بوتين قلق من تشكل تجمعات في سوريا «على خلفية طائفية»

بوتين قلق من تشكل تجمعات في سوريا «على خلفية طائفية»
TT

بوتين قلق من تشكل تجمعات في سوريا «على خلفية طائفية»

بوتين قلق من تشكل تجمعات في سوريا «على خلفية طائفية»

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، على أهمية وحدة الأراضي السورية، مبديًا قلقه إزاء التغيرات التي تجري في سوريا حاليًا. وقال: «نشعر بقلق شديد بصورة خاصة نحو الفصل الطائفي»، مشيرًا إلى انتقال مجموعات معينة من مكان إلى آخر، وتشكل تجمعات في البلاد على خلفية طائفية، محذرًا من النتائج السلبية التي يمثلها هذا الأمر على مستقبل سوريا.
وحذر بوتين من تدخل القوى الخارجية في سوريا، موضحًا أن بلاده لا تنوي التدخل بالشؤون السورية، ومؤكدًا أن هدف روسيا هو «ضمان استقرار السلطة» التي وصفها بـ«الشرعية»، و«توجيه ضربات قاسية للإرهاب الدولي». وأعرب الرئيس الروسي عن أمله بتطور العملية السياسية حول الأزمة السورية في جنيف، وقال خلال استقباله، أمس، عددًا من ضباط الأسطول الشمالي الروسي، ممن شاركوا في مهمات عسكرية قبالة سواحل سوريا، إن المفاوضات الناجحة في آستانة، التي جمعت للمرة الأولى ممثلي المعارضة السورية المسلحة مع ممثلي النظام، «كانت نتيجة لعملكم»، لافتًا إلى أن القوات الروسية ساهمت في استئناف العملية السياسية السورية، حين وجهت ضربة موجعة للمجموعات الإرهابية هناك.
في شأن متصل، كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن اقتراح قدمته روسيا للدول الغربية بتخصيص مليارات الدولارات لإعادة إعمار سوريا. وتقول الصحيفة إن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف التقى، الأسبوع الماضي، سفراء دول الاتحاد الأوروبي في روسيا، وقال لهم إن موضوع إعادة إعمار سوريا بعد الحرب سيصبح الموضوع الرئيسي في المستقبل القريب، وإن هذا الأمر يتطلب عشرات المليارات. وأضاف أن روسيا لن تمول إعادة بناء البلد المدمرة.
وتنقل الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين قوله إن «روسيا لا تنوي بالفعل أن ترث سوريا المدمرة كليًا». إلا أن الاقتراح الروسي لم يلاق موافقة في العواصم الغربية التي تشير إلى أن جزءًا من الدمار في سوريا كان نتيجة الضربات الجوية الروسية التي استهدفت المدن الكبرى. فضلاً عن ذلك، تقول «فايننشال تايمز» إن دولاً مثل فرنسا وبريطانيا وهولندا ما زالت على يقين بأن الحرب لن تنتهي في سوريا بحال بقاء الأسد على رأس السلطة.
ولم ينف السفير الروسي إلى الأمم المتحدة ومنظماتها في جنيف، أليكسي بورودافيكين، في تصريحات أمس، الأنباء التي جاءت في الصحيفة البريطانية. وتعليقًا على ذلك، قال إن «كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، والتقنية - العسكرية تصل من روسيا إلى سوريا»، لافتًا إلى أنه «عندما سيدور الحديث حول إعادة إعمار سوريا، فإن هذا يتطلب مبالغًا كبيرة»، معربًا عن قناعته بأن الاتحاد الأوروبي بوسعه تقديم مساعدة كبيرة في إعادة تأهيل البنى التحتية في سوريا.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعرب، خلال لقائه مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أول من أمس، عن رفضه فكرة تقاسم أعباء اللاجئين السوريين، داعيًا دولا حملها مسؤولية الفوضى بالشرق الأوسط إلى تحمل عبء اللاجئين وحدها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.