نبيل فهمي: على الولايات المتحدة إدراك أنها تتعامل مع مصر جديدة لا تقبل الضغوط

عشية اجتماعه مع نظيره الأميركي بأجندة تتصدرها مكافحة الإرهاب وشؤون عربية

نبيل فهمي: على الولايات المتحدة إدراك أنها تتعامل مع مصر جديدة لا تقبل الضغوط
TT

نبيل فهمي: على الولايات المتحدة إدراك أنها تتعامل مع مصر جديدة لا تقبل الضغوط

نبيل فهمي: على الولايات المتحدة إدراك أنها تتعامل مع مصر جديدة لا تقبل الضغوط

طالب وزير الخارجية المصري نبيل فهمي الإدارة الأميركية بأن تدرك أنها تتعامل مع دولة مصرية جديدة لا تخضع للضغوط، مشير إلى أن «العلاقات المصرية الأميركية شهدت توترا بعد ثورة 30 يونيو بسبب الخلاف في السياسات، حيث رأت الولايات المتحدة أن المشكلة في مصر سياسية ويجب حلها بالطرق السياسية، بينما رآها المصريون تحديا وخطرا يواجه الهوية المصرية ومستقبل مصر كأمة، وهي الحقيقة التي لم يستطع الغرب إدراكها». وأكد فهمي أن إعادة بناء العلاقات بين واشنطن والقاهرة ليست سهلة، وأن الاختلافات ستظل قائمة، وهو ما يتطلب الكثير من الحوار.
وقال فهمي في كلمته أمام معهد الدراسات السياسية والاستراتيجية إن الولايات المتحدة ستظل لها مصالح دائمة مع مصر لأهمية مصر السياسية والجغرافية، وأكد أن من مصلحة الدولتين إعادة بناء العلاقات، وقال: إنه «على الولايات المتحدة إدراك الحقائق الجديدة في مصر، وعليها فهم أنها تواجه مصر جديدة لا تقبل الضغوط وتتعامل مع مصر جديدة. ومصر عليها أيضا أن تدرك التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وكل ذلك سيجعل العلاقة أكثر قوة، لأن كلا البلدين لديهما مصالح مشتركة في المنطقة، ومصلحة في مكافحة الإرهاب ومنع الانتشار النووي وإقرار السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط».
وأوضح فهمي أن محادثاته مع المسؤولين الأميركيين ستتركز على مكافحة الإرهاب كأولوية في أجندته، إضافة إلى مناقشة تداعيات الوضع في محادثات السلام العربي الإسرائيلي والوضع في سوريا والبحث عن حل للأزمة السورية ومعاناة السوريين. وأكد أن التوجه المصري في السياسة الخارجية إلى روسيا لا يقلل من العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
وشدد فهمي أن جماعة الإخوان فشلت في إدارة الدولة المصرية، وأرادت فرض «رؤية أحادية لمصر»، ولم يكن لدى الجماعة قدرة على فهم ضرورة إشراك القوى السياسية وكافة أطياف المجتمع الأخرى في السلطة. وقال: إن «ثورة 30 يونيو كان دافعها هو التهديدات التي شعر بها المصريون من تعرض الهوية المصرية للخطر. ونحن الآن في منتصف الطريق لوضع نظام حكم شفاف ويخضع للمحاسبة، خاصة بعد إقرار الدستور الذي كان تحولا ذا مغزى كبير».
وأوضح فهمي أن مصر تواجه تحديات اقتصادية تتمثل في ضرورة تحفيز معدلات النمو إلى ما بين ثمانية إلى عشرة في المائة سنويا لمواجهة مشاكل البطالة ونقص الموارد الطبيعية مقابل الاحتياجات، والمشاكل المتعلقة بالطاقة والغذاء والمياه، وترسيخ مفاهيم التعددية ونبذ العنف والتطرف الطائفي. وقال: إن «هذه التحديات تفرض أن تكون مصر أكثر انغماسا في الشأن الدولي، وأن تتجه شرقا وغربا في محاولة لبناء الاقتصاد وجذب الاستثمارات والتكنولوجيا وزيادة الصادرات»، مشيرا إلى اتجاه مصر نحو العمق الأفريقي و«سنستمر في الإبقاء على علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا، وفي نفس الوقت سنتجه إلى أماكن أخرى مثل روسيا».
وأكد فهمي أن أهم محاور السياسة الخارجية المصرية هي قضية أمن الخليج والصراع العربي الإسرائيلي والأزمة السورية، وقال: إن «رغبة السوريين وتطلعاتهم للحرية أمر لا يمكن تأجيله لعقد آخر. ونؤمن أن أفضل مسار لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي هو التركيز على المطالب الأساسية»، مشيرا إلى أن توقف محادثات السلام بين الجانبين لم تكن مفاجئة، ولن توقف جهود مصر في التوصل إلى تسوية.
وأوضح فهمي أن الحكومة المصرية أعلنت أن جماعة الإخوان «جماعة إرهابية» بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على ثورة 30 يونيو بسبب عمليات العنف التي قامت بها الجماعة، وبعد شهور من محاولات الحكومة فتح الباب أمامهم للاندماج في العملية السياسية. وقال: إنه «لا توجد دولة متحضرة في العالم تسمح للإرهاب ليكون متواجدا في المجتمع، أو تصمت في مواجهة العنف والتطرف. وقد رأينا هذا في أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، ومعتقل غوانتانامو، والباب مفتوح أمام مشاركة جميع المصريين الذين يقبلون العمل السلمي ويقبلون العمل بالدستور».
وأشار فهمي إلى أن الخلاقات بين مصر وكل من قطر وتركيا ليس خلافا حول آيديولوجيات، وإنما اعتراضا على تدخل الدولتين في شؤون مصر الداخلية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.