ماي خاوية اليدين في قمة الاتحاد الأوروبي

ميركل تعتبر خروج بريطانيا {صيحة تنبيه}

المستشارة الألمانية تستمع لحديث رئيسة وزراء بريطانيا بحضور رئيس وزراء هولندا (يسار) ورئيس وزراء الدنمارك ورئيسة ليتوانيا (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية تستمع لحديث رئيسة وزراء بريطانيا بحضور رئيس وزراء هولندا (يسار) ورئيس وزراء الدنمارك ورئيسة ليتوانيا (إ.ب.أ)
TT

ماي خاوية اليدين في قمة الاتحاد الأوروبي

المستشارة الألمانية تستمع لحديث رئيسة وزراء بريطانيا بحضور رئيس وزراء هولندا (يسار) ورئيس وزراء الدنمارك ورئيسة ليتوانيا (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية تستمع لحديث رئيسة وزراء بريطانيا بحضور رئيس وزراء هولندا (يسار) ورئيس وزراء الدنمارك ورئيسة ليتوانيا (إ.ب.أ)

كانت هناك توقعات بأن تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا ربما ستحمل خطابا رسميا إلى القمة، فإنه يبدو أنها وصلت فارغة اليدين بعدما تسببت مناورة تشريعية في تأخير جدولها الزمني. وتعتزم بريطانيا الإعلان رسميا عن نيتها الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل نهاية مارس (آذار) الجاري، يتبع هذا مدة أقصاها عامان من المفاوضات. وربما ستكون القمة هي الأخيرة قبل أن تتقدم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي وصلت إلى بروكسل، بطلب تفعيل آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وطالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الدول الأعضاء المضي في التكامل على خلفية تصويت بريطانيا العام الماضي للخروج من التكتل، وقالت: يجب أن تكون الحالة البريطانية صيحة تنبيه للاتحاد. وقالت ميركل لمجلس النواب الألماني (البوندستاغ) قبل مشاركتها في قمة الاتحاد في بروكسل التي بدأت أمس: «يجب أن نرى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كصيحة تنبيه رغم الكثير من العوامل المحددة التي لعبت دورا بالنسبة للناخبين البريطانيين». وأكدت أن محادثات الخروج لن تبدأ ألا حينما تفعل بريطانيا المادة 50 من اتفاقية لشبونة الخاصة بالاتحاد الأوروبي التي تنطلق بموجبها محادثات الانسحاب. وسيعرض مشروع القانون الرامي إلى السماح للحكومة البريطانية بإطلاق عملية البريكست على نواب البرلمان بدءا من الاثنين المقبل، بحسب ما أعلن الخميس رئيس مجلس العموم البريطاني ديفيد ليدنغتون. وأوضح ليدنغتون أن هذه العملية قد تستمر حتى يومي الثلاثاء والأربعاء، من أجل تبني قرار نهائي حوله.
القمة الأوروبية في بروكسل يسيطر على أجندتها قضايا الأمن والمهاجرين، كما من المتوقع على نطاق واسع إعادة انتخاب دونالد توسك، الرئيس الحالي للمجلس الأوروبي، رغم عدم وجود دعما له من بلده بولندا، والتي هددت بإفشال القمة إذا أعيد انتخابه. وقال وزير الخارجية البولندي فيتولد فاشيكوفسكي للقناة الخاصة «تي في إن24» الخميس: «سنفعل ما بوسعنا حتى لا يجري التصويت اليوم (...) وسنبلغ شركاءنا بأن القمة ستكون مهددة إذا عملوا على التصويت عليه». وأضاف: «أبلغنا الألمان رسالة مفادها أنه من غير الضروري انتخاب رئيس المجلس الأوروبي اليوم»، مؤكدا أن «اللقاءات المتعلقة بدعم المرشحين مستمرة». ويشغل رئيس الوزراء البولندي الليبرالي الأسبق منذ نهاية 2014 رئاسة هذه المؤسسة الأوروبية التي يتلخص دورها في تنسيق القمم الدورية التي يحضرها رؤساء الدول والحكومات لتحديد الأولويات السياسية للاتحاد الأوروبي. وهو يتمتع بدعم واسع من قادة الدول لكن وفي حدث غير مسبوق، تعترض عليه بلاده التي اقترحت مرشحا منافسا له هو النائب الأوروبي ياتسيك ساريوش - فولسكي. يفترض أن يحصل المرشح على أغلبية موصوفة من 21 بلدا على الأقل، تمثل 65 في المائة من سكان الاتحاد الأوروبي.
وأدان دبلوماسي من بلد أوروبي «الرغبة في تصدير مشكلة داخلية» من قبل وارسو التي لا تلقى حتى الآن سوى دعم المجر التي يرئس فيكتور أوروبان حكومتها. وقال دبلوماسي آخر لفرانس بريس «آمل أن نتوصل إلى وسيلة تسمح لشيدلو بالتعبير عن رأيها من دون أن تخل بالعملية»، في إشارة إلى إجراءات تعيين تاسك.
وسيجري القادة مباحثات بشأن الوضع الاقتصادي الأوروبي والوضع حاليا في غرب البلقان وكذلك التعاون الدفاعي والعسكري. وناشدت ميركل الاتحاد الأوروبي اتباع سياسة تجارية موحدة ومنفتحة في ظل سياسة الحمائية التي يتبعها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب.
وقالت ميركل: «حتى وإن رأينا في أجزاء من العالم اتجاهات قومية وحمائية تنتشر: فإنه يتعين على أوروبا ألا تنعزل أو تنغلق أو تنسحب مطلقا». وأكدت ميركل قائلة: «يتعين على أوروبا الحفاظ على انفتاحها تجاه العالم، لا سيما في السياسة التجارية أيضا».
دعت المستشارة الألمانية لتكثيف المساعي المشتركة التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي من أجل الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا. وقالت ميركل في بيان حكومي بالبرلمان الألماني «بوندستاغ» إنه لا يزال هناك كثير من الأمور بحاجة إلى إدخال تحسينات، لافتة إلى أن وضع اللاجئين في الجزر اليونانية لا يزال غير مرض. وأكدت أنه من خلال حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ومكافحة أسباب اللجوء يمكن إنقاذ حياة البشر. ودعت ميركل لمواصلة أوجه التعاون مع المواطن التي ينحدر منها اللاجئين ودول العبور التي يستخدمونها وفقا لنموذج اتفاق اللجوء بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. وبعد اجتماع اليوم الأول بحضور قادة الدول الـ28، ستترك رئيسة الوزراء البريطانية نظراءها الجمعة ليناقشوا في غيابها مستقبل الاتحاد بعد خروج المملكة المتحدة.
ويأمل الأوروبيون في أن يتمكنوا من التأكيد على أن أوروبا ستخرج أكثر اتحادا من هذا الاختبار، لكنهم منقسمون حاليا حول المفهوم المبهم لاتحاد أوروبي يعمل «بسرعات متفاوتة» في مناقشاتهم حول مرحلة ما بعد بريكست.
ويفترض أن ينتقل القادة الأوروبيون لمناقشة مشاريعهم في مجال الدفاع. وسيناقشون أيضا الوضع في غرب البلقان حيث يثير تصاعد التوتر وتدهور الوضع السياسي قلقهم. والجمعة وفي غياب تيريزا ماي، سيخصصون اجتماع الصباح للإعداد «لإعلان روما» الذي ينوون نشره بمناسبة الذكرى الستين لتوقيع المعاهدة التأسيسية للاتحاد التي سيتم الاحتفال بها في العاصمة الإيطالية في 25 مارس (آذار).
لكن المفهوم المسبب للانقسام حول مستقبل «بسرعات متفاوتة» لأوروبا هو الذي يثير الجدل، مع دعم قوي من باريس وبرلين اللتين ترغبان خصوصا في تعزيز الدفاع الأوروبي من دون أن تعرقل الدول المتحفظة على ذلك مشاريعهما. لكن دولا أخرى تشعر بالقلق من أن تصبح أعضاء من الدرجة الثانية في الاتحاد مثل مجموعة فيزيغراد (المجر وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا) التي عبرت في الأشهر الأخيرة عن معارضتها الشديدة لسياسة الهجرة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي. وقال دبلوماسي من إحدى هذه الدول محذرا: «يجب التزام الحذر. إذا بالغنا في الأمر يمكن أن نصل إلى تفكك» للاتحاد.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».