خمسة مشاريع لحل القضية الفلسطينية تستبدل خيار الدولتين

خمسة مشاريع لحل القضية الفلسطينية تستبدل خيار الدولتين
TT

خمسة مشاريع لحل القضية الفلسطينية تستبدل خيار الدولتين

خمسة مشاريع لحل القضية الفلسطينية تستبدل خيار الدولتين

منذ أن أدلى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بتصريحه الشهير، حول خيار الدولتين أو الدولة الواحدة، لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما تبعه من استطلاعات للرأي، وأهمها ما صدر عن معهد أبحاث الأمن القومي، مؤخرا، يؤكد أن 59 في المائة من الإسرائيليين ما زالوا يؤيدون حل الدولتين، يجتهد كثير من الشخصيات السياسية، في اليمين الإسرائيلي واليسار، لطرح اقتراحات حلول جديدة، كبدائل لحلّ الدولتين المألوف. وبنتيجة ذلك، جرى تداول خمسة مشاريع.
ينطلق كثير من أصحاب تلك المقترحات، من أن مقولة الرئيس دونالد ترمب: «دولتان أو دولة واحدة، مهما تكن رغبة الطرفين»، قد سدّت آفاق فكرة الدولتين، خصوصا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يبدو كمن يتهرب من الحسم في الأمر، خوفا من حلفائه في معسكر اليمين، الذين يعتبرون تصريح ترمب نهاية لفكرة الدولتين، فهو يقول: «أنا أفضّل الانشغال بالمضامين لا بالوسم الموضوع عليها».
ومن أبرز هذه المقترحات، ما طرحه الرئيس الأسبق للكنيست والرئيس الأسبق للوكالة اليهودية، أبراهام بورغ. وقد اختار أن يعلنه لأول مرة أمام الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في رام الله، في نهاية الأسبوع الماضي.
ويسعى بورغ لرؤية دولة يحظى جميع مواطنيها بتساو مطلق في الحقوق، أو دولتين تستطيع القوميات المختلفة فيهما الحصول على تعريف مستقل لذاتها. ولكن هذه الدولة، على العكس مما يسعى له الداعون إلى خطة الفصل من اليسار واليمين، بحسب رؤية بورغ، تعيش في كونفدرالية بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين المستقلة، وبذلك، فإن رؤى «نحن نعيش هنا وهم يعيشون هناك»، لن تكون حاضنة لتخليد الصراع، بل ينبت مكانها تعاون حقيقي بين الشعبين.
وينبغي أن تدار المفاوضات بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين في شأن الفيدرالية، بين شريكين متساويي الحقوق، من دون ضغوطات، وبشكل عادل. «إن هذا البديل يعد جسرا يصل بين ثلاث رؤى متعارضة: تواصل الأزمة، ودولتان لشعبين، أو دولة واحدة. فعبر هذه الرؤية الوحدوية الكونفدرالية، سيكون بإمكاننا التوصل إلى توافقات واسعة النطاق، وأكثر عمقا مما نعرفه حتى اليوم».
وهناك اقتراح ثان يطرحه عمانوئيل شاحف، أحد كبار ضباط «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجية) السابقين يقول: علينا أن نسعى «لتقسيم أرض إسرائيل (فلسطين التاريخية)، إلى فيدرالية مكونة من ثلاثين كانتونا. فهذه الفكرة تمنح إسرائيل، وللمرة الأولى، شرعية من أجل التوصل إلى حل صحيح للصراع مع الفلسطينيين: فرض القانون الإسرائيلي على أرض إسرائيل بأكملها، بما يشمل يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، باستثناء غزة، منح حقوق المواطنة لسكان يهودا والسامرة العرب، وتحويل إسرائيل إلى ديمقراطية فدرالية تقدمية. إن مفتاح هذا الحل هو منح الحكم المستقل الإقليمي لكل قطاع في أرض إسرائيل، وتحويلها إلى فدرالية على غرار الولايات المتحدة، وسويسرا، وبلجيكا، ودول أخرى متطورة في العالم. إنها دولة سيكون بإمكان اليهود والعرب إدارة شؤونهم فيها بأنفسهم، وتحقيق هويتهم الثقافية تحت المظلة الأمنية التي يوفرها الجيش الإسرائيلي، وتحت المظلة الاقتصادية التي يوفرها الاقتصاد الإسرائيلي الحداثي والمتقدم.
ووفق هذا الاقتراح، تبقى المستوطنات في الضفة الغربية على حالها، ويبقى الجيش الإسرائيلي باعتباره القوة العسكرية الوحيدة بين البحر والنهر، باستثناء قطاع غزة. ويكون لكل كانتون حكومة ومجلس خاص به، تدير المسائل التشريعية وتسن القوانين المحلية وتدير شؤون التعليم، والسلطة المحلية، والخدمات الشرطية، والتخطيط والبناء والإسكان، في وقت تقوم فيه الحكومة الفيدرالية بإدارة شؤون الأمن والخارجية والاقتصاد العام. وبحسب هذا البرنامج، يجري توسيع الكنيست الإسرائيلي، وإلى جانب المجلس التشريعي القائم، سيقام مجلس آخر، يشبه البيت الأعلى، يمثل الكانتونات. بحسب أقوال شاحف، فإن الفلسطينيين عبر هذا الحل، سيكونون قادرين على تحقيق تطلعاتهم القومية في إطار الكانتونات. سيجري إطلاق اسم إسرائيل على الدولة الفيدرالية، لكن الكانتونات التي ستشمل أغلبية عربية ستكون قادرة على رفع علمها. وفوق كل هذا، فإن الـ«هتكفا» (النشيد الوطني الإسرائيلي، الذي يتحدث عن أشواق اليهود إلى بناء وطن قومي لهم في «أرض صهيون»)، سيكون هو النشيد الوطني للجميع.
وهناك اقتراح ثالث هو: «دولتان، وطن واحد». وقد أطلق فكرتها مجموعة من الشخصيات الإسرائيلية والفلسطينية. وهم يقترحون إقامة كونفدرالية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967، وضمن حرية الحركة والمؤسسات المشتركة. وتظل المستوطنات تحت السيادة الفلسطينية، وسيكون بإمكان المستوطنين الحفاظ على جنسيتهم الإسرائيلية. كما أن عددا موازيا من سكان فلسطين سيكونون قادرين على السكنى في إسرائيل تحت الاسم المدني «سكان» (أي من دون جنسية، ولكن مع حق السكن والعمل).
وقد ولدت هذه المبادرة قبل نحو خمسة أعوام بعد سلسلة من اللقاءات، أجراها الصحافي الإسرائيلي ميرون رابابورت، والناشط السياسي الفلسطيني عوني المشني، وهو من مواليد مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم. بحسب البرنامج المذكور، يجري تحديد الحدود بين الدولتين وفق خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وإنهاء حالة الاحتلال بشكل نهائي. ستكون الدولتان ديمقراطيتين، وسيكون نظام الحكم فيهما مؤسسا على مبدأ سيادة القانون، والاعتراف بمبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها. وستمنح الدولتان، بحسب هذا البرنامج، الحق في تحديد طبيعة الهجرة إلى أراضيها، إلى جانب قوانين التوطين فيها. وبذلك، فإن فلسطين ستكون حرة في توطين اللاجئين الفلسطينيين. أما إسرائيل فستكون حرة في توطين جميع يهود المهجر، بحسب رؤية كل منها. وستكون الدولتان ملتزمتين برؤية الأرض المفتوحة، حيث سيُضمن لسكان الدولتين، الحق في التحرك والسكنى في كل أنحاء البلاد. كما تقول الخطة إن السكان الدائمين الإسرائيليين في فلسطين سينفذون حق التصويت الخاص بهم في إسرائيل داخل فلسطين، كما أن القدس ستكون عاصمة للدولتين، ويقترح هذا البرنامج أيضا، منظومات مشتركة لتحقيق التصالح بين الشعبين، ومن ضمنها، إقامة لجان مصالحة مشتركة، تتيح مناقشة أكثر عمقا وأكثر استكمالا للظلم الذي مورس في الماضي من قبل الطرفين.
ويطرح عضو الكنيست الأسبق من الجناح المتطرف في حزب الليكود، موشيه فيغلين، قائد حركة «هوت» (هوية)، مشروع الدولة الواحدة، على النحو التالي: فرض السيادة الكاملة على مناطق فلسطين كافة، ومنح توصيف «سكان» يشمل حقوق الإنسان كاملة لجميع الفلسطينيين، ولكن من دون حقوق سياسية مثل الانتخاب للكنيست مثلا. ويطرح برنامج تشجيع لهجرة السكان العرب، اقتصاديا، ممن سيكونون مستعدين للهجرة إلى دولة أخرى، وفتح مسار تلقي حق المواطنة لمن يربط مصيره بمصير دولة إسرائيل ويعلن ولاءه لها.
ويقترح عضو الكنيست يوآف كيش (من حزب الليكود)، مخططا يرتكز على برنامج الحكم الذاتي، الذي اقترحه رئيس الحكومة الأسبق مناحيم بيغن، خلال مؤتمر كامب ديفيد مع الرئيس المصري أنور السادات، والرئيس الأميركي جيمي كارتر في عام 1979. ويتطرق البرنامج إلى أراضي الضفة الغربية والقدس، ولا يشمل قطاع غزة. وهو يلغي إمكانية إقامة دولة فلسطينية، ويسعى لإلغاء اتفاقيات أوسلو. كما أنه مكون من مراحل عدة. في المرحلة الأولى، يجري فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، باستثناء أراضي الحكم الذاتي التي ستمنح للفلسطينيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».