تلك الرائحة... محاولة لفهم عبق الكتب الورقية وتأثيره في الذكريات

تجربة علمية تبدأ من حاسة الشم بغية الوصول لفهم التاريخ والثقافة

فريق البحث في زيارة مكتبة (نيويورك تايمز)
فريق البحث في زيارة مكتبة (نيويورك تايمز)
TT

تلك الرائحة... محاولة لفهم عبق الكتب الورقية وتأثيره في الذكريات

فريق البحث في زيارة مكتبة (نيويورك تايمز)
فريق البحث في زيارة مكتبة (نيويورك تايمز)

سبق أن أبدى الروائيون إدراكهم لهذه الحقيقة، ربما لأن حياتهم بأكملها محشورة داخل الكتب - فقد قال فلاديمير نابوكوف: «ليس ثمة شيء قادر على إحياء الماضي بصورة كاملة مثل رائحة كانت مرتبطة به ذات يوم». وبالنسبة للكثيرين، تعد رائحة الكتب على وجه الخصوص واحدة من المحفزات القوية لاستعادة ذكريات الماضي، خصوصاً في وقت بدأت فيه الصفحات المطبوعة بوجهها الكلاسيكي في إفساح الطريق أمام الكتب الرقمية.
في الواقع، ظلت رائحة الورق والباكرام داخل إحدى مكتبات مقاطعة ويست تكساس، حيث عملت خلال فترة المراهقة، باقيةً معي لعقود بعدها، مثيرة في خيالي من حين لآخر ذكريات الصبا بمجرد أن ألمس صفحات كتاب قديم.
وعلى امتداد العام الماضي، عكف خبير في شؤون الحفظ بجامعة كولومبيا، الذي يعمل في الوقت ذاته أميناً في مكتبة ومتحف مورغان، على تجربة شعرية علمية فريدة من نوعها تتعلق بحاسة الشم واتصالها بالتاريخ، في محاولة لإثبات وجود علاقة قوية بين الرائحة والذاكرة - في هذه الحالة، الذاكرة الجمعية.
في هذا الصدد، قال جورج أوتيرو بايلوس، بروفسور ومدير شؤون الحفظ التاريخي بجامعة كولومبيا، خلال مقابلة أجريت معه: «عادة ما يبدي العاملون بمجالي اهتمامهم بما يجعل المباني مميزة. في الواقع، فإن الذكريات التي يحملها الأفراد بداخلهم هي ما يضفي على المباني دلالة ثقافية. وتعد الرائحة السبيل الأكثر مباشرة نحو هذه الذكريات، ومع ذلك لا نوليها اهتماماً يُذكر». على مدار العام الماضي، عكف هو وسبعة من طلاب الدراسات العليا على مشروع بالتعاون مع مكتبة متحف مورغان، وبمعاونة كريستين نيلسون، أمينة المكتبة المعنية بالمخطوطات الأدبية والتاريخية. وتمثل هدفهم في خلق شعور بتاريخية مبنى ما يتجاوز مجرد شكله. أما الأداة الرئيسية التي اعتمدوا عليها، فكانت جهازاً لأخذ العينات يشبه قبة كريستالية تخرج منها قناة بلاستيكية من أحد جوانبها.
وخلال التجربة، كان يجري وضع جهاز أخذ العينات برفق فوق مواد - كتب وقطع أثاث وسجاد نادرة - بهدف التقاط الجزيئات المنبعثة منها، التي تخلق رائحة مميزة.
وعلى امتداد زيارات متعددة للمكتبة في وقت متأخر من الشهر الماضي، زار فريق البحث برفقة نيلسون المكتبة الخاصة بجون بيربونت مورغان، الخبير المالي وجامع مقتنيات، الذي بني المكتبة عام 1906، في ماديسون أفنيو قرب 36 ستريت بنيويورك، تضم كنزه الضخم من الكتب والقطع الفنية النادرة. (جرى الجمع بين المباني الثلاثة الأصلية للمكتبة من خلال إضافة حديثة من جانب المعماري رينزو بيانو عام 2006).
في هذا الصدد، قال أوتيرو بايلوس، الذي يدرس دور الرائحة في عملية الحفظ منذ قرابة عقد: «في ظل الظروف العادية، كنا سنتعرض للطرد من أي متحف حال تصرفنا على النحو الذي كنا نتصرف به داخل هذا المتحف، ذلك أننا كنا نجلس على أطرافنا الأربعة ونضع رؤوسنا فوق مكتب مورغان ونعمد إلى شم رائحة صندوق السيجار الخاص به، واستنشاق العبق الموجود داخل القبو الذي يضم مجموعته الشخصية من الكتب، الذي كان لا يزال قوياً للغاية».
وقد تنامى اهتمام أوتيرو بايلوس بمورغان ليس فقط لدوره كواحد من أصحاب المخزونات الرئيسية على مستوى العالم من الكتب والمخطوطات النادرة، وإنما أيضاً، لأن «هذا المبنى يحمل أهمية كبرى للتاريخ الأميركي. ومع هذا، لا يعي أهميته سوى عدد محدود للغاية من الأشخاص»، حسبما قال.
واستطرد موضحاً أنه «واحد من الأماكن التي تحدد داخلها شكل الاقتصاد الأميركي من خلال نفوذ (مورغان) وسطوته».
من ناحيتها، قالت نيلسون: «بالنسبة لي كمسؤولة في مكتبة، كان واحداً من التساؤلات التي لطالما شغلت ذهني: هل هناك رائحة واحدة مميزة للكتب القديمة؟ أميل بقوة نحو الاعتقاد بعدم وجود مثل هذه الرائحة، لكنني الآن على وشك أن أعاين بنفسي الدليل على ذلك».
جدير بالذكر أن هذا «الدليل» من المقرر بلورته على امتداد الشهور القليلة المقبلة داخل أحد معامل مانهاتن التابعة لشركة «إنترناشونال فلافر آند فراغرانسيز» المعنية بإنتاج الروائح والمذاقات الخاصة بكل شيء تقريباً، من العطور إلى المنظفات والحلوى».
من ناحيته، أوضح كارلوس بنايم، كبير خبراء العطور لدى الشركة، الذي شارك في مشروع «مورغان»، إنه سيجري تصنيف آلاف الجزيئات المحصورة داخل جهاز جمع العينات بهدف تحديد أي منها يشكل الرائحة الأساسية لقطع وأسطح من مكتبة «مورغان».

*خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.