إسرائيل ضاعفت هدم بيوت الفلسطينيين في القدس منذ انتخاب ترمب

أهالي مخيم شعفاط يطالبون البلدية بالتوقف عن إهماله والالتزام بواجباتها

إسرائيل ضاعفت هدم بيوت الفلسطينيين في القدس منذ انتخاب ترمب
TT

إسرائيل ضاعفت هدم بيوت الفلسطينيين في القدس منذ انتخاب ترمب

إسرائيل ضاعفت هدم بيوت الفلسطينيين في القدس منذ انتخاب ترمب

أكدت إحصاءات نشرت، أمس، عن مضاعفة سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات هدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، منذ انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقد أكد رئيس بلدية القدس الغربية، نير بركان، هذه المعلومات بنفسه. لكنه ادعى أن الأمر لم يكن مقصودا، إنما هي عملية تطبيق لأوامر المحكمة كما يلزمها القانون ومن دون أي مواربة. وهدد بالمزيد من الهدم قائلا: «فليعرف كل من يبني بشكل غير قانوني أن بلدية القدس ستهدم بيته».
وكانت جمعية «مدينة الشعوب»، وهي تنظيم إسرائيلي يساري يكافح النشاط الإسرائيلي لتهويد القدس، قد اتهمت الحكومة الإسرائيلية وبلدية القدس، باستغلال استبدال الإدارة الأميركية، وتعاملهما مع الأمر، على أساس أن انتخاب ترمب يعد إشارة إلى رفع القيود المفروضة على تطبيق أوامر الهدم. ويتضح من معطيات الجمعية، أن البلدية قامت منذ بداية العام الحالي بهدم 42 وحدة إسكان، بينما تزيد، في المقابل، من العراقيل أمام المصادقة على مخططات تسمح بالبناء القانوني للفلسطينيين في شرقي المدينة. وحسب معطيات نشرتها، فقد تم في عام 2016 هدم 203 أبنية في القدس الشرقية، هُدم نصفها بعد الانتخابات الأميركية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما جرى خلال عام 2015 هدم 73 بناية. وفي 22 حالة قام أصحاب البيوت بهدم بيوتهم بأيديهم، لتجنب دفع الضرائب المرافقة لعملية الهدم وأجرة الجرافات وغيرها من آلات الهدم.
وجرى الأسبوع الماضي، هدم منزل عائلة ترك في بلدة العيسوية. وكان رب العائلة صالح، يعرف منذ زمن أنه سيجري هدم منزله، لكنه فوجئ بوصول مفتشي البلدية والجنود. وقال: «أعددت القهوة ووضعت الطعام للأولاد، وفجأة رأيت البيت يمتلئ بالجنود. قالوا لي إن علي مغادرة المنزل خلال عشر دقائق، وأخذ ما يمكنني حمله بيدي. قلت لهم بأن علي البحث عن حذاء الطفل، فلم يسمحوا لي حتى بعمل ذلك. أخذت الأولاد وابتعدت بهم عن المكان. ولما عدت، لم أصدق ما شاهدت، لقد هدموا كل شيء». وأضاف، أن أملاك العائلة بقيت تحت الردم. في المقابل تدعي البلدية أن المنزل كان في طور البناء وكان فارغا.
وقالت الجمعية، إن غالبية السكان الذين تم هدم بيوتهم، حاولوا الحصول على تراخيص من البلدية، لكن في غياب خريطة هيكلية مصادق عليها في شرقي المدينة، لا يمكن الحصول على تراخيص. وعلى الرغم من أن رئيس البلدية، نير بركات، صرح غير مرة، أنه ينوي إعداد خريطة هيكلية وخرائط مفصلة للأحياء الفلسطينية، من أجل السماح للسكان بالبناء بشكل قانوني، فإنه لم يجر دفع خرائط كهذه في السنوات الأخيرة. وقد عرضت جمعية «مدينة الشعوب» وجمعية «بمكوم»، نماذج لخرائط أعدها السكان، ولكن البلدية رفضتها، أو أجّلت النظر فيها. وأضافت أنه في عام 2008، قدم سكان حي الطور خريطة أعدوها بأنفسهم لتوسيع الحي، وجاءت متلائمة مع متطلبات الخريطة الهيكلية للقدس وحظيت بترحيب من قبل بركات. لكن البلدية بدأت، بعد ذلك، وبالتعاون مع سلطة حماية الطبيعة، بدفع مخطط الإعلان عن الحديقة القومية على منحدرات جبل المكبر، وبذلك ألغت عمليا، الخريطة التي قدمها السكان. كما حاول السكان في حي صور باهر دفع خريطة تسمح لهم بالبناء القانوني، وفي كل مرة كانت البلدية تطالب بتغيير الخريطة، وملاءمتها مع الخريطة البلدية، إلى أن قررت رئيسة لجنة التنظيم والبناء في 2013 رفض الخريطة بادعاء أنه مر وقت طويل على تقديمها.
وقال أفيف تتارسكي، الباحث في جمعية مدينة الشعوب، إن «حكومة إسرائيل تضع السكان الفلسطينيين أمام خيار وحشي: إما أن يكونوا مطرودين من مدينتهم وإما يقومون بالبناء من دون ترخيص، والمخاطرة بهدم بيوتهم ودفع غرامات».
يذكر أن لجنة الداخلية البرلمانية، أجرت الاثنين، نقاشا حول المداهمات الليلة لبيوت الفلسطينيين في القدس الشرقية، بطريقة الانتقال من باب إلى باب، ومداهمة مئات البيوت في حي راس خميس، بين الساعة الواحدة بعد منتصف الليل والرابعة فجرا، وإيقاظ السكان بشكل مفزع ومزعج وتوجيه أسئلة شخصية إليهم.
وفي السياق قدم سكان الأحياء الواقعة وراء الجدار في منطقة مخيم شعفاط، وتنظيم «إنسان، طبيعة وقانون»، التماسا إداريا إلى المحكمة المركزية في القدس، يطالبون فيه بإلزام البلدية جمع النفايات من المنطقة. وجرى إرفاق الالتماس بوثيقة أعدها مدير خدمات الصحة في المنطقة، ما يشير إلى ارتفاع الحالات المرضية المرتبطة بالتلوث - أمراض في جهاز التنفس، التهاب مزمن وأزمة، تلوث الأمعاء المتواصل، الإسهال والتقيؤ. كما أرفق الالتماس برسالة من مدير المدرسة الابتدائية في شعفاط، صالح محسن، كتب فيها، أن «أوضاع النفايات في المدرسة غير محتملة. هناك كمية كبيرة من النفايات على الشارع، الأمر الذي يجبر الناس على إحراقها، ما يؤدي إلى انتشار الدخان في الشوارع وتسربه إلى المدرسة، والتسبب بمشاكل صحية للطلاب».
وحسب الالتماس، فإن حاويات النفايات القائمة هناك، معدة لخدمة 25 ألف نسمة، بينما يعيش في شعفاط 70 ألف نسمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».