توقعات إسرائيلية بتحرك أميركي لاستئناف المفاوضات

رجحت الدعوة إلى مؤتمر إقليمي أو قمة ثلاثية تجمع ترمب بعباس ونتنياهو

توقعات إسرائيلية بتحرك أميركي لاستئناف المفاوضات
TT

توقعات إسرائيلية بتحرك أميركي لاستئناف المفاوضات

توقعات إسرائيلية بتحرك أميركي لاستئناف المفاوضات

تتوقع أوساط سياسية في إسرائيل تحرك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لاستئناف المفاوضات لتسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بالدعوة إلى مؤتمر سلام إقليمي يكون منطلقاً لمسيرة مفاوضات جديدة، أو عقد قمة ثلاثية تجمع ترمب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية، إن معلومات عن هذه النية الأميركية تتواتر على الدولة العبرية بقوة في اليومين الماضيين. وأضافت أن ترمب ينوي المشاركة شخصياً في هذه الجهود، عندما تنضج. وسيقام المؤتمر الإقليمي، حسب هذه المصادر، في العاصمة الأردنية أو في العاصمة المصرية. ونقلت عن «بعض المقربين من ترمب» أن الرئيس طلب من مستشاريه بذل جهود «لربط الخيوط بين كل الأطراف، والسعي إلى ألا يكون هذا المؤتمر مجرد مهرجان ضخم بالطقوس الخارجية المبهرجة، بل العمل على أن يكون ذا مضمون».
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر أخرى في تل أبيب، أمس، أن ترمب ينوي زيارة إسرائيل في السنة الأولى من حكمه. وإذا ما حصلت تطورات إيجابية فإنه سيعمل على عقد هذا المؤتمر أيضاً خلال السنة. لكن، في المقابل، قالت المصادر إن الرئيس الأميركي «قد يكتفي بلقاء قمة ثلاثية تضم عباس ونتنياهو معه، يتم فيها إطلاق حوار بين الطرفين بمشاركة أميركية فاعلة». على أن يعمل على تطوير هذا المسار مستشار الرئيس الأقرب زوج ابنته جاريد كوشنر الذي يسعى إلى نيل موافقة الطرفين على إنجاح هذا المسار.
ورفض مكتب نتنياهو التعليق. لكن وزارة الخارجية قالت إنها لا تعرف بوجود مبادرة، إلا أنها رأت أن ترمب «يثبت، بعد شهرين من توليه الرئاسة وبعد ثلاثة أسابيع من لقائه نتنياهو، أنه ينوي بجدية التدخل العميق في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. ومع أن محادثته مع عباس استغرقت عشر دقائق فقط، فإنه يرى أن بالإمكان تحقيق السلام بالمفاوضات المباشرة».
ولتأكيد تقديراتها، أشارت المصادر إلى أن ترمب قرر إرسال مستشاره الثاني لشؤون المفاوضات جايسون غرينبليت إلى الشرق الأوسط خلال أيام، ليلتقي المسؤولين في كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ويتضح من مراجعة الأرشيفات الإسرائيلية أن هناك قصة، ربما توضح شيئا عن غرينبليت وتعيينه مستشاراً. فقبل بضعة أسابيع من الانتخابات الأميركية، دعا ترمب مجموعة من الصحافيين اليهود إلى نيويورك للقائه. وسأله أحدهم كيف سيتعاطى مع موضوع المناطق المحتلة، وهل يسميها الضفة الغربية أو «يهودا والسامرة» كما يسميها اليهود؟ فنظر ترمب حوله ولم يعرف كيف يجيب. ثم التقت عيناه فجأة بغرينبليت، المحامي اليهودي المتخصص في قضايا العقارات لأكثر من 20 سنة في شركات ترمب، فأشار إليه بيده قائلاً: «اسألوه. إنه يفهم في شؤون العقارات وفي شؤون إسرائيل». وسُئل بعد لحظات عمن يقدم له المشورة في شؤون إسرائيل واليهود، فأجاب مجدداً: «جيسون غرينبليت». وبدا أن الجواب وليد اللحظة. فتابع: «غرينبليت وديفيد فريدمان محبان لإسرائيل، وهما المستشاران».
وفريدمان عُيّن سفيراً للولايات المتحدة في تل أبيب، وتم إقرار تعيينه في لجنة مجلس النواب. وما زال ينتظر قرار مجلس الشيوخ ليباشر مهامه. أما غرينبليت فعين مستشاراً، إلى جانب كوشنر، لشؤون المحادثات الدولية وبضمنها المحادثات الفلسطينية - الإسرائيلية.
وسيباشر غرينبليت هذا الأسبوع جولة بين تل أبيب ورام الله في محاولة لتحريك المحادثات العالقة، وليس واضحاً إن كان سيلتقي نتنياهو وعباس. وغرينبليت ولد في نيويورك لعائلة يهودية مهاجرة من المجر، ويعيش اليوم في نيوجيرسي. تخرج في مدرسة يهودية دينية ومتزوج من اختصاصية نفسية، ولهما ستة أولاد. وأصدر كتب إرشاد سياحية عدة، بينها كتاب عن السياحة العائلية في إسرائيل.
وكما يقول معارفه، فإن غرينبليت يؤيد حل الدولتين، لكنه لا يرى في المستوطنات عقبة أمام التسوية. وصرح عشية الانتخابات: «أقول آرائي أمام ترمب، وهو يصغي بانفتاح». وكان أحد الذين ساهموا قبل سنة تقريباً في كتابة خطاب ترمب أمام «إيباك» (اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.