العبادي: سنلاحق «داعش» داخل سوريا ودول مجاورة أخرى

انطلاق فعاليات «ملتقى السليمانية» بحضور فوكوياما مؤلف «نهاية التاريخ»

برهم صالح يلقي كلمته أمام ملتقى السليمانية أمس
برهم صالح يلقي كلمته أمام ملتقى السليمانية أمس
TT

العبادي: سنلاحق «داعش» داخل سوريا ودول مجاورة أخرى

برهم صالح يلقي كلمته أمام ملتقى السليمانية أمس
برهم صالح يلقي كلمته أمام ملتقى السليمانية أمس

قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إن العراق سيواصل ضرب أهداف تابعة لتنظيم داعش، في سوريا وفي بلدان مجاورة بعد موافقتها.
وأضاف العبادي خلال فعاليات «ملتقى السليمانية» الذي تنظمه الجامعة الأميركية بالمدينة: «أحترم سيادة الدول، لهذا حصلت على موافقة الحكومة السورية في ضرب مواقع للإرهاب في البوكمال السورية، لأن هذه المواقع الإرهابية هي التي تمكِّن السيارات المُفخخة التي ترسلها إلى بغداد وإلى باقي المدن العراقية للقيام بأعمال إرهابية وسنستمر في محاربة الإرهاب». وكان العبادي أعلن في 24 فبراير (شباط) أول ضربة جوية عراقية داخل الأراضي السورية، حيث جرى استهداف مواقع لـ«داعش» رداً على تفجيرات في بغداد.
وقال العبادي: «لن أتردد في ضرب مواقع إرهاب في دول مجاورة تهدد داخل العراق».
وأضاف أن إجمالي الضرر الذي لحق بالممتلكات والبنية الأساسية الناجم عن تنظيم داعش نحو 35 مليار دولار. وفقد التنظيم المتشدد معظم المدن العراقية التي سيطر عليها في شمال وغرب العراق، عامي 2014 و2015، ويواجه الآن هجوماً مدعوماً من الولايات المتحدة على آخر معاقله الرئيسية، وهي مدينة الموصل. ويسيطر التنظيم أيضاً على أجزاء في سوريا.
وانطلقت في محافظة السليمانية بإقليم كردستان صباح أمس (الأربعاء)، فعاليات «ملتقى السليمانية» بدورته الخامسة الذي تنظمه الجامعة الأميركية بالمدينة على مدى يومين بحضور عدد كبير من الساسة والباحثين يتقدمهم العبادي.
ويستضيف الملتقى عدداً كبيراً من الشخصيات السياسية والاقتصادية والأكاديمية الأميركية والعراقية والإيرانية والكردية، لمناقشة مختلف قضايا العراق والمنطقة، ومنها المتعلقة بمرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش، وكان لافتاً في الملتقى حضور المفكر الأميركي ومؤلف كتاب «نهاية التاريخ» فرنسيس فوكوياما، إلى جانب أعضاء سابقين في الكونغرس الأميركي، والأمينين السابقين للجامعة العربية عمرو موسى ونبيل العربي. وكانت أعمال الملتقى الأول انطلقت عام 2013 بإشراف المعهد الإقليمي والبحثي الدولي في الجامعة الأميركية بالسليمانية، وتمويل شركات راعية.
وافتتح الملتقى أعماله بكلمة رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي وصل إلى السليمانية بعد زيارته لها، أول من أمس، قيادة عمليات نينوى، ولقائه برئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني.
وقال العبادي أثناء كلمته: «رأيت، أمس، في الموصل مقاتلين أبطالاً من كل المحافظات والمكونات العراقية»، مضيفاً أن «معركة الموصل معركة مصيرية ووجودية ضد من يحاولون تغيير حضارتنا، والشراكة في الحكم، وتقسيم المجتمع، ويسعون لسلب حرية الفكر والتعايش».
وذكر أن «القوات العراقية والبيشمركة يقاتلون معاً لأول مرة، في حين كانت هنالك علاقة عدم ثقة بينهما، لكنهم الآن يأكلون معاً ويشربون معاً وينامون معاً، وهناك ثقة متبادلة ليس على مستوى القادة بل على صعيد القواعد»، مشدداً على «تغيير مفهوم المناطق المتنازع عليها (وهو مصطلح سلبي) إلى المناطق المتفق عليها لإعمارها»، في إشارة إلى المناطق محل النزاع بين إقليم كردستان والمحافظات المجاورة مثل نينوى وكركوك وديالى.
وقال برهم صالح، نائب رئيس الوزراء العراقي السابق ورئيس حكومة إقليم كردستان السابق وعضو مجلس أمناء الجامعة الأميركية بالسليمانية المنظمة لملتقى السليمانية، في كلمة إن «الملتقى سيحاول بحث ومناقشة إيجاد آلية لمنع تكرار أزمة ظهور تنظيم داعش الإرهابي، وكيفية علاج تداعياتها، وبحث الخطوات التي من المفروض اتخاذها في مرحلة ما بعد (داعش)، الذي يبدو أنه في طريقه نحو الزوال، بفضل جهود ودماء قوات البيشمركة، والقوات العراقية النظامية والمساندة».
من جانبه، اعتبر الأستاذ في الجامعة الأميركية في السليمانية الدكتور عقيل عباس، أن «الجانب المهم في ملتقى السليمانية استقطابه لصناع القرار ومفكريهم سنوياً». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المؤتمر مهم، ولو لم يدرك رئيس الوزراء العبادي أهمية المؤتمر لما حضر».
وأشار إلى احتمال حضور وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي، معتبراً أنه ومع فضاء التوتر الذي تعيشه العلاقات الأميركية الإيرانية ربما «يعقد الأمور بعض الشيء». لكنه يرى أن الملتقى «لحظة حوار، يتناقش الناس خلاله أفضل من أن يتقاتلوا، وهو فرصة طيبة لأن يفهم الناس بعضهم، وفرصة لفهم الآخر».
وبرأيه، فإن ما يحدث على هامش الملتقى من حوارات «مهم جداً»، حيث حدث في العام الماضي، أن «حُلّت مشكلة طوزخورماتو بين منظمة بدر وقوات البيشمركة، بعد لقاءات على هامش المؤتمر حضرها زعيم المنظمة هادي العامري مع قيادات كردية».
وأكد الدكتور عباس أن دوائر الملتقى وجهت دعوات حضور للأمير تركي الفيصل ونائب رئيس الوزراء الكويتي، لكنهما اعتذرا عن الحضور، قبل أسبوع. ويرى عبد الرحمن الجبوري، كبير الباحثين في برنامج الشرق الأوسط في المؤسسة الوطنية للديمقراطية وأحد الحاضرين في الملتقى، أن الحضور جيد بشكل عام وهو مكان «لتداول الأفكار وليس له صفة رسمية لتكون نتائجه ملزمة».
وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط»: «لم أرَ حضوراً إقليمياً بمستوى المؤتمر، سواء من إيران أو تركيا أو الخليج، ومعظم الحاضرين من الأميركيين والعراقيين»، لكنه اعتبر أن الحضور جيد بشكل عام، وأكد حضور الأمينين السابقين للجامعة العربية عمر موسى ونبيل العربي، إلى جانب أعضاء سابقين في الكونغرس الأميركي، إلى جانب السفير الأميركي السابق في العراق زلماي خليل زادة وتمارا كوفمان ويتس المسؤولة السابقة في الخارجية الأميركية، في عهد الرئيس باراك أوباما في قضايا الشرق الأوسط. ولاحظ الجبوري غياب تمثيل رسمي لحكومة أربيل، لكنه لمح حضور وزير المالية السابق هوشيار زيباري ونائب رئيس الوزراء قباد طالباني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.