أسئلة الشك في حياة رتيبة

«أتعثر في الغيمة فتبكي» جديد الشاعر المغربي جمال الموساوي

أسئلة الشك في حياة رتيبة
TT

أسئلة الشك في حياة رتيبة

أسئلة الشك في حياة رتيبة

بعد «حدائق لم يشعلها أحد» (2011) و«مدين للصدفة» (2007) و«كتاب الظل» (2001)، صدر للشاعر المغربي جمال الموساوي ديوان شعري رابع، أعطاه عنوان «أتعثر في الغيمة فتبكي»، متضمنًا 46 قصيدة، كتبت جميعها في 2014.
عن إصداره الجديد، يقول لنا الشاعر إنه «اشتغل، في قصائد هذا الديوان، أساسًا، على تيمة الشك، انطلاقًا من تصور لحياة يعتبرها رتيبة وبلا معنى، وبخاصة عندما تعاش من دون أسئلة تتأمل الأشياء والأفكار، ويبقى الشك على الباب مفتوحًا، من دون أن يترك مجالاً لأجوبة قطعية».
هكذا، يـُـولّد الشك أسئلته، وهي ذاتها الأسئلة التي يطرحها الشاعر في أكثر من قصيدة، تمامًا كما كتب في قصيدة «جهل»، حيث «يسرح السؤال في مكان ما - ولا يصعد إلى سطح الوقت»، وحيث «الحلم جرسٌ ناعمٌ - لا يرقى في السلم كي يصير معرفة»؛ قبل أن نقرأ له، تحت عنوان «خصوصية»: «وددت أن أرتفع قليلاً لأرى ما خلف الذات. - الكلام كثيرٌ، - وأنا اعتدت على ما لدي. - اعتدت على صداقة الظل - أفرح كلما امتدت يد لا أعرفها إلي، - اعتدت على الفرح المفاجئ - وعلى الصدفة تقطر من سماء رمادية».
يشدد الموساوي على أنه دائم التساؤل بخصوص قضايا الإنسان في علاقته بالعالم: موقعه. قلقه. تفاعله وتواصله مع نفسه ومع الآخرين، في عالم يتجه، شيئا فشيئًا، نحو التنميط والتمزق والتشظي؛ وهو وضع يجد صداه في قصيدة «على مهل»، حيث نقرأ: «رويدا رويدا - يتأثث العمر بالأشياء الصغيرة - بالصداقات العابرة - بتلك الممتدة كخيط المطر - بالحب الشبيه بالموج - وبالضغائن الحقيرة - رويدا رويدا - أكتشف أن العمر شاحنة قديمة - وأن ثمة متلاشيات كثيرة على ظهري - وأن الشاحنة تمضي بسرعة باتجاه الهاوية - رويدا رويدا - تصعد الأشياء - والوجوه - والاستيهامات التي مرت على الجسد - تكبر بينما الوجود كله - يتضاءل - ويستسلم للعدم الآسر - رويدا رويدا».
يرى الموساوي أن الطفرة الحالية للتكنولوجيا جعلت المعرفة مشاعة، وفتحت الباب عريضًا أمام الناس ليسائلوا كل المسلمات القائمة من دون استثناء، الشيء الذي يفسر لمَ خيم معجم وسائل الاتصال الحديثة على أكثر من قصيدة، ومن ذلك أن نقرأ في قصيدة «عن كثب»: «أفترض أنك هنا - بيننا هذا الجدار الأزرق - من نافذة في الواجهة اليسرى - أطلّ على شارع الأصدقاءِ - أتفحص الوجوه التي تعبر في الهلامي من كل شيء - ومن شقة صغيرة في النافذة اليمنى - ينتشر دفءٌ مشوبٌ بحذرٍ أنيقٍ: - كلمات تقول - ولا تقول. - العالم واقف.. هناكَ!»؛ أو في قصيدة «شلال من الورد»، حيث نقرأ: «أرى - ولا أرى - هذا الجدار يشد انتباه العابرينَ - بينما أنتشر في كل اتجاه: - خلف هذه المساحة الرخوة - والمسافات المفترضة - أنهار من الحنين - شلال من الورد المنسي – وطفل»؛ أو في قصيدة «صانع الأرق»، حيث نقرأ: «لا أعرف شيئا عنك - الهواء في رئة الآلة ليس ملوثا كما في الشارع - ثمة أكياس هوائية إضافية - ثمة حراس مفترضون - وجوه متعددة لوجه واحد - متآلفة - ثمة ما نسميه لبسا في العادة - في هذا النسق غير المنطقي - لا أعرف شيئا عنك أيتها الكائنات الرخوة - لا أعرف ما الذي خلف الصفحة - وما الذي يوحي به عالم هارب إلى الأمام - في انتظار ذلك - أمام الشاشة المشوشة لخيال مزعوم - لا تزال أصابعي تزرع حبات الأرق!».
يشير الموساوي إلى أن ديوانه الجديد هو «مجموعة افتراضية»، على اعتبار أن نصوصها كتبت ونشرت مباشرة على الجدار الخاص في «فيسبوك»، عدا أربعة. قبل أن يستدرك، قائلاً إنه كتب هذه النصوص عن وعي مسبق بأن الأمر يتعلق بمجموعة شعرية سيتم تجميعها لاحقً؛، لذلك كانت مثار تفاعل من الأصدقاء والمتابعين، بالنظر إلى إمكانات التواصل التي يتيحها الموقع الاجتماعي، فضلاً عن إمكانية الوصول السريع إلى القارئ دون وسيط، بشكل يؤكد استثمار ميزة التكنولوجيا والإنترنت في نشر المعرفة.
وعن الجديد الذي يقترحه عمله الجديد، على مستوى المنجز والتجربة، قال الموساوي: «ربما القارئ هو الذي سيكشف ما إذا كان هناك جديد أقترحه في هذه المجموعة مقارنة مع ما نشرته سابقًا، لكنني أعتقد أنني اشتغلت على تيمة الشك، بوعي أكثر من السابق، رغم أن القلق والسؤال كانا حاضرين دائمًا».
وعن إصراره على كتابة ونشر الشعر في زمن عولمة تصر على نفي الشعر والقول بلا جدواه، رد الموساوي بأن «الكتابة فعل ذاتي قبل كل شيء، فهي تلبي حاجة داخلية تنتج من الاصطدام بالأشياء الموجودة في العالم، سواء كانت هذه الأشياء أجسامًا أو أفكارًا، إذن فهذه هي الجدوى الأولى لكتابة الشعر.
النشر مسألة أخرى، وعندما نتحدث عنه نتحدث عن الرواج والقراءة وهو، في الغالب، حديث أزمة، ربما حقيقية وربما مبالغ فيها، وما دمنا تحدثنا عن التكنولوجيا، وبشكل غير مباشر عن العولمة، فكان يفترض أن تكون عاملاً محفزًا على توسيع دائرة احتضان الشعر وليس على نفيه، لكن فكرتي عن قارئ الشعر هي أنه قليلٌ؛ لأن القصيدة تحتاج إلى من يجد نفسه فيها، إلى من يتماهى ربما مع الحالة الشعرية التي أملت كتابتها، وهذا لا يحدث إلا قليلاً».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.