دراسة بريطانية تكشف عن تراجع عائدات «داعش» إلى النصف

بحد أقصى 870 مليون دولار عام 2016

دراسة بريطانية تكشف عن تراجع عائدات «داعش» إلى النصف
TT

دراسة بريطانية تكشف عن تراجع عائدات «داعش» إلى النصف

دراسة بريطانية تكشف عن تراجع عائدات «داعش» إلى النصف

رصدت دراسة حديثة تراجعًا كبيرًا في إيرادات تنظيم داعش بنسبة تزيد على 50 في المائة، مقارنة بعام 2014. وعزت الدراسة المشتركة بين كلية «كينجز لندن» وشركة «إرنست أند يونغ» المتخصصة في التدقيق المالي والاستشارات الاقتصادية هذا التراجع على وجه الخصوص إلى فقدان التنظيم السيطرة على مناطق كبيرة في العراق وسوريا.
وأوضح القائمون على الدراسة، التي حصلت وكالة الأنباء الألمانية على نسخة منها، أول من أمس، أنه إذا استمر الاتجاه على هذا النحو، فإنه من المحتمل أن ينهار «نموذج أعمال» التنظيم قريبًا. ومن المقرر طرح الدراسة أمس خلال مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن.
وبحسب الدراسة، تراجعت إيرادات «داعش» من نحو 9.‏1 مليار دولار عام 2014 إلى 870 مليون دولار على أقصى تقدير عام 2016، وفقد التنظيم جزءًا كبيرًا من الأراضي التي سيطر عليها منذ اجتياحه للعراق في صيف عام 2014، بنسبة تصل إلى أكثر من 60 في المائة في العراق، ونحو 30 في المائة في سوريا، بحسب الدراسة.
وأوضحت الدراسة أن هذا أدى أيضًا إلى تراجع عدد الأشخاص الذين يحصّل منهم «داعش» الضرائب، كما يسيطر «داعش» حاليًا على منابع نفط وغاز أقل. وقال شريك «إرنست أند يونغ»، شتيفان هايسنر: «كلما تقلصت المناطق تقلص الرصيد المالي للإرهابيين».
تجدر الإشارة إلى أن الخبراء يصنفون «داعش» حتى الآن كـ«أغنى تنظيم إرهابي في العالم». وبحسب الدراسة، تأتي معظم إيرادات «داعش» من الضرائب (ما يصل إلى 400 مليون دولار)، وبيع النفط (ما يصل إلى 250 مليون دولار).
وتراجعت بشدة الإيرادات المستمدة من عمليات النهب والمصادرات، التي كانت في البداية من أهم المصادر المالية للتنظيم. وكانت تقدر إيرادات «داعش» من عمليات النهب والمصادرات بنحو مليار دولار، قبل أن تنضب هذه المنابع بوضوح، في ظل عدم استيلاء داعش على مناطق جديدة. وبحسب الدراسة، تلعب أموال الفدية دورًا محدودًا في حجم إيرادات «داعش». وتعذر تقدير إيرادات التنظيم من بيع الآثار، ولم يجد القائمون على الدراسة أدلة على مصادر تمويل من الخارج... من دول الخليج السنية، على سبيل المثال.
وفي المقابل، أوضحت الدراسة أن تراجع الإيرادات ليس له تأثير مباشر على قدرة التنظيم على شن هجمات إرهابية، التي تكون تكلفة تمويلها منخفضة نسبيًا في الغالب.
وقال الخبير في شؤون الإرهاب وأحد المشاركين الأربعة في إعداد الدراسة، بيتر نويمان من كلية «كينجز لندن» في تصريحات لمجلة «دير شبيغل» الألمانية التي نشرت الدراسة أيضًا: «بحسب أحد تقديرات السلطات الفرنسية، لم تزد تكلفة هجمات باريس في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 عن 20 ألف يورو».
ويتوقع القائمون على الدراسة استمرار تراجع إيرادات «داعش» في ظل الهجمات المتعددة التي يتعرض لها التنظيم حاليًا في العراق وسوريا، مشيرين إلى أن التراجع سيكون قويًا حال فقد التنظيم السيطرة على مدينة الموصل العراقية على وجه الخصوص.
وفي المقابل، أشارت الدراسة إلى أن تنظيم داعش أثبت في الماضي أن بمقدوره تجاوز الانتكاسات المالية والعسكرية. وأوضح القائمون على الدراسة أن «داعش» يمكنه في المستقبل الاعتماد مجددًا على عمليات الابتزاز والتجارة غير المشروعة، مثلما كان يفعل في الماضي. وتعتمد الدراسة في بياناتها على تقديرات للحد الأقصى من الإيرادات الذي من الممكن أن يتحصّل عليه التنظيم. كما تستند الدراسة إلى مصادر متاحة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».