تعقد دول الاتحاد الأوروبي الـ27 قمة استثنائية حول خروج بريطانيا من الاتحاد في السادس من أبريل (نيسان) القادم، وذلك بعد أسبوع من تقدم بريطانيا بطلب رسمي لتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة. وكانت قد صرحت الحكومة البريطانية أنها ترغب اعتزامها رسميا في إبلاغ الاتحاد بتفعيل آلية ترك الاتحاد بحلول نهاية مارس (آذار)، لتنطلق بذلك فترة مفاوضات أقصاها نحو عامين. وستركز قمة قادة الاتحاد الأوروبي على استراتيجية الاتحاد في المفاوضات المقبلة.
وفي الأمس كشف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر رؤيته للاتحاد بعد البريكست، بعد أن بدأت تظهر عليه شروخ نتيجة الأزمات المتكررة، مثل خروج بريطانيا وصعود الكثير من أحزاب اليمين والشعبويين في عدد من دوله. كما ينتظر الاتحاد نتائج الانتخابات في هولندا وفرنسا وألمانيا، والتي يطمح بعض مرشحيها أن تسلك بلادهم مسلك بريطانيا.
وعرض يونكر أمام النواب الأوروبيين المجتمعين في بروكسل «كتابه الأبيض» حول مستقبل الاتحاد الأوروبي والذي أعلنه منذ زمن. وهذه الوثيقة التي تأتي في 12 صفحة تقدم سيناريوهات عدة لتحريك المشروع الأوروبي الذي تعاقبت عليه أزمات اقتصادية وأخرى تتعلق بالهجرة.
مشروع يونكر الذي تمت الموافقة عليه مساء الثلاثاء من قبل مجموعة المفوضين، يقترح أربعة أو خمسة سيناريوهات حول مستقبل الاتحاد الأوروبي بدءا ببقاء الوضع على حاله أو تحويله إلى فيدرالية أكبر مرورا باتحاد أوروبي بسرعات متفاوتة. وقال رئيس كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي الإيطالي جاني بيتيلا لوكالة الصحافة الفرنسية «اقتراح خمسة خيارات فقط حول مستقبل الاتحاد الأوروبي دون اختيار بوضوح أفضلية أو قيادة سياسية سيكون خطأ».
وكان يونكر دعا علنا إلى أوروبا تتحمل مسؤولية التقدم «بسرعات متفاوتة» لتجاوز العقبات التي غالبا ما تعرقل بعض المشاريع. وقبل أيام قال أمام طلاب بلجيكيين «لم تعد المرحلة أنه في إمكاننا أن نقوم جمعيا بالشيء نفسه معا». ومطلع فبراير (شباط) قال في حديث لإذاعة ألمانية «هل يريد المجريون والبولنديون الشيء نفسه الذي يريده الألمان أو الفرنسيون؟ أشك في ذلك» مشيرا إلى تفاقم الهوة بين بعض الدول الشرقية والغربية. ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى أن تتقدم بعض الدول الأوروبية مجتمعة في بعض المجالات. وينوي المسؤولان الاجتماع في السادس من مارس في فرساي قرب باريس للبحث في رؤيتهما حول مستقبل الاتحاد الأوروبي مع رئيسي الوزراء الإسباني والإيطالي ماريانو راخوي وباولو جنتيلوني.
قد يتحدى مجلس اللوردات البريطاني رئيسة الوزراء تيريزا ماي ويطالب بضمانات لمواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا بعد خروجها منه، ما سيؤخر مشروع قرار تحتاجه ماي للبدء في مفاوضات الخروج (بريكست). ويأمل حزب العمال المعارض إدخال تعديل على قانون يخول ماي تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة والتي تؤذن ببدء عامين من محادثات الانفصال.
ولكن في حال صوت أعضاء مجلس اللوردات على تعديل مشروع القانون، سيتعين إعادته إلى مجلس العموم لمناقشته مجدداً. تلوح هذه النكسة المحتملة لماي بعد أن اتهمها رئيس الوزراء السابق جون ميجور بالإدلاء «بكلام لا معنى له» و«التفاؤل المفرط» بشأن بريكست.
وحذرت رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا ستورجن هذا الأسبوع كذلك من أنها قد تضطر إلى الدعوة إلى إجراء استفتاء جديد بشأن الاستقلال للدفاع عن حقوق بلادها.
فبعد ثمانية أشهر من تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا يزال مصير أكثر من ثلاثة ملايين مواطن من الاتحاد الأوروبي يعيشون في بريطانيا مجهولا وهو ما يتسبب بالقلق لهم وللجهات المعنية. زعيمة كتلة حزب العمال في مجلس اللوردات أنجيلا سميث قالت: إن تحرك الحكومة حتى الآن «يتسبب بخيبة أمل عميقة». وقالت: إن «الاستمرار في استخدام الناس كورقة ضغط بهذه الطريقة هو أمر معيب كما يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد والخدمات الأساسية في بريطانيا».
ويطالب التعديل الذي يقترحه حزب العمال الحكومة بطرح مقترحات خلال ثلاثة أشهر لحماية حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين بشكل قانوني في بريطانيا. وفشل تعديل مماثل في الحصول على مصادقة مجلس العموم عندما تمت مناقشة مشروع القرار في المجلس الشهر الماضي.
وقالت وزيرة الداخلية أمبر رود في رسالة خاصة إلى أعضاء مجلس اللوردات حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منها «التأخير ليس مسألة مبدأ بل مسألة توقيت... إلا أنني أعتقد أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي لديهما هدف مشترك هو توفير هذا التطمين بالسرعة الممكنة». ووعدت الحكومة بأن يتمكن البرلمان من التصويت على اتفاقيات هجرة جديدة بعد بريكست. إلا أنه من المرجح أن تشكل قضايا رئيسية من بينها التاريخ الذي سيبدأ فيه فرض قيود على دخول مواطني دول الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا والتي تغطيها الترتيبات الجديدة، جزءا من مفاوضات البريكست.
وتواجه الحكومة الهزيمة كذلك في تعديل آخر لمشروع قرار البريكست يتوقع أن يتم النظر فيه الأسبوع المقبل يمنح البرلمان حق التصويت على اتفاق الخروج النهائي. وقدمت ماي تطمينات لفظية بإجراء هذا التصويت، إلا أن معارضيها يريدون تحويل هذه التطمينات إلى قانون.
خيارات الاتحاد الأوروبي بعد {بريكست}
المفوضية تعرض رؤيتها وتطرح مفهوم التقدم «بسرعات متفاوتة»
خيارات الاتحاد الأوروبي بعد {بريكست}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة