نواب تونسيون يطالبون بعرض اتفاقية الهجرة مع ألمانيا على البرلمان

التوقيع على مشروع اتفاق للتعاون الأمني بين تونس والجزائر هذا الأسبوع

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتحدث مع رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتحدث مع رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

نواب تونسيون يطالبون بعرض اتفاقية الهجرة مع ألمانيا على البرلمان

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتحدث مع رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتحدث مع رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد في تونس العاصمة (أ.ف.ب)

طالبت مجموعة من نواب المعارضة داخل مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) بعرض اتفاقية الهجرة، الموقعة الجمعة الماضي بين تونس وألمانيا، بمناسبة زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تونس، على البرلمان.
وأكد النواب أن الدستور التونسي، لعام 2014، يجبر الحكومة على عرض كل الاتفاقيات الموقعة من قبل الدولة التونسية على البرلمان لمناقشتها واتخاذ مواقف تجاهها والمرور إلى التصويت عليها، في حال وجود خلافات حادة حول مضمونها.
وتضمنت الاتفاقية الموقعة بين تونس وألمانيا معطيات حول تنقّل الأشخاص، والإدارة المشتركة للهجرة والعودة الطوعية للاجئين غير الشرعيين والتنمية المتضامنة. وكان يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، قد رفض عرضاً ألمانياً بإقامة مركز لإيواء اللاجئين، وذلك خلال الزيارة التي قام بها إلى ألمانيا يومي 14 و15 فبراير (شباط) الماضي. إلا أن الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، أمضى الجمعة الماضي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتفاقية للهجرة تقضي بقبول المهاجرين التونسيين غير الشرعيين المقيمين في هذا البلد الأوروبي.
وفي هذا الشأن، قال أيمن العلوي، مقرر لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية والقيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارض، في تصريح إعلامي، إن محتوى هذه الاتفاقية لم يعرض على نواب البرلمان ولم يعرف النواب إلا قليلاً من المعلومات التي قدمتها ميركل والتي اتضح من خلالها ترحيل اللاجئين غير الشرعيين إلى تونس.
وأضاف العلوي أن وضع الاتفاقية بين تونس وألمانيا في مقر وزارة الشؤون الخارجية ودعوة النواب للاطلاع على محتواها غير كافٍ لتحديد موقف موحد تجاهها التي تشمل ملفات شائكة في مجال حقوق الإنسان، على حد تعبيره.
وخلال استقبال المستشارة الألمانية في مطار تونس قرطاج الدولي، أشار الرئيس السبسي إلى توقيع اتفاقية مع ألمانيا حول ملف اللاجئين. وأكد السبسي الاتفاق على ترحيل 1500 تونسي مقيم بألمانيا بطريقة غير شرعية، مشيراً إلى أن بنود هذه الاتفاقية لا تمس بسيادة تونس وأمنها القومي، في رد على معارضتها من قبل مجموعة من الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية التونسية، وتنامي المخاوف تجاه الترحيل القسري للاجئين التونسيين، وإمكانية تسلل عناصر إرهابية إلى لوائح العائدين من ألمانيا.
وكشفت المستشارة الألمانية خلال مؤتمر صحافي عن تخصيص مبلغ 250 مليون يورو لدعم التنمية في تونس وتطوير المناطق الريفية الفقيرة وإعطاء الأولوية للشباب الراغب في التدريب والبحث عن فرص عمل منتجة. وانتقدت بعض أحزاب المعارضة التونسية تلك الوعود الاقتصادية الألمانية، واعتبرتها «مقايضة» واضحة بين تقديم الدعم الألماني للتنمية الاقتصادية من جهة، والتزام تونس بقبول ترحيل اللاجئين غير الشرعيين من جهة أخرى.
ووفق ما أوردته وزارة الخارجية التونسية من معطيات، سيتولى الاتفاق الذي وقعته تونس وألمانيا تنظيم العودة الطوعية للتونسيين المقيمين في ألمانيا وعودة التونسيين المقيمين في هذا البلد بطريقة غير قانونية، أو الذين دخلوا الأراضي الألمانية بطريقة غير شرعية إلى جانب الذين يتم إثبات حملهم للجنسية التونسية.
وكشفت الوزارة عن تنظيم جلسة مفاوضات بين البلدين يومي 22 و23 فبراير الماضي، وهي جلسة لم يعلن عنها. وعبرت تونس بموجب هذا الاتفاق عن استعدادها لاستقبال نحو 1500 تونسي مقيم بطريقة غير شرعية في ألمانيا، وتمسكت بضرورة «احترام كرامتهم وضمان كل حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، بما في ذلك استيفاء إجراءات التقاضي أمام المحاكم الألمانية بخصوص الطعن في إجراءات ترحيلهم».
وأكدت الاتفاقية ضرورة النظر في وضعيات هؤلاء حالة بحالة، على أن تتم إعادتهم على دفعات بعد الإعلام المسبق بكل المعلومات المتعلقة بهم وضبط قائمة بأسمائهم وبتفاصيل عملية إدماجهم.
على صعيد آخر، أكدت وزارة الخارجية التونسية استعداد تونس والجزائر للتوقيع على مشروع اتفاق للتعاون الأمني في الأيام المقبلة. وزار وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، الجزائر في 4 و5 مارس الحالي، استعداداً لانعقاد الدورة الـ21 للجنة المشتركة الكبرى التونسية - الجزائرية في العاصمة التونسية في التاسع من هذا الشهر. وقال إن هذا الاتفاق سيكون «تكريساً وتجسيداً للتعاون الأمني والعسكري الهام القائم بين البلدين»، وهو ما «سيعزز مساعي التشاور في اتجاه تسوية الأزمات التي تشهدها المنطقة، ومن بينها الأزمة في ليبيا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.