاركة من جانب تركيا وإيران على مستوى «نائب وزير الخارجية». وفي حديثه حول صيغة المفاوضات قال عبد الرحمنوف، إن «هذا الأمر رهن بوجهات نظر الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، وهي التي تحدد الصيغة»، موضحاً أن «مسألة وفد الحكومة السورية ومشاركة وفد المعارضة السورية المسلحة في هذه الجولة، هي مسائل من اختصاص الدول الضامنة»، لافتاً إلى أن «بعض فصائل المعارضة السورية كانت قد عبرت عن عدم ثقتها فيما يخص الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، وعدم إطلاق سراح أسرى الحرب، وحصار بعض المناطق».
وكانت فصائل المعارضة السورية المسلحة قد دعت الأسبوع الماضي إلى تأجيل المحادثات، وقالت إن عقد مزيد من الاجتماعات يعتمد على ما إذا كانت الحكومة وحلفاؤها سيلتزمون بالاتفاق حول وقف إطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية وأحياء في دمشق، من 7 وحتى 20 مارس. ويوم أمس أعلنت فصائل المعارضة السورية عن عدم مشاركتها في الجولة الثالثة من محادثات آستانة في 14 و15 من الشهر الحالي، وقال أسامة أبو زيد الناطق باسم الفصائل لوكالة الصحافة الفرنسية: «قررت الفصائل عدم المشاركة في محادثات آستانة» بسبب «عدم تنفيذ أي من التعهدات الخاصة بوقف إطلاق النار» الذي تم التوصل إليه برعاية روسية تركية في 30 ديسمبر (كانون الأول). وقال أحمد عثمان قائد فصيل السلطان مراد القريب من تركيا: «اتخذنا القرار بعدم المشاركة لأنه لم يتم الالتزام بتثبيت وقف إطلاق النار»، مضيفا: «أبلغنا قرارنا إلى جميع الأطراف» الراعية للمحادثات، موضحاً أن «قوات النظام والميليشيات ما زالت تواصل القصف والتهجير والحصار».
وبينما تجنبت الدبلوماسية الروسية التعليق على قرار المعارضة برفض المشاركة في «آستانة - 3»، بحث وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، التحضيرات لها، خلال اتصال هاتفي بينهما أمس، بمبادرة من الجانب التركي. وقالت الخارجية الروسية إن الوزيرين بحثا كذلك «تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بتثبيت وقف الأعمال القتالية، وإطلاق عملية مفاوضات مثمرة بين السوريين». وأكدت مصادر متقاطعة من العاصمتين الروسية والكازخية، لـ«الشرق الأوسط»، أن جهودا مكثفة تبذلها روسيا وتركيا عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية لإقناع المعارضة السورية بالعدول عن قرارها مقاطعة المفاوضات. وقال المصدر من موسكو إن الحديث يدور عن بعض الخطوات الميدانية في سوريا، بغية تهيئة أي قدر ممكن من المناخات الملائمة لمواصلة العملية، لافتاً إلى إمكانية بحث كل القضايا العالقة خلال المفاوضات، و«المقاطعة لن تحل الأمور بل ستزيدها تعقيداً»، لافتاً في الوقت ذاته إلى «اتصالات سياسية لاحتواء الوضع».
من جانبه أكد يحيى العريضي، مستشار وفد المعارضة في مفاوضات آستانة وجنيف أن «جهات كثيرة» تحاول إقناع المعارضة بالعدول عن قرارها. وفي إشارة إلى ممارسات نظام الأسد، قال العريضي لـ«الشرق الأوسط»، جوابنا على تلك المحاولات: «لا بد أن تضغطوا على من يقوّض آستانة بعدم التزامه بما تم التوقيع عليه»، معربا عن قناعته بأن «رئاسة الجعفري لوفد النظام دليل على عدم الجدية» في التعامل مع عملية آستانة.
في خلفية هذا المشهد أطل رأس النظام السوري أمس، عبر حوار صحافي مع وسائل إعلام أوروبية، نسف خلاله أسس العملية السياسية السورية جملة وتفصيلاً، حين عاد وأكد أن «الأولوية في الوقت الحالي هي التصدي للإرهاب، وكذلك المصالحات المحلية في مختلف المناطق في البلاد»، زاعماً أنه «بعد تنفيذ هذه المهام يمكن أن يدور الحديث حول بحث أي مسائل أخرى». وكان وفد النظام السوري قد أصر على إدراج «التصدي للإرهاب» على جدول أعمال المفاوضات السياسية في «جنيف – 4» إلى جانب «سلات» أخرى رئيسية وضعها المبعوث الدولي سيتفان دي ميستورا على جدول الأعمال، وفق القرار 2254، وهي «الحكم، والدستور، والانتخابات»، ويحذر مراقبون من أن إصرار النظام على «الإرهاب أولاً» سيؤدي إلى تقويض كل الجهود الدولية حول الأزمة السورية.
«آستانة ـ 3» من دون فصائل سورية... وموسكو تلتزم الصمت
جهود مكثفة تبذلها روسيا وتركيا لإقناع المعارضة بالعدول عن قرارها
«آستانة ـ 3» من دون فصائل سورية... وموسكو تلتزم الصمت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة