البرلمان التونسي يعقد جلسة لتشخيص مشاكل التنمية في أربع ولايات

بهدف تقليص التوتر وكبح غضب المواطنين المطالبين بالشغل

البرلمان التونسي يعقد جلسة لتشخيص مشاكل التنمية في أربع ولايات
TT

البرلمان التونسي يعقد جلسة لتشخيص مشاكل التنمية في أربع ولايات

البرلمان التونسي يعقد جلسة لتشخيص مشاكل التنمية في أربع ولايات

بحضور سبعة وزراء من حكومة يوسف الشاهد، ونحو 70 عضوا في حكومة الوحدة الوطنية، وأعلى ممثلي السلطة في الجهات، والمديرين الجهويين في أربع ولايات (محافظات) بالشمال الغربي، عقد مجلس نواب الشعب (البرلمان) أمس جلسة برلمانية، تعد الأولى من نوعها منذ ثورة 2011. وذلك بهدف دراسة مشاغل التنمية في ولايات الشمال الغربي، وبالتحديد في باجة وجندوبة وسليانة والكاف، باعتبارها من المناطق التي عرفت تأخرا كبيرا في مشاريع التنمية الحكومية، والتي تحتاج بشكل عاجل إلى تدخل الحكومة قصد تمكينها من مشاريع استثنائية تلبي حاجيات التنمية والتشغيل.
وحضر الجلسة البرلمانية وزراء المالية والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، والطاقة والمناجم والطاقات المتجددة والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، والتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، والصحة والتكوين المهني والتشغيل.
وقال محمد الناصر، رئيس البرلمان في بداية هذه الجلسة، إن «العمل المكرس لفائدة الجهات لا ينحصر في تشخيص المشاغل، بل يتعداه إلى معالجتها ميدانيا»، في إشارة إلى مطالبة معظم التونسيين بضرورة تنفيذ المشاريع، والإيفاء بالوعود الانتخابية التي قطعتها أحزاب السلطة على نفسها منذ 2011. وأوضح الناصر أن هذه الجلسات ستتواصل خلال الأيام المقبلة بعد القيام بزيارات ميدانية مبرمجة لعدد من الولايات التونسية.
ووفق نواب في البرلمان من المعارضة تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإن هذه الجلسة تأتي لتقليص حدة التوتر في تلك المناطق الحدودية، واستباق حالة الغضب المسيطرة على معظم سكان تلك المناطق، التي تعرف مؤشرات تنمية ضعيفة مقارنة بالمدن الساحلية.
وفي هذا السياق قال الجيلاني الهمامي، النائب البرلماني الممثل للجبهة الشعبية عن منطقة سليانة، إن المستثمرين هجروا المناطق الداخلية ومن بينهم سليانة، مشددا على أن التنمية لا يمكن فقط أن تتحقق عبر إنشاء منطقة صناعية جديدة والاكتفاء بمشاريع صغيرة لفائدة صغار المستثمرين، ودعا الحكومة لخلق حركية اقتصادية متكاملة تضع في اعتبارها خصوصيات تلك الولايات الأربع.
وكانت تقارير حكومية قد أوضحت أن نسبة إنجاز المشاريع في بعض هذه الولايات لم تتجاوز 35 في المائة، وهو ما يعني بالضرورة أن نسبة 65 في المائة من تلك المشاريع الحكومية لم تنجز سواء لأسباب إدارية أو عقارية، وقدرت الحكومة مبلغ الأموال المرصودة للتنمية في كل الجهات والتي لم تعرف طريقها إلى التنفيذ بنحو 10 مليارات دينار تونسي (نحو 4 مليارات دولار)، وهو ما يمثل قرابة ثلث الميزانية الإجمالية لتونس.
وقدمت لجنة التنمية الجهوية في البرلمان تقريرا مفصلا بعد قيامها بزيارات ميدانية إلى المحافظات الأربع المستهدفة. وتضمن هذا التقرير أبرز الصعوبات التي تحول دون دفع عجلة التنمية في الولايات المذكورة، خاصة منها المالية والعقارية، وتبسيط الإجراءات الإدارية والقانونية. كما تضمن آراء وتوصيات تقدم بها مسؤولون جهويون وممثلون عن المنظمات الوطنية، وبعض الجمعيات المدنية ونواب الجهات في البرلمان.
أما بالنسبة لولاية باجة فقد أوصت اللجنة بتمكين الجهة صلاحيات حقيقية وفعلية، مع تركيز آليات رقابية لاحقة لتلافي صعوبات استكمال إنجاز مشاريع التنمية الحكومية وتسهيل إجراءات الاستثمار، وتحويل المنطقة إلى قطب إقليمي ووطني للتنمية.
وبالنسبة لولاية الكاف، فقد دعت اللجنة وزارة الصناعة والتجارة خاصة لاستكمال منجم سراورتان لإنتاج الفوسفات، وإحداث مناطق صناعية جديدة، بالإضافة إلى إرساء مناطق للتبادل الحر مع الجزائر في عدد من المدن الحدودية على غرار ساقية سيدي يوسف وقلعة سنان.
وقدم أعضاء لجنة التنمية الجهوية، التشخيص نفسه على مستوى الصعوبات والمشاكل التي تعترض برامج التنمية في تلك الجهات ذات الطبيعة الجبلية، وأكدوا على ضرورة إنهاء الملفات العقارية، وتمكين صغار الفلاحين من قروض ميسرة، وتركيز مناطق صناعية قادرة على استيعاب فوائض الإنتاج الفلاحي وتحويله إلى منتجات ذات قيمة مضافة، وإعادة فتح بعض المشاريع الصناعية المغلقة على غرار مصنع مطاحن الشمال ومصنع «الفقاع»، ومصنع الفولاذ بغار الدماء وهذه عينة من مصانع مغلقة في ولاية جندوبة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.