الميليشيات تفاقم معاناة «الحديدة» بتصعيد الانتهاكات

الانقلاب يعوض خسائر المخا بقصف تعز عشوائياً

الميليشيات تفاقم معاناة «الحديدة» بتصعيد الانتهاكات
TT

الميليشيات تفاقم معاناة «الحديدة» بتصعيد الانتهاكات

الميليشيات تفاقم معاناة «الحديدة» بتصعيد الانتهاكات

قال غالب القديمي، عضو تحالف «رصد للحقوق» بالحديدة، إن «الميلشيات فاقمت معاناة أهالي المحافظة بتصعيد الانتهاكات، وعدم تزويد الحكومة الشرعية بكشوفات الموظفين حتى يتسنى دفع مرتباتهم».
وأضاف القديمي لـ«الشرق الأوسط» أن الحديدة تعاني من انقطاع للكهرباء منذ عامين وتوقف مرتبات الموظفين منذ ستة أشهر، والمعاناة الجديدة تتمثل في انقطاع الماء عن المدينة منذ عشرة أيام... يعيش أبناء مدينة الحديدة وضعا مأساويا في ظل صمت العالم أجمع، ويموت أبناء تهامة يوميا بسبب فقرهم وعوزهم وبسبب الحرب الدائرة وانتهاكات الميليشيات الانقلابية التي حرمتهم كل معاني الحياة.
ودعا الأمم المتحدة و«الصليب الأحمر»، للضغط على ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية إلى تجنيب محافظة الحديدة الحرب والدمار وتسليم كشوفات الموظفين ليتسنى للحكومة الشرعية صرف مرتباتهم.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه تحالف رصد وهو منظمة مجتمع مدني محلية غير حكومية في محافظة الحديدة الساحلية، ارتكاب ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية نحو 192 حالة انتهاك في محافظة الحديدة لشهر فبراير (شباط) 2017، تنوعت ما بين قتل واختطاف وتجنيد أطفال وغير ذلك.
وقال التحالف في تقريره الحديث إن فريق الرصد المحلي بمحافظة الحديدة التابع للتحالف اليمني لرصد الانتهاكات رصد 192 حالة انتهاك تتمثل في الاعتداء على الأشخاص و128 حالة خطف لمواطنين، بينهم 20 طفلا من دار الأيتام، وباقي المختطفين سياسيون وناشطون وتربويون وصحفيون وموظفون حكوميون وفئات عمالية.
وأضاف التقرير أنه تم رصد «7 حالات تجنيد لأطفال قتلوا منهم 5، وحالة واحدة تجنيد معاق، إضافة إلى رصد 3 حالات اعتداء جسدي، وحالة واحدة اعتداء على الحريات العامة نسائية، ورصد 10 مواقع تم زراعة ألغام فيها من قبل الميليشيات الانقلابية و7 حالات اعتداء على ممتلكات عامة تتمثل في نهب وإغلاق، بينها حالتان اقتحام مساجد وحالة اقتحام مرفق صحي، وحالة اقتحام دار للأيتام».
وعلى الصعيد الميداني، لا تزال مدينة تعز والمدن والمحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، تعاني ويلات القصف المكثف والعشوائي، فضلا عن الحصار المطبق من قبل ميليشيات الحوثي وصالح.
وتسعى الميلشيات إلى التعويض عن سلسلة الخسائر التي منيت بها في الساحل الغربي لمدينة تعز، بتصعيد قصفها وانتهاكاتها في الجوف ومأرب وعتمة وفي مدينة تعز وريفها من قتل وتهجير وقنص وحصار وغيرها.
واشتدت المواجهات بين الجيش اليمني والميليشيات الانقلابية في محيط المكلل ومعسكر التشريفات، شرق مدينة تعز التي سقط فيها قتلى وجرحى من الميليشيات الانقلابية، إضافة إلى سقوط خمسة قتلى من صفوف الجيش والمقاومة ومدنية، وإصابة خمسة آخرين جراء القصف المدفعي على أحياء سكنية في مدينة تعز، خلال اليومين الماضيين.
وفي ريف المحافظة، أحبطت وحدات من اللواء 35 مدرع هجمات الميليشيات الانقلابية في عدد من المناطق، في الوقت الذي تواصل فيها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية قصفها على مواقع الجيش والقرى.
إنسانيا، قدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قافلة إغاثية لأهالي تعز، المحاصرة منذ العامين، الذين هجرتهم الميليشيات الانقلابية من قراهم ومنازلهم من أهالي مديريات مقبنة والمعافر وجبل حبشي. وتمثلت القافلة الإغاثية من 13 شحنة محملة بالمواد الغذائية ومواد إيواء للنازحين.
وقال عدنان حزام، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر قدمت مواد غذائية وإيوائية لنحو 7000 ألف نازح للمتواجدين في مديرية جبل حبشي ومديرية الشمايتين في تعز، وذلك في الوقت الذي تسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تقديم المزيد من المساعدات خلال الفترة القادمة في المناطق المتضررة من النزاع سواء في محافظة تعز أو غيرها من المحافظات اليمنية الأخرى».
وأكد أن «تلك الجهود جاءت من خلال تواصل اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع أطراف الصراع في اليمن لتسهيل عملها في الميدان وتمكينها من الوصول إلى الأماكن الأكثر تضررا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.