قبل ساعات من انطلاق الجولة الرابعة من «جنيف» ارتفعت أصوات من المعارضة، متحفظة على مشاركة «الهيئة العليا التفاوضية» في المحادثات السورية السورية، التي توحي المعطيات المرافقة لها بأنها ستكون على غرار سابقاتها ولن تؤدي إلى نتائج إيجابية، بل قد تراكم الخسائر بدل تقليصها، لا سيما في ظل عدم وضوح صورة السياسة الأميركية الجديدة في سوريا واستمرار روسيا في التحكّم بأي حلّ، ودخول منصتي موسكو والقاهرة على الخط، وفدين مفاوضين.
ويرى رئيس الأمانة العامة لـ«إعلان دمشق» سمير نشار، أن «عدم الذهاب إلى المفاوضات كان سيساهم في تخفيف الخسائر بدلا من تراكمها ويمنح المعارضة مصداقية أكبر أمام الرأي العام والشعب السوري، لكن للأسف هذا الموقف لا يلقى تجاوبا من الأطراف الدولية التي ترى ضرورة في مشاركة الهيئة العليا، وهو ما يلفت إليه المعارض، والباحث في الجماعات المتشددة، عبد الرحمن الحاج، معتبرا أن «مقاطعة المفاوضات له مكاسب بالنسبة إلى المعارضة أكثر من المشاركة بها، أو على الأقل يؤدي إلى تفادي الخسارة».
ويقول نشار لـ«الشرق الأوسط»: «غياب التعويل على هذه الجولة من مفاوضات جنيف يعود لأسباب عدّة، أهمها الدفع الروسي لبقاء رئيس النظام بشار الأسد في السلطة في المرحلة الانتقالية، والحديث عن حكومة موسعة، وتجاهل (الانتقال السياسي)، في وقت لا يزال الغموض يحيط بسياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه سوريا، وعدم فاعلية التقارب التركي - الروسي في الأزمة السورية، وأضيف إليها في هذه الجولة دخول منصتي موسكو والقاهرة على الخط وفدين مفاوضين للتشويش على دور المعارضة وتحديدا على مطلب تنحية الأسد». ويرى نشار في المقابل، أن بعض المؤشرات التي من الممكن المراهنة عليها في المستقبل، وهي، التأكيد الأميركي على أهمية مواجهة إيران التي تحمي النظام في سوريا، إضافة إلى التوتر المفاجئ في العلاقات الإيرانية - التركية، قد تنعكس إيجابا على مسار المفاوضات لصالح المعارضة السورية، لا سيما إذا ظهر تبدل فعلي في السياسة الأميركية وخطوات عملية قد تؤدي إلى تغيير موازين القوى».
من ناحيته، يصف عبد الرحمن الحاج، هذه المرحلة بـ«إدارة الخسائر» من قبل المعارضة، ويقول: «بناء على المعطيات لا أحد يتوقع نتائج مهمة من جولة المفاوضات هذه وستكون على غرار سابقاتها»، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو واضحا أن النظام لا يزال لا يملك النية للوصول إلى حل، وإبقاء بشار الجعفري على رأس وفده، وهو الذي يعتمد عليه في أي مهمة يريد النظام إفشالها، مؤشر سلبي واضح على هذا الأمر». ويضيف: «كذلك فإن ظروف دعوة الهيئة إلى هذه المفاوضات غير مشجعة بعدما رافقها دعوة منصتي موسكو والقاهرة، اللتين كان قد اقتصر تمثيلهما بصفة مستشارين، بينما هذه المرة تمت دعوتهما وفدا منفصلا، وهو ما قد يجعل من حضورهما سابقة تفتح الباب أمام مشاركة منصات أخرى تغيّر موازين القوى السياسية في المفاوضات لصالح النظام السوري، إضافة أيضا إلى استخدامها حجة للقول إن المعارضة مشرذمة، وهي الاستراتيجية التي لطالما ولا تزال روسيا تعتمدها، في موازاة توسع حضور النظام على الأرض عبر خطة المصالحات والهدن التي يعتمدها في عدد كبير من المناطق».
ويلفت إلى أن المعارضة بما فيها «الهيئة العليا» مدركة هذا الواقع وكانت لا تزال تدرس حتى اللحظات الأخيرة مشاركتها في المفاوضات، مؤكدا: «الذهاب إلى جنيف لا يعني المشاركة في المفاوضات، وقد يحدث تغيرات في اللحظة الأخيرة». ولفت إلى أن المعارضة قدّمت إيضاحات إلى المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، وهي تنتظر الحصول على إجابات ليُبنى على الشيء مقتضاه، مضيفا: «من هنا لا نستبعد أن تنفذ الفصائل العسكرية التي تشكّل 50 في المائة من وفد الهيئة تهديدها بالانسحاب من المفاوضات إذا شاركت المنصات الأخرى، بوصفها وفدا مستقلا، وهو الأمر الذي قد ينعكس أيضا على موقف الهيئة بشكل عام».
معارضون سوريون يقللون من المشاركة في «جنيف»
رأوا في إبقاء الجعفري على رأس وفد النظام مؤشرًا سلبيًا في المفاوضات
معارضون سوريون يقللون من المشاركة في «جنيف»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة