تشديد القواعد الأوروبية لمواجهة سفر الإرهابيين

دول الاتحاد أصبحت أكثر جاهزية لمواجهة التهديدات

إجراءات أمنية في محطات القطارات الفرنسية («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في محطات القطارات الفرنسية («الشرق الأوسط»)
TT

تشديد القواعد الأوروبية لمواجهة سفر الإرهابيين

إجراءات أمنية في محطات القطارات الفرنسية («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في محطات القطارات الفرنسية («الشرق الأوسط»)

وافق المجلس الأوروبي في بروكسل أمس، على توسيع الأدوات المتاحة له، من خلال قواعد جديدة، للرد على التهديدات الإرهابية، وتساعد على منع الهجمات الإرهابية، ومن بين تلك الأدوات تجريم إجراء التدريبات أو تنظيم أو تسهيل السفر بغرض المشاركة في أنشطة إرهابية، كما تضمنت القواعد الجديدة ما يضمن تعزيز حقوق ضحايا الإرهاب.
وقالت رئاسة الاتحاد الأوروبي، التي تتولاها حالياً مالطة من خلال وزير العدل أوين يونيسي، إن التوصل إلى اتفاق حول هذه القواعد، يعني أن الاتحاد الأوروبي الآن، أصبح مجهزاً بشكل أفضل لمواجهة التحديات المتمثلة في التهديد الإرهابي، الذي لا يعرف الحدود. وأضاف أن الرسالة واضحة الآن؛ سيتم توقيف المقاتلين الأجانب، الذين يسافرون من وإلى الاتحاد الأوروبي، ولكن الوزير أكد أن الأمن دون احترام الحقوق الأساسية هو أمر غير مقبول، وقال أيضاً إن القواعد الجديدة تتضمن تعزيز حقوق ضحايا الإرهاب، وتشمل ضمانات واسعة للحريات الفردية.
وسيتم العمل بالقواعد الجديدة فور نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد، وستمنح الدول الأعضاء فرصة 18 شهراً لتعديل القوانين الداخلية بما يتناسب مع القواعد الجديدة.
وحسب بيان صدر عن المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، جاءت القواعد الجديدة في شكل توجيه، لإجراء تعديل على التشريعات القائمة، وذلك لتجريم السفر من وإلى الاتحاد الأوروبي لأغراض إرهابية أو ارتكاب هجوم، وكذلك تنظيم وتسهيل السفر سواء من خلال الدعم المالي أو اللوجيستي لمثل هذا النوع من السفر أو وضع مسارات له أو شراء التذاكر أو غيرها، وأيضاً التدريب لأغراض إرهابية، ومنها التدريب على تصنيع متفجرات أو استخدام الأسلحة النارية والمواد الضارة، وتقديم أو جمع الأموال بقصد الاستخدام في ارتكاب جرائم ومخالفات مرتبطة بجماعات أو أنشطة إرهابية.
كما تتضمن التوجيهات الجديدة ضمان حقوق الضحايا، وتوجد قائمة من الخدمات لتلبية الاحتياجات المحددة لضحايا الإرهاب، مثل الحق في الحصول على إمكانية الوصول الفوري إلى خدمات الدعم المتخصصة في تقديم العلاجات الطبية والنفسية والاجتماعية، أو الحصول على المشورة القانونية أو العملية، فضلاً عن تقديم المساعدة في الحصول على التعويض والمطالبة به، وأيضاً تعزيز آليات الاستجابة لحالات الطوارئ على الفور عقب وقوع الهجوم.
وتعتبر موافقة المجلس الوزاري الأوروبي الذي يمثل الدول الأعضاء هي الخطوة الأخيرة بعد أن وافق البرلمان الأوروبي في بروكسل منتصف الشهر الماضي، على القواعد الجديدة على مستوى التكتل الأوروبي الموحد، لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة من قبل المقاتلين الأجانب، الذين يسافرون إلى مناطق الصراعات لأغراض إرهابية وأيضاً لمواجهة التهديدات التي يشكلها ما يطلق عليهم «الذئاب المنفردة»، الذين يخططون بشكل فردي لتنفيذ هجمات. كما وافق البرلمان الأوروبي على قواعد أخرى جديدة، لتكثيف الرقابة على الحدود الخارجية بهدف تحسين الأمن الداخلي للاتحاد الأوروبي.
وفيما يتعلق بقواعد المقاتلين الأجانب والتحضير للإرهاب، تعتبر القواعد الجديدة بمثابة تحديث وتوسيع لإطار القواعد الحالية في الاتحاد، والمخصصة للتعامل مع الجرائم الإرهابية، والآن توسعت لتشمل التهديدات الناشئة.
وقالت البرلمانية الألمانية مونيكا هولمير من كتلة حزب الشعب الأوروبي: «إننا بحاجة إلى توقيف الجناة قبل أن يرتكبوا الأفعال الإرهابية، ولا يجب أن ننتظر حتى نعبر عن الأسف لوقوع مثل هذه الجرائم، والآن أصبح هناك توازن بين تحسين الأمن والحقوق الأساسية، لأنه لا جدوى من أمن بلا حقوق». وبعد نشر القواعد الجديدة في الجريدة الرسمية للاتحاد لن تكون بريطانيا وآيرلندا في وضع التزام بالقواعد الجديدة، ولكن عليهما إبلاغ المفوضية الأوروبية في حال أرادا المشاركة في الأمر. وفي يوليو (تموز) الماضي، صوّت أعضاء البرلمان الأوروبي، على مشروع قانون، يجعل من التحضير لارتكاب هجمات إرهابية جريمة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وتم التصويت من خلال أعضاء لجنة الحريات المدنية.
وحسب مصادر بروكسل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، فقد كان هذا الملف محل نقاشات في اجتماعات أوروبية خلال الفترة الماضية، وخصوصاً في المؤسسة التشريعية الأعلى في التكتل الموحد، وكانت أيضاً محور اهتمام وزراء الداخلية والعدل في مناسبات عدة. ويتواصل التعاون المكثف بين الأجهزة الأمنية في أوروبا ضد مكافحة الإرهاب وأيضاً ما يسمي بـ«الجهاد المسلح»، حسبما ذكرت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الداخلية الهولندي رونالد بلاستيرك، الذي كانت تتولى بلاده الرئاسة الدورية في النصف الأول من العام الماضي، إن تبادل المعلومات يجري بشكل مكثف بفضل الآلية الجديدة، التي بدأ العمل بها أخيراً، وفيها يتم تبادل المعلومات حول المقاتلين من الأوروبيين، الذين يسافرون للقتال في الخارج، وأصبحت تلك المعلومات متوفرة لكل الأجهزة الأمنية، التي تعمل بشكل مشترك، وأشار إلى تحقيق خطوات هامة على طريق مواجهة شبكات تجنيد الشباب عبر الحدود.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».