400 متر تفصل القوات العراقية عن المجمع الحكومي وسط الموصل

«داعش» يستخدم «الدرون» والقناصة وقذائف الهاون

عنصر أمن عراقي يحمل طفلة فيما يفر مدنيون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
عنصر أمن عراقي يحمل طفلة فيما يفر مدنيون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

400 متر تفصل القوات العراقية عن المجمع الحكومي وسط الموصل

عنصر أمن عراقي يحمل طفلة فيما يفر مدنيون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
عنصر أمن عراقي يحمل طفلة فيما يفر مدنيون من معارك غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)

شقت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة طريقها أمس حتى أصبح المجمع الحكومي الرئيسي في الموصل، وهو أحد الأهداف الرئيسية في حملة طرد مسلحي تنظيم داعش من آخر معقل لهم في الشطر الغربي من المدينة، في مرمى نيرانها.
وفر بعض المدنيين الخائفين من القتال صوب خطوط الحكومة التي عادة ما تكون هدفاً للمتشددين. بينما اضطر آخرون إلى التراجع داخل مناطق ما زالت تحت سيطرة «داعش» في المدينة لكنها تعاني شحاً في إمدادات الغذاء والمياه.
وقال مسؤول في الإعلام يعمل مع الوحدات الخاصة في وزارة الداخلية لوكالة «رويترز»: «حالياً مجلس المحافظة والمجمع الحكومي تحت نيران قوات الرد السريع»، في إشارة إلى مدى يصل إلى 400 متر.
والسيطرة على هذا المجمع ستساعد القوات العراقية على مهاجمة المتشددين في وسط المدينة القديمة القريب، وستكون لها أهمية رمزية فيما يتعلق باستعادة سلطة الدولة على المدينة. وواجهت وحدات جهاز مكافحة الإرهاب التي تلقت تدريباً من الولايات المتحدة نيران القناصة وقذائف الهاون مع تحرك الوحدات شرقا عبر منطقة وادي حجر للانضمام إلى قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية التي جرى نشرها على جانب النهر، في خطوة من شأنها المنع التام للدخول إلى المدينة من جهة الغرب.
وأحرق المتشددون منازل ومتاجر وسيارات للتمويه أثناء تحركاتهم ومنع المراقبة الجوية من رصد مواقعهم. وأظهرت لقطات عبر الأقمار الصناعية غطاء فوق شارع في وسط المدينة القديمة. وقال سكان في المناطق التي يسيطر عليها المتشددون إنهم أجبروا على إخراج سياراتهم من المرائب إلى الشوارع لإعاقة تقدم المركبات العسكرية.
ويقول قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط» إن «التنظيم الإرهابي يعيش حالة من الارتباك والانهزامية، وعناصره تقاتل في مجاميع منعزلة»، مضيفاً: «مجساتنا الاستخباراتية الميدانية تشير إلى تفكك التنظيم وهروب قياداته العليا من الموصل».
وتنتشر جثث مسلحي التنظيم وآثار التدمير في كل زقاق من أزقة أحياء الطيران والجوسق والغزلاني، وبوابتي الجانب الأيمن من الموصل، بينما تنفذ قوات الشرطة الاتحادية عملية تفتيش واسعة فيها بحثاً عن فلول التنظيم والعبوات الناسفة التي تركها خلفه قبل أن يهرب إلى أحياء الدواسة والدندان. ولم يتوقف التنظيم عن حرق البيوت، بل فتح غالبيتها الواحدة على الأخرى للحركة بسهولة، وأغلق الأزقة بسيارات المواطنين، بعد أن أجبرهم على إخراجها من المنازل بالقوة، أما المواطنون الذين أنقذتهم القوات الأمنية من قبضة التنظيم فالخوف والجوع والمرض تغطي وجوههم الشاحبة، فيما يرفع الأطفال أمام أبواب البيوت شارة النصر وهم يستقبلون القوات العراقية.
ويقول المواطن سلمان حامد (أب لخمسة أطفال) لـ«الشرق الأوسط»: «لا أصدق حتى الآن أننا نجونا من (داعش)، وانتهى الكابوس. أتمنى ألا تتكرر معاناتنا هذه أبداً».
الحركة في المناطق المحررة حديثاً تشوبها الخطورة؛ حيث الأبنية والمنازل غالبيتها مفخخة، بينما يختبئ انغماسيون من التنظيم في بعض المناطق منتظرين الفرصة لتنفيذ هجماتهم الإرهابية ضد المدنيين والقوات الأمنية والصحافيين، وتشن طائرات «داعش» المسيرة (الدرون) بين الحين والآخر غاراتها بالقنابل، وتتصاعد أعمدة الدخان من البيوت.
وبموازاة المعارك داخل الموصل، تتقدم قوات الفرقة التاسعة من الجيش العراقي في منطقة تمتد ضمن سلسلة تلال ترابية لقطع الطريق بين الجانب الغربي من الموصل وبلدة تلعفر التي لا تزال معقلاً للمتطرفين. وتم بالفعل قطع الطريق بين تلعفر والمناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» في سوريا، لكن قطع الطريق بين تلعفر وغرب الموصل منعهم من إعادة التموين أو التراجع أمام ضغوط القوات العراقية المتقدمة من المحور الجنوبي.
وذكر الفريق الركن قاسم المالكي آمر الفرقة أن القتال ليس سهلاً. وأوضح متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «بصراحة... التقدم بطيء»، مضيفاً أن «المشكلة تتعلق بالتضاريس وليس العدو. الأمر يبدو سهلاً لكن المكان مكشوف وليس هناك شوارع» وتابع: «أينما نتحرك لا بد أن تسبقنا جرافات لفتح طرق لنا».
في غضون ذلك، تواصل قافلة لا نهاية لها لدبابات وعجلات مدرعة السير ببطء عبر صحراء مفتوحة خلف جرافة تقوم بفتح طريق، مخلفة سحابة ضخمة من الغبار. وتتخذ الفرقة التاسعة موقعاً على تلال العطشانة، إحدى أعلى المناطق ارتفاعا في محافظة نينوى، ما يتيح لهذه القوة مشاهدة الموصل والسهول المحيطة بالمدينة. وأول من أمس، احتجبت الرؤية بشكل تدريجي خلف دخان كثيف أسود نتيجة نيران أشعلها عناصر تنظيم داعش لتفادي ضربات المروحيات والطائرات الحربية. هذا التكتيك جعل المشهد مرعباً، ولم يعد بالإمكان مشاهدة إلا أشياء على علو مرتفع مثل خزان مياه أبيض وأعمدة الكهرباء، التي لا يزال من الممكن رؤيتها بوضوح. وقال المالكي إنهم «يريدون أن يختبئوا عنا بواسطة حرق النفط، وإحداث هذا الدخان».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».