عباس يعتبر مكالمة الرئيس الأميركي تعزيزا لشرعيته

العاهل الأردني يقود جهودا لموقف عربي واحد قبل إطلاق عملية سلام

«عرب 48» يتظاهرون ضد مشروع قانون منع الأذان بالقرب من عكا أمس (أ.ف.ب)
«عرب 48» يتظاهرون ضد مشروع قانون منع الأذان بالقرب من عكا أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس يعتبر مكالمة الرئيس الأميركي تعزيزا لشرعيته

«عرب 48» يتظاهرون ضد مشروع قانون منع الأذان بالقرب من عكا أمس (أ.ف.ب)
«عرب 48» يتظاهرون ضد مشروع قانون منع الأذان بالقرب من عكا أمس (أ.ف.ب)

قال مسؤولون بارزون في واشنطن ورام الله إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المكالمة الهاتفية، التي جرت بينهما مساء أول من أمس، إنه حان الوقت لإجراء صفقة سلام في المنطقة دون أن يشير إلى حل الدولتين، وهو الحل الذي أعاد عباس التأكيد عليه، في مؤشر على تباين في الرؤية حول طريقة الحل المنتظر.
وقال بيان للبيت الأبيض إن الرئيس ترمب «أكد قناعته الشخصية بإمكانية التوصل إلى سلام، وقد حان وقت إبرام صفقة، وهذه الصفقة لن تمنح الإسرائيليين والفلسطينيين السلام الذي يستحقونه فقط، بل سيكون لها صدى واسع في المنطقة والعالم».
وبحسب البيان فقد «شدد الرئيس ترمب على أن اتفاق السلام يجب أن يكون ثمرة مفاوضات مباشرة بين الأطراف، والولايات المتحدة ستعمل بشكل وثيق مع القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية لإحراز تقدم نحو هذا الهدف».
وأبلغ ترمب عباس بأن الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها فرض حل على الإسرائيليين والفلسطينيين، وأن أي طرف لا يمكنه فرض اتفاق على الطرف الآخر أيضا.
ورد عباس بأنه ملتزم بصنع السلام.
وأكد المسؤول الفلسطيني صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن عباس ردّ بـ«وجوب إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 باعتبارها ضمانة للأمن والاستقرار وخدمة لمصالح الأطراف كافة».
ويشير حديث ترمب عن صفقة بعد إجراء مفاوضات مباشرة إلى رغبة مخالفة لما يريده الفلسطينيون حول آلية دولية للمفاوضات، كما يشير حديث عباس إلى تمسكه بحل الدولتين إلى رغبة مخالفة لما قاله ترمب عن صفقة يتفق عليها الطرفان، في إشارة إلى أن شكل الحل المنشود يمكن أن يكون أي شيء غير الدولتين.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إنه وبرغم التباين في وجهات النظر لا تنوي السلطة الاصطدام مع ترمب أو إغضابه، بل تريد العمل معه من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، وأضافت أن «الرئيس عباس لا يريد فتح جبهة مع ترمب، بل إنه سيعمل بدبلوماسيته المعهودة من أجل الحصول على الحقوق الفلسطينية غير منقوصة».
ويسعى الفلسطينيون، حسب مراقبين، لكسب ترمب إلى جانبهم بعدما بادر الأخير بفتح خط مع عباس، وليس خسارته.
واستقبل اتصال الرئيس ترمب باهتمام شديد في رام الله، وذلك بعد فترة من الترقب حول شكل العلاقات بينهما، خاصة أن السلطة الفلسطينية حاولت منذ انتخاب ترمب رئيسا للولايات المتحدة، التواصل معه لكن من دون جدوى، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى قررت أوساط في إدارته التواصل مع مسؤولين أمنيين في السلطة الفلسطينية، ومن ثم اتصل هو بعباس.
وقال نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة: «إن التواصل الفلسطيني - الأميركي، الذي تم على أعلى مستوى، والمتمثل في اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وزيارة مدير (CIA) قبل أسبوعين إلى الرئاسة ولقائه بالرئيس محمود عباس، هي بلا شك تساهم في رسم مسار تطورات أحداث المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بمضمون أو توقيت هذه الاتصالات».
وأضاف أبو ردينة موضحا في بيان «إن هذه الاتصالات عالية المستوى نزعت الأوهام الإسرائيلية بأن الرئيس عباس ليس شريكا للسلام، وهي تمثل رسالة واضحة بأن الحل يتمثل بالشرعية الفلسطينية والعربية والدولية، وليست أوهاما أو مشاريع لا علاقة لها بتطور الأحداث»، مضيفا: «إن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع، ومن دون ذلك لا سلام ولا أمن في المنطقة».
وأشار أبو ردينة إلى أن الاتصالات «أكدت أيضا أن إقامة دولة فلسطين هي من أسس الأمن القومي العربي بأسره، وهو الأمر الذي حافظت عليه الأجيال الفلسطينية والعربية المتعاقبة»، مبرزا «أن القمة العربية المقبلة ستكون فرصة لدعم وتعزيز الموقف الفلسطيني الثابت، من خلال المشاركة وتضافر الجهود والتنسيق المتكامل الفلسطيني - العربي في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة، والتي نواجه فيها ثقل التحديات المقبلة، الأمر الذي يتطلب بذل كامل المسؤولية الوطنية والقومية لمواجهتها، ونحن واثقون على قدرتنا كفلسطينيين وعرب على تجاوز مآسي المرحلة وتداعياتها الخطيرة».
وكان أبو ردينه يقصد توقيت اتصال ترمب قبل القمة العربية المقررة نهاية الشهر الجاري في الأردن.
وكان عباس نسق مع العاهل الأردني الملك عبد الله قبل اتصال ترمب به من أجل مناقشة تفاصيل تتعلق بالمكالمة والموقف العربي والفلسطيني. واتصل عباس بعبد الله الثاني مرة أخرى أمس، وتم خلال الاتصال الحديث عن الاستعدادات لعقد القمة العربية نهاية الشهر الجاري في العاصمة الأردنية عمان، والجهود العربية لإنجاحها لتوحيد الصف العربي ودعم القضية الفلسطينية.
كما وضع الرئيس عباس العاهل الأردني في صورة المكالمة الهاتفية، التي جرت مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خاصة فيما يتعلق بحل الدولتين، والتزام الرئيس ترمب بعملية سلام حقيقية، وتم الاتفاق على استمرار التشاور والتنسيق بين الجانبين.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الملك عبد الله يقود جهودا عربية من أجل توحيد المواقف بشأن القضية الفلسطينية، وقد ينتج عنها مصالحة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعباس بعد خلافات أخيرة بينهما.
وقالت المصادر إن الملك عبد الله يريد أن تكون القمة العربية ناجحة إلى حد كبير، ويسعى إلى إحداث اختراق في عملية السلام، التي ستكون على طاولة القمة العربية للبحث، كما ستكون على طاولة عباس وترمب أثناء لقائهما في واشنطن.
وكان ترمب قد وجه دعوة لعباس لزيارة البيت الأبيض في وقت قريب لم يعلن عنه.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.