طالب سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، أمس، جميع الأطراف في العاصمة الليبية، بوقف أعمال العنف التي تؤدي إلى خسائر في أرواح المدنيين، وتقوّض آفاق المصالحة السياسية والاجتماعية في البلاد. ودعوا في بيان مشترك الليبيين إلى «أن يقرروا مستقبلهم»، معبرين عن استعدادهم «لدعم جهود بناء ليبيا قوية وموحدة، وتنفيذ رؤية الاتفاق السياسي لتحقيق انتقال سلمي إلى حكومة جديدة منتخبة».
وندد البيان بالاشتباكات التي وقعت قبل يومين في منطقة أبو سليم (جنوب طرابلس)، مؤكداً ترحيب سفراء الدول الست بوقف إطلاق النار الذي أعلنت حكومة الوفاق الوطني المدعومة دولياً التي يترأسها فايز السراج، التوصل إليه بعد اشتباكات عنيفة جرى خلالها استخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وسقوط عدد غير معلوم رسمياً من القتلى والجرحى. واعتبر أن «استخدام القوة يجب أن يكون حكراً على مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية»، منددا بإطلاق النار على موكب السراج في طرابلس مؤخراً.
واندلعت الاشتباكات الخميس الماضي بين مجموعتين متنافستين في شرق طرابلس، بعدما اتهمت إحداهما الأخرى باختطاف أربعة من عناصرها. لكن سريان وقف النار بدأ بعد يومين من الاشتباكات التي أرغمت السكان على البقاء في منازلهم، بحسب الحكومة.
وأعلنت حكومة السراج أنها نجحت في التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين المجموعتين، بمساعدة من أعيان ترهونة وغريان في جنوب طرابلس. كما تم الاتفاق على تشكيل ثلاث لجان لمتابعة وقف النار، وستكون مهمة اللجنة الأولى فرض وقف النار، والثانية التي تضم مسؤولي وزارة الصحة ستتابع حالة الجرحى، أما الثالثة فستكون مهمتها تقدير الأضرار.
وقال سكان حوصروا وسط تبادل إطلاق النار، إن منازلهم كانت تهتز بفعل الصواريخ، كما ارتفعت أعمدة الدخان من منطقة الاشتباكات التي كانت تجوب شوارعها الدبابات والشاحنات المحملة بمضادات ثقيلة. وتتخذ حكومة السراج من طرابلس مقراً، في حين تسيطر السلطات المنافسة على أجزاء كبيرة من شرق ليبيا، بدعم من البرلمان المنتخب ومقره طبرق.
إلى ذلك، عيّن المجلس الرئاسي لحكومة السراج العميد إدريس بلقاسم صالح رئيساً لجهاز حرس المنشآت النفطية، خلفاً لإبراهيم الجضران، أحد زعماء الميليشيات التي أجبرتها قوات الجيش الوطني الليبي على إنهاء سيطرتها على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية. وأكدت الحكومة في قرار نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن هذا القرار يلغي كل حكم يخالفه، ودعت الجهات المختصة إلى تنفيذه.
وقالت مصادر مطلعة إن العميد صالح «من المعارضين لعملية الكرامة العسكرية التي تشنها قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر». وسبق تكليف صالح في أغسطس (آب) 2013. خلال فترة حكومة رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان، برئاسة جهاز حرس المنشآت. وأكد في تصريحات لقناة تلفزيونية محلية محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، تكليفه برئاسة جهاز حرس المنشآت النفطية، لافتاً إلى أنه سيباشر عمله فور عودته من الخارج.
وجرى تشكيل حرس المنشآت النفطية باعتباره قوة وطنية لحماية منشآت النفط في ليبيا، لكنه يعاني انقسامات داخلية، بينما كانت وحدة الجضران القوية التي تمركزت في منطقة الهلال النفطي تعمل بشكل مستقل على رغم إعلانها موالاتها لحكومة السراج.
وأسهمت صراعات سياسية واحتجاجات عمالية ومخاطر أمنية في خفض إنتاج البلاد النفطي إلى أقل من ربع مستواه قبل انتفاضة 2011 التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، حين كان يبلغ 1.6 مليون برميل يومياً.
من جهة أخرى، ناقش وزير الشؤون المغاربية الجزائري عبد القادر مساهل، أمس، سبل تسوية الأزمة في ليبيا، مع «وفد يمثل شخصيات وطنية ومسؤولين سياسيين وبرلمانيين، جميعهم أعضاء في الحوار الليبي»، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.
وأضاف البيان أن اللقاء «تناول أساسا السبل والوسائل التي من شأنها تعزيز دينامكية تسوية الأزمة الليبية باعتبارها البديل الوحيد للحفاظ على الوحدة والسلامة الترابية لليبيا وتماسك شعبها وتشجيع المصالحة الوطنية». وذكّر مساهل «بالتزام الجزائر بالاستقرار في ليبيا، وأسفها للمواجهات التي وقعت مؤخراً في العاصمة طرابلس، كونها لا تخدم بأي حال من الأحوال التهدئة الضرورية لاستعادة السلم والأمن».
ميدانياً، أعلنت القوات الخاصة التابعة لقيادة حفتر، أنها تشن منذ أمس هجوماً كاسحاً بالدبابات والمشاة في محور عمارات الـ12 وتتقدم «نحو أماكن المتطرفين» الذين أعلنت مقتل ثلاثة منهم خلال مواجهات في مدينة بنغازي شرق البلاد. وقال المكتب الإعلامي لقوات الصاعقة إن هذا الهجوم يأتي «رداً على العملية الإرهابية التي استهدفت اغتيال آمر محاور القوات الخاصة النقيب محمود الورفلي»، مؤكداً أن «العمليات الجبانة لن تحبط عزيمة القوات الخاصة ولن تزيدها إلا إصراراً وعزيمة».
وانفجرت سيارة قرب نقطة تفتيش تابعة لقوات الصاعقة، لحظة وصول موكب الورفلي للمشاركة في عملية عسكرية ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود. ونفى مسؤول أمني وجود مشاكل بين الصاعقة والبحث الجنائي ببنغازي، معتبراً أن «كل ما يشاع في هذا الخصوص مجرد إشاعات».
دعوة دولية إلى التزام وقف النار في طرابلس
حكومة السراج تعيّن مناوئاً لحفتر رئيساً لحرس النفط... والجيش يتقدم في بنغازي
دعوة دولية إلى التزام وقف النار في طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة