أطلقت مؤسسة بيار صادق جائزة «ريشة بيار» في دورتها الأولى، التي أقيمت في متحف سرسق وتسلّمها ثلاثة فائزين. حضر الحفل الذي قدّمه الإعلامي بسام أبو زيد، حشد من أهل السياسة والإعلام وأصدقاء رسام الكاريكاتير الراحل وفي مقدّمهم وزير الثقافة غطّاس خوري وزميله وزير الإعلام ملحم رياشي، فألقى كلّ منهما كلمة أوجز فيها أهمية الدور الذي لعبه بيار صادق في الفن الكاريكاتيري من خلال رسائل كتبها بريشته الساخرة والموضوعية في آن. ومما قاله الوزير خوري: «لقد كنّا نتابع ريشة العبقري بيار صادق التي توضح المواقف ساخرة كانت أو هاجية... احتفال اليوم هو بمثابة تشريف للثقافة وهكذا نستعيد ثقة الناس من أجل إعادة إعمار هذا الوطن». أما الوزير رياشي فوصف ريشة الفنان الراحل بالمسنونة كالسيف، ولكنها بدل أن تقطع الرؤوس تقطع الحدّ الفاصل ما بين الصح والخطأ».
كما جرى عرض ريبورتاجات مصوّرة للفنان الغائب إضافة إلى أخرى تضمنت أحاديث أجريت مع رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني والوزيرين طارق متري وزياد بارود والرسام الكاريكاتيري الفرنسي بلانتو، إضافة إلى عدد من الطلاب الذين شاركوا في المسابقة وغيرهم من أصدقاء الفنان الراحل وموقّع منحوتة «توما» النحات بيار كرم.
وحصل على الجائزة الأولى وقدرها 2000 دولار الطالبة بريسيلا باسيل من جامعة الروح القدس (الكسليك)، فيما حصل على الجائزة الثانية وقدرها 1000 دولار الطالبة إيناس اللقيس من الجامعة اللبنانية (الفرع الأول). أما جائزة المرتبة الثالثة فكانت من نصيب الطالبة جنيفر لبّان من الجامعة الأميركية (فرع العلوم والتكنولوجيا) وقدرها 500 دولار. وتسلّم الثلاثة كأس «توما» البرونزي وهي الشخصية القروية اللبنانية بطربوشها الأحمر، التي كان يستخدمها الفنان الكاريكاتيري الراحل في رسوماته. وهي من تنفيذ النحات بيار كرم. ودارت موضوعات الرسوم الكاريكاتيرية المشاركة في المسابقة حول أهم الأحداث التي شهدها لبنان خلال عام 2016.
وكانت مؤسسة بيار صادق قد جالت على 12 جامعة في مختلف المناطق اللبنانية تعرّفت فيها على 1600 طالب مسجل في دوائر الفنون لتكون أكثر شمولية فلا تنحصر فقط بطلاب كلّيات الفنون. ومن أصل 123 متسابق قدّموا 160 رسمة كاريكاتيرية تم اختيار 57 بينها، وهي تعرض حاليا في متحف سرسق حتى 12 مارس (آذار) الحالي. أشرف على هذه المسابقة التي حاز فيها ثلاثة من أصل خمسة وسبعين طالباً، لجنة مختصّة مؤلّفة من رئيسها Plantu المعروف برسوماته الكاريكاتيرية في جريدة «لو موند» الفرنسية، إضافة إلى كلّ من لوس موندور ممثلة جامعة «استيان» الفرنسية، التي تتولّى منذ ثلاثة وعشرين عاماً عرض أعمال الطلاب هواة الفن الكاريكاتيري والتي ستستضيف الفائز الأول بهذه الجائزة مع رسمته فيما ستكتفي بعرض رسومات الفائزين الآخرين.
كما تضمنت اللجنة أيضاً الوزيرين السابقين طارق متري وزياد بارود وكذلك الصحافيين فيليب أبي عقل ومي منسّى إضافة إلى كابي نصر مدير المنشورات في صحيفة «أوريان لوجور» وشادية تويني (زوجة الراحل غسان تويني) وعمر صادق (نجل الفنان الراحل).
وكانت مؤسسة بيار صادق قد أطلقت أولى نشاطاتها في عام 2014 أي بعد نحو عام على رحيل بيار صادق، الذي كان قد أوصى بإنشاء هذه المؤسسة قبيل وفاته. ومن النشاطات التي قامت بها إصدار مجلّد خاص تضمن الجزء الأول من رسومات بيار صادق من عام 1964 حتى عام 1974. ولتطلق بعدها اسم الفنان الراحل على شارع يقع في منطقة الأشرفية قرب ساحة ساسين. وفي عام 2015 تم إصدار طابع بريدي يحمل صورته، كما تم نصب تمثال له في جامعة اللويزة نحته بيار كرم.
وتشير ابنة الفنان غادة بيار صادق إلى أن فكرة إطلاق جائزة «ريشة بيار» جاءت كعربون وفاء لفنان أمضى 53 عاماً من عمره في هذه المهنة بعد أن حاول تجديدها بشكل مستمر لتواكب أحداث المنطقة من ناحية وفكر الشباب المعاصر من ناحية ثانية. وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أردنا حفظ إرث بيار صادق وإيصاله لأكبر عدد ممكن من جيل الشباب اللبناني الذي عرفه والعكس. فلقد استطاع تأريخ الأحداث اللبنانية من خلال أرشيف غني برسوماته الكاريكاتيرية، تسمح لمشاهدها أن يتعرّف إلى أهم المراحل والحقبات السياسية التي مرّ بها لبنان والعالم معاً. كما أن بيار صادق كان يولي الجيل الجديد اهتماماً خاصاً حتى قبل إصابته بالمرض، إذ فتح حساباً خاصاً به على صفحة (فيسبوك) الإلكترونية إضافة إلى صفحة (ويب سايت) حملت اسمه. فلقد كان متمسّكا بإيصال فنّه إلى الجيل الجديد بشكل أو بآخر».
هذه المسابقة التي أقيمت بالتعاون مع جامعتي «استيان» الفرنسية والكلية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)، التي درس فيها الفنان الراحل، ستصبح تقليداً سنوياً معتمداً من قبل مؤسسة بيار صادق على أن تحمل في السنة المقبلة فرعاً خاصاً بالفنانين المستقلّين، كي تفتح المجال أمام أكبر عدد ممكن من هواة الفنّ الكاريكاتيري للمشاركة فيها. أرّخ بيار صادق وعلى مدى 53 عاماً لتاريخ لبنان الحديث بريشته الساخرة، فعمل في بداياته في صحيفة «الصياد»، قبل أن ينتقل عام 1958 للعمل في جريدة «النهار». وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، وبسبب موقع سكنه، غادر جريدة «النهار» سنة 1978 للعمل في صحيفة «العمل». وفي أواخر الثمانينات من القرن الماضي، التحق بصحيفة «الجمهورية» لمدة عام واحد. في عام 1985، دخل ميدان العمل التلفزيوني بفكرة مبتكرة عرضها على المؤسسة اللبنانية للإرسال، إذ كان يرغب في المباشرة برسم كاريكاتيري سياسي متحرك. وافقت الإدارة فعين مسؤولاً عن المشروع. وهكذا دشن بيار صادق أولى شخصياته المتحركة في مايو (أيار) سنة 1986. وفي عام 2002 انتقل للعمل في تلفزيون المستقبل.
وعمّا إذا كانت هذه الجائزة ستفي بيار صادق حقّه ردّت ابنته: «هي ليست مسألة إيفائه حقّه بقدر ما هي تحية وفاء وإكرام لفنّه. فهو شخصية مشهورة في لبنان وحاز على أوسمة وجوائز كثيرة، وكان يعرف في قرارة نفسه قدر المحبّة التي يكنّها له اللبنانيون وهذه المبادرة هي بمثابة لفتة محبّة يهديها إليه اللبنانيون على طريقتهم». وتنوي مؤسسة بيار صادق تفعيل نشاطاتها في المستقبل، إذ من المتوقّع إقامة متحف خاص به، يتضمن 30 ألف رسم كاريكاتيري قام بها في مشواره المهني.
مؤسسة بيار صادق تطلق جائزة «ريشة بيار» في دورتها الأولى
ذهبت لثلاثة طلاب جامعيين خلال حفل أقيم في متحف سرسق
مؤسسة بيار صادق تطلق جائزة «ريشة بيار» في دورتها الأولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة