كيري يبدي انزعاجه من أحكام الإعدام الجماعية.. وفهمي يؤكد استقلال القضاء

سيناتور بارز يهدد بـ«عرقلة» المعونات العسكرية.. وألمانيا تستدعي السفير المصري

وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بداية مؤتمر صحافي مع نظيره المصري نبيل فهمي في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بداية مؤتمر صحافي مع نظيره المصري نبيل فهمي في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

كيري يبدي انزعاجه من أحكام الإعدام الجماعية.. وفهمي يؤكد استقلال القضاء

وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بداية مؤتمر صحافي مع نظيره المصري نبيل فهمي في واشنطن أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بداية مؤتمر صحافي مع نظيره المصري نبيل فهمي في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

ساد التوتر محادثات وزير الخارجية المصري نبيل فهمي مع نظيره الأميركي جون كيري، صباح أمس بمقر الخارجية الأميركية، حيث سيطرت الانتقادات الأميركية لأحكام الإعدام بحق أعداد كبيرة من التابعين لجماعة الإخوان المسلمين على الجو العام للمحادثات، فيما رد الوزير المصري بقوة رافضا تلك الانتقادات، مؤكدا على أن الحكومة المؤقتة في مصر تحترم مبدأ الفصل بين السلطات، وأن السلطة القضائية مستقلة ولا أحد يستطيع التعليق على أحكامها. في وقت هدد فيه السيناتور الأميركي باتريك ليهي، رئيس اللجنة الفرعية للمخصصات بمجلس الشيوخ، بأنه لن يوافق على إرسال مساعدات مالية للجيش المصري، بينما استدعت الخارجية الألمانية السفير المصري للاحتجاج على الأحكام، ولحث القاهرة على توفير محاكمة عادلة للمتهمين.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قبيل بدء محادثاته مع وزير الخارجية المصري، إن «ما يحدث في مصر خلال الأسابيع والأشهر المقبلة مهم جدا لنا جميعا، ومصر تشهد عملية انتقال صعبة للغاية، وهناك قرارات مزعجة في الجهاز القضائي، وهي تشكل تحديا خطيرا بالنسبة لنا جميعا». وأضاف «لقد ناقشنا ذلك بصراحة وبشكل مباشر، ونفعل ذلك بروح تريد العثور على طريق لمصر لتمضي قدما عبر هذه المرحلة الصعبة وتقوم باتخاذ خطوات توفر الاستقرار، حيث يتطلع الجميع لمصر وقيادتها والدور التي تقوم به كشريك استراتيجي».
وأشاد وزير الخارجية الأميركي بالدستور المصري الذي جرى إقراره، وعده «خطوة إيجابية» للأمام، مطالبا الحكومة المصرية بانتهاج أسلوب العمل وليس الكلمات وتطبيق مبادئ الدستور بشكل يشمل جميع أطياف المجتمع المصري. وشدد كيري على أن الولايات المتحدة تريد أن تنجح مصر كدولة ديمقراطية، وقال «نتطلع أن تحقق مصر خطوات تعطي للشعب المصري الثقة في المستقبل».
من جهته، شدد فهمي على أنه يمثل شعبا يريد تحقيق الديمقراطية، وأن «مصر قادرة على التحول إلى دولة ديمقراطية بكل ما للكلمة من معني». وأكد أن الحكومة المصرية المؤقتة تحترم مبدأ الفصل بين السلطات، وقال إن «السلطة القضائية في مصر مستقلة تماما، ولا أستطيع التعليق على أحكام القضاء. ويجب على العالم احترام أحكام القضاء المصري لأن الأحكام صدرت بعد أن سارت في مسارها القضائي الصحيح». كما أكد على أهمية تعزيز العلاقات المشتركة، موضحا أن الاختلافات في وجهتي النظر المصرية والأميركية لا يقلل من قيمة العلاقات التاريخية بين البلدين، متابعا «قادرون على مواجه المشاكل التي تؤثر في علاقاتنا».
من جانبها، قالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن لقاء كيري بنظيره المصري هو فرصة للحديث وجها لوجه، وإن وزير الخارجية الأميركي «سيركز بالتأكيد على التزامنا المستمر في علاقة طويلة الأمد مع مصر، لكن لدينا أيضا مخاوف بشأن الأحداث الأخيرة، وعلى وجه التحديد أحكام الإعدام الجماعية التي أصدرتها محكمة المنيا يوم الاثنين، والحكم بحظر أنشطة حركة شباب 6 أبريل». وأضافت «إننا نحث الحكومة المصرية على السماح بالتظاهر، ودعم حقوق الإنسان العالمية».
تعد زيارة فهمي للولايات المتحدة أول زيارة دبلوماسية رسمية لمسؤول مصري في أعقاب ثورة 30 يونيو (حزيران). وعقد كيري اجتماعا مساء أول من أمس مع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وقدم فهمي شرحا للتطورات المختلفة في مصر منذ الصيف الماضي؛ بما في ذلك إقرار الدستور الجديد والاستعدادات الجارية في مصر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وأشار أحد مساعدي النائب إيد رويس، رئيس اللجنة، إلى أن فهمي ركز على قيام الحكومة المصرية بمواجهة الإرهاب في إطار القانون، فيما قال بيان صادر عن الخارجية المصرية إن فهمي ناقش مع أعضاء الكونغرس التطورات الداخلية، بما في ذلك الأحكام القضائية، مشددا على أهمية الفصل بين السلطات وعدم التدخل في شؤون السلطة القضائية.
من جهة أخرى، قال السيناتور الأميركي باتريك ليهي، رئيس اللجنة الفرعية للمخصصات بمجلس الشيوخ التي تشرف على المساعدات الخارجية، أمس، إنه لن يوافق على إرسال مساعدات مالية للجيش المصري، مستنكرا ما وصفه بـ«المحاكمة الصورية»، التي قضت فيها محكمة بإحالة أوراق 683 شخصا إلى مفتي البلاد تمهيدا للحكم بإعدامهم.
وقال ليهي، في كلمة بالمجلس، موضحا سبب رفض إرسال المساعدات، التي تبلغ قيمتها 650 مليون دولار «لست مستعدا للموافقة على تسليم مساعدات إضافية للجيش المصري. لست مستعدا لفعل ذلك إلى أن نلمس أدلة مقنعة على التزام الحكومة المصرية بسيادة القانون».
وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قالت الأسبوع الماضي إنها ستسلم عشر طائرات هليكوبتر حربية «أباتشي» و650 مليون دولار للجيش المصري؛ مخففة تعليقا جزئيا للمساعدات فرضته بعدما عزل الجيش الرئيس محمد مرسي العام الماضي عقب احتجاجات على حكمه، وشنت حملة عنيفة ضد متظاهرين مؤيدين له.
وعلى صعيد ذي صلة، قالت الخارجية الألمانية، أمس، إن ألمانيا استدعت السفير المصري لديها للاحتجاج على ما قالت إنها «أحكام إعدام جماعية»، ولحث القاهرة على توفير محاكمة عادلة للمتهمين. وقال وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، في بيان، إن «المئات من أحكام الإعدام تجعل مما نفهمه على أنه مبادئ ديمقراطية أضحوكة». وأضاف أن «السلطات المصرية تخاطر بمزيد من عدم الاستقرار في بلادها، وترسيخ الانقسامات السياسية والاجتماعية قبل الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) المقبل».
من جانبها، أصدرت السفارة المصرية لدى الولايات المتحدة بيانا استنكرت فيه الانتقادات التي وجهها البيت الأبيض والخارجية الأميركية لأحكام القضاء المصري. وقال البيان «نؤكد على حقيقة أن الحالات التي حكم فيها بالإعدام جرت تحت سلطة قضائية مستقلة. واستقلال القضاء هو اللبنة الأساسية لجميع الديمقراطيات، وليس للسلطة التنفيذية التدخل في هذه العملية القضائية بما يقوض استقلالها». وأكد البيان أن أحكام الإعدام ليست سوى خطوة أولى في عملية قانونية تنطوي على مراحل مختلفة لاستئناف الحكم. وأشار البيان إلى قيام النيابة العامة في مصر بإجراءات لاستئناف تلك القرارات.
وشددت السفارة المصرية في الولايات المتحدة على أن مصر تواصل المضي في العملية الانتقالية إلى الديمقراطية، وسوف تكون في وضع يمكنها من ترجمة مبادئ الدستور الجديد وتعديل القوانين القائمة لإقامة مجتمع عصري يحترم حقوق وحريات جميع أطياف الشعب المصري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».