الود المفقود بين ترمب وهوليوود

أيهما أقل أمانة من الآخر... الأوسكار أو الإيمي؟

الود المفقود بين ترمب وهوليوود
TT

الود المفقود بين ترمب وهوليوود

الود المفقود بين ترمب وهوليوود

العبارة أعلاه وردت على «تويتر» قبل ثلاث سنوات وثلاثة أيام وكاتبها اسمه دونالد ج. ترمب الذي أصبح، بدءًا من هذا العام رئيس الولايات المتحدة الأميركية.

حتى الآن لا يوجد برهان على أن الرئيس ترمب غيّر موقفه حيال أي منهما. ليس لأنه لا يحب الحفلات والمناسبات، وليس لأنه سياسي وليس ممثلاً، ولذلك لا أمل له بالفوز بواحدة، بل لأنه يعتبر المناسبتين، ومن المرجح معظم المناسبات المشابهة الأخرى، محفلاً لليبراليين الذين يسيرون في ركاب هوليوود أو يديرونها. وهو - كما هو معلوم - لا يستسيغ الليبراليين. بالنسبة إليه هم يساريون واليساريون مشكوك بأمرهم. هكذا كان شأنهم خلال الحملة المكارثية وهذا هو شأنهم إلى اليوم.

لكن ما الذي سيحدث يوم الأحد القادم (السادس والعشرين الحالي) عندما تبدأ حفلة توزيع جوائز الأوسكار مساءً؟ هل سيخلو الرئيس إلى نفسه ويشاهدها مبثوثة على شاشة التلفزيون كما عشرات الملايين حول العالم؟ أم سينشغل عنها قصدًا أو بغير قصد؟

الأغلب أنه لن يشاهد حفل الأوسكار بعدما أعلن البيت الأبيض قبل يومين أن الرئيس وزوجته سيقيمان حفلاً لحاكمي الولايات في الوقت نفسه. لعلها صدفة في عالم لم يعد يعرف الصدف. لكن المؤكد أن نظرة البيت الأبيض لحفل الأوسكار مستمدة من موقف رئيس البلاد، فسكرتير بيت الرئاسة الأميركي شون سبايسر أدلى يوم الأربعاء بتصريح قال فيه: «أعتقد أن هوليوود معروفة بكونها ذات آراء يسارية بعيدة». هو لم يقل «متطرفة» بل وصفها بالبعيدة، أي أنها أقرب إلى التطرّف منها إلى الوسطية أو اليسار المعتدل.

كما هو واضح، لا يقل عداء الهوليووديين لترمب عن عدائه لهم. ليس فقط أن ميريل ستريب قالت له كلمات ناقدة، بل سارع الجميع للمشي على خطاها وينتظرون من مجمل الذين سيصعدون مساء يوم الأحد المقبل، كضيوف أو مقدمين أو فائزين، المزيد من الهجوم على البيت الأبيض.

بالنسبة لكثيرين فإن هذه «الحرب» بين الفريقين مصدر اهتمام كبير. بالنسبة لآخرين هو ترفيه إضافي لحفل ترفيهي بحد ذاته. لكنه ترفيه لم يقع له مثيل من قبل. وهناك فريق ثالث لا بد له أن يُعجب بديمقراطية تسمح للجميع بأن يتنفس حتى وهي تتنازع.

لكن الواقع هو أنه ليس في كل ذلك أي جديد فعلي. حفل الأوسكار عرف توجهات سياسية مختلفة. نشأ منفتحًا. نما منغلقًا أيام الحملة المكارثية ثم تحول بعد ذلك ليبراليًا. فوق منصّته فازت فانيسا ردغراف ومارلون براندو من أهل اليسار وفاز جون واين والمخرج جون فورد وهما من أهل اليمين.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.