عشرات آلاف السوريين ينزحون مع تقدم قوات النظام في حلب

قوات سوريا الديمقراطية في مدينة منبج (أ.ف.ب)
قوات سوريا الديمقراطية في مدينة منبج (أ.ف.ب)
TT

عشرات آلاف السوريين ينزحون مع تقدم قوات النظام في حلب

قوات سوريا الديمقراطية في مدينة منبج (أ.ف.ب)
قوات سوريا الديمقراطية في مدينة منبج (أ.ف.ب)

نزح عشرات آلاف المدنيين منذ أسبوع مع تقدم قوات النظام على حساب المتطرفين في ريف حلب الشرقي بشمال سوريا، هرباً من كثافة القصف المدفعي وغارات النظام وروسيا، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم (السبت).
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «نزح أكثر من 30 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، من ريف حلب الشرقي منذ السبت الماضي مع سيطرة قوات النظام على قرى كانت بأيدي المتطرفين، جراء القصف المدفعي والغارات السورية والروسية الكثيفة المواكبة للهجوم».
وتوجه معظم النازحين وفق المرصد إلى مناطق مدينة منبج وريفها الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن.
وتشن قوات النظام بدعم روسي هجوماً في ريف حلب الشرقي منذ منتصف يناير (كانون الثاني)، وتمكنت من السيطرة على أكثر من 90 قرية وبلدة تحت سيطرة المتطرفين في ريف حلب الشرقي.
ومُنِي المتطرفون بخسارة ميدانية بارزة قبل أكثر من أسبوع مع طردهم من مدينة الباب، أبرز معاقلهم في محافظة حلب، التي سيطرت عليها القوات التركية والفصائل المعارضة القريبة منها في حملة «درع الفرات» التي بدأت في أغسطس (آب) الماضي.
ورغم خسائره، لا يزال تنظيم داعش يحتفظ بسيطرته على مساحات واسعة في ريف حلب الشرقي.
وفي ذلك، أوضح عبد الرحمن أنّ المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون بغالبيتها عبارة عن قرى وبلدات صغيرة وأراض فارغة، ومن أبرزها بلدتا دير حافر والخفسة.
وتضم بلدة الخفسة الواقعة غرب نهر الفرات محطة لضخ المياه تغذي بشكل رئيسي مدينة حلب التي تعاني منذ نحو 50 يوماً من انقطاع المياه جراء تحكم المتطرفين بالمضخة، حسب المرصد.
ويخوض التنظيم المتطرف في ريف حلب الشرقي حالياً معارك على ثلاث جبهات، ضد قوات النظام وحلفائها، وضد قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على مدينة منبج وريفها، وكذلك ضد فصائل «درع الفرات» الموجودة في مدينة الباب ومحيطها.
واندلعت منذ الأربعاء معارك عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل درع الفرات التي تحاول التقدم من الباب إلى منبج، في إطار هجومها الهادف للوصول إلى الرقة (شمال) أبرز معقل للمتطرفين في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.