بحث إسرائيلي: اليهود أقلية في فلسطين التاريخية إذا احتسبت غزة

مستقبل المشروع الصهيوني منوط بالانفصال عن الفلسطينيين

بحث إسرائيلي: اليهود أقلية في فلسطين التاريخية إذا احتسبت غزة
TT

بحث إسرائيلي: اليهود أقلية في فلسطين التاريخية إذا احتسبت غزة

بحث إسرائيلي: اليهود أقلية في فلسطين التاريخية إذا احتسبت غزة

كشف بحث أكاديمي جديد نشر في تل أبيب، أمس، أن نسبة اليهود اليوم، في أراضي فلسطين التاريخية، من دون قطاع غزة، تصل إلى 59 في المائة من السكان، وأنه لولا الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2006 لأصبح اليهود أقلية.
أعد البحث نائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقا، الدكتور تشيك فرايليخ، محاولا البرهنة على أن رغبة الصهيونية في إقامة دولة يهودية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تخلت إسرائيل عن احتلالها للضفة الغربية. فإن لم تفعل تصبح نسبة العرب أكثر من 40 في المائة. وفي هذه الحالة لا يمكن أن تكون إسرائيل تلك الدولة التي عملت الصهيونية على إقامتها.
يقول فرايليخ إن «المسألة الديموغرافية، مثل أي أمر آخر في بلادنا، سقطت ضحية للحوار السياسي الشعبوي. فبينما يحذر اليسار من خطر التهديد الديموغرافي على الطابع اليهودي والديمقراطي للدولة، إذا لم يتم التوصل إلى حل بشأن المناطق (الفلسطينية المحتلة)، يتنكر اليمين حقيقة وجود المشكلة، ويجند لصالحه التوقعات التي تشير ظاهرا إلى اتجاهات أخرى. في مثل هذا الوضع من المناسب فحص المعطيات لكي نعرف ما هي وجهتنا».
ويقول فرايليخ: «في 2050 سيعيش في إسرائيل والضفة الغربية 18 مليون نسمة، أو نحو 21 مليون مع قطاع غزة. وتيرة هذه الزيادة السريعة يجب أن تقلقنا جميعا، ولو من باب الاكتظاظ السكاني المتوقع، وما يرافق ذلك من مشاكل في تخطيط المدن، والحفاظ على جودة البيئة وما أشبه. الأخبار الجيدة هي أن الانخفاض في نسبة الحمل لدى الفلسطينيين عموما، والمواطنين العرب في إسرائيل أي (فلسطينيي 48)، يبقي الميزان الديموغرافي بشكل شبيه بالوضع الحالي. الأخبار السيئة، هي أنه إذا بقيت الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية، فإن نحو 43 في المائة من مواطني (الدولة اليهودية) لن يكونوا من اليهود، الأمر الذي يطرح تساؤلات قاسية حول مستقبلها. أما من دون الضفة الغربية (وغزة)، فتحافظ إسرائيل بشكل واضح على هويتها اليهودية».
ويحذر الباحث من تبعات هذا الوضع ويقول: «الصهيونية لم تعرف أبدا النسبة اليهودية المطلوبة لكي يمكن القول إنها دولة يهودية. عمليا، منذ قيام الدولة، اعتدنا أن نكون فيها غالبية يهودية جارفة - على الرغم من أنه كان يمكن التساؤل عما إذا كانت الدولة، التي يعيش فيها نحو 20 في المائة من غير اليهود، هي حقا دولة يهودية. لكنه واضح، بأن الدولة التي يصل فيها عدد غير اليهود إلى أكثر من 40 في المائة، لا يمكن أن تعرف نفسها كدولة يهودية. بيد أن علينا أن ننتبه، بأنه توجد في العالم دول يسود فيها مثل هذا التقسيم الديموغرافي: سوريا، العراق، وفي السابق يوغوسلافيا. لقد تحولت هذه الدول إلى اسم مرادف للكارثة. من يفضلون قدسية البلاد على قدسية الشعب يحكمون على إسرائيل بواقع ثنائي القومية وجهنمي من هذا النوع».
وقال الباحث إن قوى اليمين الإسرائيلي التي تطالب بضم الأراضي الفلسطينية «اخترعت معطيات ديموغرافية أخرى، ادعت فيها بأن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية يقل عن الإحصاءات المعلنة، بأكثر من مليون نسمة». ويؤكد أن أفضل خبراء الديموغرافية في البلاد، يرفضون هذا الادعاء بشدة، ويضيف: «حتى إذا قلصنا مليون فلسطيني من العدد، فسيبقى الجمهور غير اليهودي يشكل نحو ثلث السكان. صحيح أن هذه معطيات تقل بشكل ملموس عن المتعارف عليه، لكنه لا يناقض الاستنتاج الرئيسي الظاهر في المعطيات، وهو أن مستقبل المشروع الصهيوني منوط فقط بالانفصال عن الفلسطينيين».
ويذهب الباحث إلى ما هو أبعد من ذلك ليقول إن «الموضوع الديموغرافي هو التهديد الوجودي الحقيقي لإسرائيل، أكثر حتى من التهديد الإيراني (سنتدبر الأمر مع الإيرانيين بشكل ما)، ولا يمكن الهرب منه. هناك من يدعون أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ولا يمكن سياسيا واقتصاديا تحقيق فكرة الانفصال، لأنه لن تتمكن أي حكومة مستقبلية من نقل نحو 90 ألف إسرائيلي يعيشون وراء الجدار الفاصل، حتى وإن رغبت في ذلك. ولكن هذا الاستنتاج القدري يمنع إسرائيل من إمكانية تحديد مستقبلها، ومعناه نهاية وجودنا كدولة يهودية وديمقراطية. هذا هو قدر لا يوافق غالبية شعب إسرائيل على تقبله، كما يستدل من الغالبية الواضحة المعارضة في الاستطلاعات للدولة ثنائية القومية. صحيح أن المهمة لن تكون سهلة، لكنها ممكنة بالتأكيد. إذا كانت إسرائيل قد استوعبت في الهجرة الروسية في ذروتها في سنوات التسعينات، وكان القادمون من دون لغة أو مساكن أو عمل، فمن المؤكد أنه يمكنها استيعاب إسرائيليين، لن يطلب منهم إلا نقل بيوتهم لمسافة كيلومترات، ويبدو أن غالبيتهم لن تضطر إلى تغيير مكان عملها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.