تونس: قانون الإبلاغ عن الفساد يثير جدلاً بين الحكومة والبرلمان

إثر تأجيل جلسة برلمانية مخصصة له

تونس: قانون الإبلاغ عن الفساد يثير جدلاً بين الحكومة والبرلمان
TT

تونس: قانون الإبلاغ عن الفساد يثير جدلاً بين الحكومة والبرلمان

تونس: قانون الإبلاغ عن الفساد يثير جدلاً بين الحكومة والبرلمان

عقد محمد الناصر، رئيس البرلمان التونسي، جلسة عمل أمس، خصصت لإعداد أرضية مشتركة بين الحكومة والبرلمان، لمناقشة مشروع قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين والتصديق عليه، بحضور عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد، وعماد الخميري رئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية (لجنة برلمانية)، وممثل عن كل كتلة برلمانية، وذلك في نطاق الإعداد للجلسة العامة البرلمانية المتعلقة بمناقشة قانون الإبلاغ عن الفساد الأسبوع المقبل.
وعقب الاجتماع، قال عبيد البريكي إن الحكومة ستبقي على التعديلات التي أدخلتها لجنة الحقوق والحريات (لجنة برلمانية) على مشروع قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، لمحاولة طمأنة عدد من النواب الذين انتقدوا موقف الحكومة من ملف الفساد، بعد تأجيلها جلسة برلمانية حول هذا الموضوع كان من المقرر عقدها يوم 14 فبراير (شباط) الحالي.
وأضاف البريكي أن النقاط التي أثارها النواب لا تطرح إشكالا بالنسبة للحكومة، بل تتضمن مجرد إضافات للتدقيق فقط، موضحا أن مكافحة الفساد تعتبر من بين أهم الأولويات المطروحة على حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد، وبحسب ما ورد في وثيقة قرطاج التي تشكلت على أساسها تلك الحكومة.
ووفق مصادر برلمانية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن نص القانون تضمن تغييرات مهمة، من بينها تغيير الإبلاغ عن الفساد من الهياكل العمومية المختصة، التي تحيل ملف الفساد إلى هيئة مكافحة الفساد، إلى الإبلاغ مباشرة لدى تلك الهيئة وعدم المرور الإجباري بالهياكل العمومية عند التبليغ عن ملفات فساد. كما مكنت التعديلات المذكورة المؤسستين الأمنية والعسكرية من الإبلاغ عن الفساد بعد أن استثناهما مشروع القانون في البداية، كما شددت العقوبات على من يكشف هوية المبلغين عن الفساد.
وفي هذا الشأن قالت إيمان بن محمد، عضوة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية، إن النقاط التي أثارها الطرف الحكومي تتعلق خصوصا بالنص على حماية المعطيات الشخصية، وكذلك الاختلاف مع البرلمان حول تعريف الفساد. وتتألف لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية من 22 عضوا برلمانيا، وتتقاسم فيها حركة النهضة وحزب النداء المرتبة الأولى بسبعة أعضاء لكل حزب من هذين الحزبين.
وتؤكد تصريحات الحكومة على أن ملف محاربة الفساد يمثل مسؤولية مشتركة تحتاج إلى تضافر جميع الجهود، بما في ذلك البرلمان والحكومة، والمجتمع المدني والإعلام، بهدف القضاء على بؤر الفساد وتجفيف منابعه، وترى أن مناقشة مشروع القانون الجديد تتطلب وجود إرادة قوية من أجل القضاء على الفساد والسعي لاقتلاعه من جذوره.
وتشير تقارير عدد من المنظمات الدولية، ومنها منظمة الشفافية الدولية، إلى أن تونس تخسر سنويا نحو 3 نقاط على مستوى النمو الاقتصادي بسبب ملفات فساد إداري.
وأثار أعضاء البرلمان شكوكا قوية حول الدواعي الحقيقية لسحب مشروع القانون من قبل الحكومة، ومدى صدق رغبتها في مقاومة الفساد وفتح ملفاته أمام العموم، ومقاومته بطرق قانونية شفافة وواضحة.
وفوجئ أعضاء البرلمان بطلب الحكومة إرجاء النظر في هذا القانون، وهو ما خلّف تضاربا في التأويل، ذلك أن أعضاء البرلمان أشاروا إلى أن روزنامة الاجتماعات البرلمانية حددت منذ أسبوعين، وأن الحكومة على علم بمختلف تفاصيلها، ولذلك اعتبروا أن تأجيلها للجلسة وراءه أسباب غير معلنة، فيما أكدت الحكومة أنها علمت بالاجتماع قبل انعقاده فقط بسويعات، موضحة أن الوزير المكلف هذا الملف (عبيد البريكي) كان في مهمة رسمية خارج تونس، وهو ما يجعل عقد الاجتماع غير ممكن.
يذكر أن النص الأول لهذا القانون أودعته الحكومة في البرلمان يوم 17 يونيو (حزيران) من السنة الماضية، وامتدت فترة مناقشته داخل اللجان البرلمانية من 15 نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة المنقضية إلى الثامن من فبراير الحالي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».