تونس تواصل إصلاح قطاعها المالي والمصرفي

التزاماً بتوصيات صندوق النقد الدولي

تونس تواصل إصلاح قطاعها المالي والمصرفي
TT

تونس تواصل إصلاح قطاعها المالي والمصرفي

تونس تواصل إصلاح قطاعها المالي والمصرفي

تنظر حكومة يوسف الشاهد خلال هذه الفترة في مدى التقدم في تنفيذ برنامج إعادة هيكلة البنوك العمومية الثلاثة، الذي انطلق قبل سنوات إثر عملية تدقيق شامل.
وعقد يوسف الشاهد مجلساً وزارياً مصغراً بقصر الحكومة، حضره وزراء المالية والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي ومحافظ البنك المركزي، وتناول بالخصوص مراحل البرنامج التنفيذي لخطة إعادة الهيكلة والرؤية الاستراتيجية لدى هذه البنوك في تنمية الاقتصاد وتمويله في إطار مقاربة شاملة لوضع القطاع البنكي في تونس.
وأكدت جميع الأطراف المشاركة في هذا الاجتماع على أن البنوك العمومية التونسية، وهي: «الشركة التونسية للبنك، والبنك الوطني الفلاحي، وبنك الإسكان»، ما زالت تواجه مشكلات مالية بسبب ارتفاع الديون المصنفة أو المشكوك في استرجاعها.
وتبعًا لذلك، مثل هذا المجلس خطوة حكومية نحو تنفيذ إحدى توصيات صندوق النقد الدولي المطالبة بإعادة هيكلة الجهاز المالي والبنكي وعلى رأسها إصلاح التوازنات المالية للبنوك العمومية الثلاث. وصادق مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) في السادس من أغسطس (آب) من سنة 2015 على مشروع لرسملة البنوك العمومية، ورصد هذا المشروع مبلغ 757 مليون دينار تونسي (نحو 300 مليون دولار) لفائدة الشركة التونسية للبنك، ونحو 110 ملايين دينار تونسي (نحو 42 مليون دولار) لفائدة بنك الإسكان، في حين قرر التفويت «الطرح للبيع» في مخصصات المحفظة المالية للبنك الوطني الفلاحي بعد خضوعه لعملية تدقيق مالي.
واستقرت عملية ضخ السيولة في البنوك العمومية الثلاث في حدود 900 مليون دينار تونسي(نحو 370 مليون دولار) في محاولة لإنقاذها وإعادتها إلى سالف نشاطها ومساهماتها في تمويل الاقتصاد التونسي.
وكان الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي قد طرح خطة لتشكيل قطب بنكي خاص، بعد التفويت «طرح للبيع» في البنوك العمومية الثلاثة لفائدة مستثمرين من القطاع الخاص، أو دمجها في جهاز بنكي عمومي ضخم قادر على توفير التمويلات الكبرى لفائدة المؤسسات الراغبة في تمويل مشاريع تتطلب أموالاً ضخمة، وقال إن ذلك يساعد على انتعاشة القطاع المالي التونسي، إلا أن هذين المقترحين لم يجدا الدعم الكافي من قبل أجهزة الدولة.
وقدر العياري قيمة ديون البنوك العمومية الثلاثة بأكثر من 7 مليارات دينار تونسي (نحو 3 مليارات دولار)، وهو ما يمثل قرابة 13 في المائة من التزامات تلك البنوك، وأكد أن حجم ديون القطاع السياحي تمثل نحو 3 مليارات دينار تونسي.
وبعد ثورة 2011، واجهت البنوك العمومية صعوبات كبيرة في استرجاع قسم من القروض التي منحتها سابقاً لأفراد عائلة بن علي وأصهاره دون ضمانات فعلية، الأمر الذي انعكس سلبا ًعلى نتائجها المالية.
وكان عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي التونسي، كشف سابقاً أن الوضعية المالية للبنوك العمومية صعبة للغاية، وقال إنها تمر بضائقة مالية كبرى بسبب ارتفاع الديون المصنفة أو المشكوك في استرجاعها.
على صعيد آخر، قدّم المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات التنمية أهم نتائج المسح السنوي لسنة 2016 حول مناخ الأعمال في تونس. وقال الحبيب زيتونة المدير العام للمعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمّية (مؤسسة حكومية) إن مؤشر إدراك مناخ الأعمال شهد تراجعاً لافتاً، حيث بلغ 58,7 في المائة سنة 2016 مقابل 60,7 في المائة سنة 2015، ويشمل هذا التراجع 7 مجالات من أصل 11 مجالاً مكونة لمناخ الأعمال.
وبيّن زيتونة أن المناخ السياسي والاجتماعي والوضع الأمني من أبرز عوائق مناخ الأعمال في تونس، وقال في مؤتمر صحافي عقده الخميس الماضي في العاصمة التونسية: «ما زالت نسبة مهمة من المؤسسات، تمثل 51 في المائة من إجمالي المؤسسات، تعتبر أن عدم الاستقرار السياسي يمثل عائقاً يحول دون تطور نشاطها»، وهذا من شأنه أن يخلق حالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية لدى المؤسسات المقبلة على الاستثمار.
وبشأن الأسباب التي تحول دون تحسن مؤشر مناخ الأعمال، أكد أن أهمها يتمثل في تفشي ظاهرة الفساد، وضعف التمويل البنكي، وتعقد الإجراءات الإدارية، وبطء النظام القضائي في فض النزاعات.
ومن خلال هذا المسح السنوي، شهد مؤشر التمويل البنكي تراجعاً بأكثر من 8 نقاط كاملة ليستقر في حدود 50,9 في المائة. ويعكس هذا التراجع الصعوبات التي تعترض المؤسسات، خاصة الصغرى والمتوسطة منها، في الحصول على قروض بنكية.
كما تمثل كلفة هذه القروض عائقاً للتعامل مع الجهاز البنكي والمالي؛ إذ تعتبرها 41 في المائة من المؤسسات مرتفعة بشكل يؤثر سلباً على قدرتها التنافسية.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.