تهمة «عدم إغاثة معرضين للخطر» لـ6 عناصر أمن في قضية سوسة

تونس ترد على بريطانيا وتدحض «الجبن» عن شرطتها

جانب من فندق {مرحبا} في سوسة الذي كان مسرحا لعملية إرهابية أسفرت عن مقتل 38 سائحا في 2015 (رويترز)
جانب من فندق {مرحبا} في سوسة الذي كان مسرحا لعملية إرهابية أسفرت عن مقتل 38 سائحا في 2015 (رويترز)
TT

تهمة «عدم إغاثة معرضين للخطر» لـ6 عناصر أمن في قضية سوسة

جانب من فندق {مرحبا} في سوسة الذي كان مسرحا لعملية إرهابية أسفرت عن مقتل 38 سائحا في 2015 (رويترز)
جانب من فندق {مرحبا} في سوسة الذي كان مسرحا لعملية إرهابية أسفرت عن مقتل 38 سائحا في 2015 (رويترز)

أفاد مصدر قضائي في تونس أمس أن ستة عناصر أمن تونسيين سيحاكمون بتهمة «عدم مساعدة أشخاص معرضين للخطر»، في ختام تحقيق حول اعتداء سوسة الذي وقع في يونيو (حزيران) من عام 2015، وأسفر عن مقتل 38 سائحاً أجنبياً. إذ قال سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، إن قاضي التحقيق التونسي وجه للعناصر الأمنية التي كانت حاضرة في نزل مدينة سوسة السياحية، وقت العملية الإرهابية، تهمة «عدم إغاثة شخص في حالة خطر، والامتناع عن ذلك خلافاً لما توجبه عليه القوانين، ونجم عن عدم الإغاثة هلاك شخص»، ولم يستبعد تهمة الإهمال عن عناصر الأمن التونسي.
ويلاحق 33 شخصاً في هذا الملف بينهم ستة عناصر أمن، كما أعلن المتحدث باسم نيابة تونس سفيان سليتي، مؤكداً بذلك معلومات صحافية لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف أن عناصر الأمن الستة الذين يتهمون بـ«عدم مساعدة أشخاص معرضين للخطر» هم ضمن مجموعة من 12 متهماً لم يودعوا السجن بانتظار محاكمتهم التي لم يحدد موعدها بعد.
وأوضح سليتي أن 14 متهماً في الحبس الاحتياطي، ويلاحق سبعة غيابياً، ولم توضح التهم الموجهة إلى المتهمين الـ27 الآخرين.
وكان قاضي التحقيق أغلق الملف في يوليو (تموز) 2016، لكنه لم يرفع إلا مؤخراً إلى المحكمة الجنائية.
ويأتي الإعلان في حين أن جلسات استماع جرت في الأسابيع الماضية أمام محكمة العدل الملكية في بريطانيا التي قتل 30 من رعاياها في اعتداء سوسة الذي تبناه تنظيم داعش.
وفي استنتاجاته، أعلن القاضي نيكولاس لوراين سميث، أول من أمس، أن الشرطة التونسية ردت على الهجوم بشكل «فوضوي» في ذلك اليوم. وقال: «كان يفترض أن يكون ردهم أكثر فاعلية».
وفي يناير (كانون الثاني) المنصرم، قال المحامي أندرو ريتشي الذي يدافع عن 20 من أسر الضحايا أمام محكمة في لندن، إن التقرير التونسي الذي سلم للحكومة البريطانية أشار إلى «ثغرات» أمنية حول فنادق سوسة.
ومنفذ الهجوم الذي كان طالباً تونسياً مسلحاً ببندقية كلاشنيكوف أردى عشرة أشخاص على شاطئ فندق أمبريال، قبل دخوله هذا الفندق من فئة خمس نجوم، حيث واصل إطلاق النار عشوائياً. واستمر الهجوم أكثر من نصف ساعة.
إلى ذلك، دحض التونسي وليد حكيمة، المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي، الاتهامات التي وجهها التحقيق البريطاني إلى رجال الأمن التونسي بأنهم «جبناء» خذلوا ضحايا الهجوم الإرهابي على المنتجع السياحي في مدينة سوسة.
وقال حكيمة في تصريح لوسائل إعلام تونسية إن «رجال الأمن في تونس لم يكونوا ولن يكونوا جبناء»، وأضاف: «إنهم أثبتوا شجاعتهم في أكثر من واقعة»، على حد تعبيره.
وشدد المصدر الأمني التونسي على نفي «صفة الجبن» على الأمن التونسيين، وقال إن «التحقيق البريطاني اعتبر أن هناك تأخراً في عملية التدخل، وحتى في حال كان هناك تأخير فهذا لا يعني أن رجال الأمن جبناء».
ولفت الانتباه في المقابل إلى أن رجال الأمن التونسي عرضوا أنفسهم للخطر، ودافعوا عن أمن تونس واستقرارها في ملحمة بن قردان، يوم 7 مارس (آذار) 2016، وأنقذوا أرواح مئات السياح في هجوم بارد وإرهابي يوم 18 مارس 2015.
على صعيد متصل، تمكنت أجهزة الأمن التونسي من تفكيك خلية تكفيرية قالت إنها «تتكون من عنصرين أساسيين يتراوح عمرهما بين 21 و32 سنة، وذلك في منطقة فريانة (القصرين) وسط غربي تونس أول من أمس». وأكدت وزارة الداخلية التونسية مداهمة منزل المتهم الأول بعد استشارة النيابة العامة، حيث حجزت وحدة مركزيّة تابعة لها حاسوبا وهاتفا جوالا، وبتصفح حساب المتهم على موقع التواصل الاجتماعي تبين أنه يحتوي على مقاطع فيديو إرهابية، وصورة لزعيم تنظيم داعش الإرهابي.
وتطارد قوات الأمن والجيش منذ سنوات المجموعات المتطرفة المسلحة المتحصنة في المناطق الجبلية، خصوصا منطقة القصرين القريبة من الحدود الجزائرية. وغالباً ما تبايع هذه المجموعات تنظيم القاعدة في المغرب العربي أو تنظيم داعش.
وتونس التي شهدت سلسلة اعتداءات في عامي 2015 و2016 أشارت إلى أن الإجراءات الأمنية عززت في الأشهر الأخيرة. ولا تزال البلاد تخضع لحالة طوارئ دائمة منذ العملية الانتحارية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في تونس ضد حافلة تابعة للأمن الرئاسي (مقتل 12 عنصراً).
ورغم إصرار السلطات التونسية، لا تزال لندن توصي رعاياها بعدم السفر إلا للضرورة إلى هذا البلد الذي يختاره مئات آلاف السياح البريطانيين كل سنة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».