دراويش سوسن الصراف و{الطريق الصوفي}

الرسامة العراقية تبحث في معرضها عن الذات والوطن المفتقد

الفنانة في معرضها
الفنانة في معرضها
TT

دراويش سوسن الصراف و{الطريق الصوفي}

الفنانة في معرضها
الفنانة في معرضها

لم يحدث أن تماهت رسامة مع شخصيات لوحاتها كما هي حال سوسن الصراف مع أعمالها في معرضها الذي تقيمه في عمّان، والتي تأتي من مجموعة «الطريق الصوفي». إن بينها وبين الدراويش الذين اعتنت برسمهم أوجه شبه كثيرة. بل إنها تمضي في لعبة المرايا فنرى وجهها يحتل بعض وجوه لوحاتها، أو نراها بالطربوش الأحمر القصير وهي تلصق شاربا على وجهها الجميل الناعم. ما حكاية الطالبة التي درست في مدرسة للراهبات في بغداد، وما علاقتها بالدروشة؟
في نص لها حول الطريق الصوفي، تكتب سوسن الصراف: «قبل عقد من الزمن، بدأت أنتهج طريق التأمل من خلال العلاج الروحاني. كان إيماني بالله قويًا دائما، إلا أنني شعرت أن هنالك شيئا مفتقدًا يتمثل في الوعي بذاتي ومدى معرفتي الحقيقية بخبايا نفسي. وكان لا بد لي من التحليل والنظر إلى هويتي والتمعن في حياتي في بلاد الشتات. عند ذلك بدأت أسأل نفسي بطريقة نقدية لم يسبق لي فعلها. لقد تحول تركيزي من وصف الماضي إلى وصف اللحظة الراهنة وحياتي الحالية والموقع الجغرافي الذي انتقلت إليه».
تبدو تساؤلات الفنانة شبيهة بالكثير من الأسئلة التي يتوقف المهاجرون والمغتربون، في مفصل من حياتهم، ليطرحوها على أنفسهم. ولعل الشتات العراقي الراهن هو الدافع والمحرض الأكبر. وهي لحظة قادت الفنانة القديرة سوسن الصراف إلى نوع من التأملات الروحانية والاهتمام بالتقاليد الصوفية. لقد انجذبت عينها المدربة على التقاط جمال الطبيعة وتفاصيل الحضور الإنساني فيها إلى متابعة الطقوس التي يمارسها الدراويش المولوية الذين ترى أنهم ينفصلون خلالها عن العالم المادي ويسعون للاندماج، في نهاية المطاف، في عالم اللاوعي الحسي.
إلى جانب هدفها الأساسي المتمثل في تحقيق الراحة النفسية والتناغم الداخلي، لم تتوقف عن مواجهة السؤال الحساس عن الهوية الذاتية والتمييز الذي تواجهه الأنثى في السياقات الاجتماعية المتعارفة. وهكذا راحت ترسم نفسها درويشًا، وكأنها تبحث عن الوجه الآخر للأنثى كروحانية عميقة. وهي تعترف بأنها، من خلال بحثها، لم تصادف إلا نادرًا نساء متصوفات. ثم بدأت تجريبات تشكيلية على الوجوه، ما بين إناث وذكور، من خلال صورتها الشخصية، فإذا بأعمالها تأخذ منحى آخر من الوعي بدور المرأة. وهي تصف هدفها بأنه محاولة لاستنطاق سلطة الرجال من منظور أنثوي. وتقول إن حوارًا جرى بينها وبين سيدة متصوفة ساعدها في فهم العلاقات الروحية. والخلاصة هي أن التصوف لا جنس له. لكن مهما كان المغزى الفلسفي في اللوحات، لا يغيب عن المتفرج تقدم التقنية التي تتمتع بها الرسامة وهي في سعيها لتصوير معضلة الإنسان المعاصر في بحثه عن السلام والحرية.
في تقديم الأعمال، نقرأ كلمة لياسين السلمان يقول فيها إن سوسن الصراف تمتلك في داخلها ضوءا ساطعًا يشبه نهجها الحنون في الفن. «فهي المرأة الحساسة، والمعلّمة، والفنانة الصادقة التي استطاعت أن تجد وطنًا لها في عدة أماكن، ما بين بغداد وأبوظبي وبيروت وعمان ومونتريال. فهذه المدن المختلفة صقلت تجاربها وهويّتها الفنية وأثارت نوعًا من الاستقرار في التغريب المستمر. وهي مفارقة استطاعت أن توظّفها لصالح فنها. وما الطريق الصوفي سوى تتويج لرحلة النفس تلك من خلال إعادة تعريف الذات. كما أنها محاولة للعثور على هدف واضح من خلال الفن والتعبير. وهو عمل من القلب، وعلى الأرض، وكذلك من الروح، إلى السماوات».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.