قال المشاركون في ملتقى الأزهر والفاتيكان لمواجهة ظاهرة التعصب والتطرف والعنف باسم الدين، أمس، إن «هناك عوامل كثيرة لانتشار ظاهرة العنف أسهمت في خلق بيئة خصبة لجماعات التطرف والإرهاب التي يعاني العالم من شرورها اليوم»، بينما أكد الكاردينال توران، رئيس المجلس البابوي للحوار في الفاتيكان، أن «الفهم المغلوط للأديان سبب التطرف».
يأتي هذا في وقت قال فيه تقرير للأزهر، أمس، إن تنظيم داعش الإرهابي يحاول استهداف نسيج الوحدة الوطنية، واللعب على وتر الفتنة الطائفية في مصر.
واستأنف الأزهر والفاتيكان (أعلى سلطة دينية بالغرب)، في مايو (أيار) الماضي، الحوار بعد قطيعة دامت 10 سنوات بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام. وكان الأزهر قد أوقف الحوار مع الفاتيكان في أعقاب تصريحات للبابا السابق بندكت السادس عشر، عام 2006، اعتبر فيها أن الدين الإسلامي «يرتبط بالعنف».
وافتتحت أعمال ملتقى دور الأزهر والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف، في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، أمس، وقال وكيل الأزهر عباس شومان إن «الأزهر حريص على التواصل مع غير المسلمين، داخل مصر وخارجها، وتبادل الرؤى والأفكار معهم، بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة»، معلنًا رفض الأزهر رفضًا قاطعًا لأي أقوال أو أفعال تصدر عن بعض الجهلاء أو أصحاب المصالح والأهواء، بما يؤدي إلى تأجيج الفتن، وتذكية النعرات العرقية أو الطائفية أو المذهبية، وإشعال فتيل الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن هناك عوامل كثيرة لانتشار ظاهرة العنف والتطرف، فكرية وتعليمية واقتصادية واجتماعية وسياسية، أسهمت في خلق بيئة خصبة لجماعات التطرف والإرهاب التي يعاني العالم شرورها اليوم، ومن ذلك فهمهم السقيم لنصوص الأديان والرسالات، حيث تجدهم يجتزئون النصوص، ويؤولونها بما يوافق أغراضهم الخبيثة التي لا يقرها دين صحيح، ولا يقبلها عقل سليم، ولم لا وهم ينتهجون تكفير المجتمعات، بدءًا من الحكام حتى الأهل والأقارب، ويسعون لحمل المجتمعات على أفكارهم بالقوة؟!
وتابع: إنه من المؤلم غاية الألم أن تُرتكب كثير من جرائم العنف والتطرف باسم الأديان، وهو الأمر الذي استغلته بعض الأبواق والمؤسسات الإعلامية أسوأ استغلال، وشوه به بعض المنتفعين، مسلمين وغير مسلمين، صورة الإسلام على وجه التحديد، فقدموه للعالم بحسبانه دينًا همجيًا متعطشًا لسفك الدماء وقتل الأبرياء، ناسين أو متناسين ما يرتكب من جرائم كراهية وعنصرية ضد المسلمين لمجرد الاسم أو المظهر.
من جهته، قال رئيس المجلس البابوي للحوار في الفاتيكان إن «هناك متعصبين ومتطرفين بسبب فهم مغلوط للدين، قلوبهم مليئة بالغلظة والكراهية تجاه هؤلاء الذين لا يشاركونهم رؤية الدين والمجتمع، لأنهم يعتقدون أنهم وحدهم على صواب، ومن ثم على الآخرين اتباع آرائهم أو الخضوع لهم»، مؤكدًا أن التعصب والتطرف يؤدي للعنف الذي يحاولون تبريره باسم الدين. لذا، على القادة الدينين والعلماء أن يوضحوا ذلك، ويعلنوا رفضهم للعنف الذي يرتكب باسم الدين.
في سياق آخر، قال تقرير للأزهر، أمس، إن «داعش» يحاول عبثًا استهداف نسيج الوحدة الوطنية، واللعب على وتر الفتنة الطائفية، لتمزيق لحمة هذا النسيج القوى بين المسلمين والمسيحيين، وذلك من خلال تصوير بعض المواطنين المسيحيين الذي عبروا عن مشاعر غضبهم نتيجة لفقد ذويهم وأقاربهم وأبنائهم وزوجاتهم وأطفالهم، ليخلصوا إلى أن تلك التصريحات الغاضبة يستحقون عليها القتل، وذلك ردًا على فيديو «داعش» الأخير الذي توعد فيه مسيحيي مصر، ولتتحول النتيجة إلى سبب في تزوير واضح للموقف ولتعاليم الإسلام السمحة التي تدعو إلى الرحمة والعدل والسلام.
وقال التقرير إن «المقطع المصور يكشف عن الاستراتيجية الإعلامية الجديدة لهذا التنظيم الإرهابي الذي يحاول أن يبعث رسالة مضللة إلى أتباعه، مفادها أنه ما زال قادرًا على القيام بعمليات إرهابية، من خلال خداع بعض الشباب للتغرير بهم، خصوصًا أولئك الذين لا تربطهم علاقة مباشرة بقادة التنظيم، وتجنيدهم للقيام بعمليات إرهابية».
ونشر تنظيم داعش تسجيلاً مصورًا يهدد فيه المسيحيين بمصر، ويعرض ما قال إنها الرسالة الأخيرة للانتحاري المسؤول عن تفجير الكنيسة البطرسية، في القاهرة، في ديسمبر (كانون الأول)، الذي راح ضحيته العشرات. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن المسيحيين يشكلون نحو 10 في المائة من سكان مصر الذين يتجاوز عددهم 92 مليون نسمة.
وكان قد ظهر في التسجيل المصور رجل ملثم، قيل إنه أبو عبد الله المصري، وهو يشجع المسلحين في أنحاء العالم لتحرير الإسلاميين المعتقلين في مصر. وقال تقرير الأزهر إن فيديو «داعش» محاولة فاشلة، وحيلة جديدة، بعد الضربات الموجعة التي تعرض لها التنظيم، حيث بات زواله وشيكًا.
ملتقى للأزهر والفاتيكان في القاهرة لمواجهة ظاهرة العنف والتطرف
رئيس المجلس البابوي للحوار: الفهم المغلوط للأديان سبب الإرهاب
ملتقى للأزهر والفاتيكان في القاهرة لمواجهة ظاهرة العنف والتطرف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة