النفط والسلاح يعيدان الزخم الدولي بشأن ليبيا.. وضغوط على الفرقاء لتحقيق الاستقرار

زعيم «التبو» يعتزل السياسة.. ويقول لـ {الشرق الأوسط} إن البعض اتهمه بعرقلة المصالحة

رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان يتحدث في المؤتمر العام للحزب في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان يتحدث في المؤتمر العام للحزب في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

النفط والسلاح يعيدان الزخم الدولي بشأن ليبيا.. وضغوط على الفرقاء لتحقيق الاستقرار

رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان يتحدث في المؤتمر العام للحزب في طرابلس أمس (إ.ب.أ)
رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان يتحدث في المؤتمر العام للحزب في طرابلس أمس (إ.ب.أ)

في تطورات متلاحقة تعكس قلق الأطراف الدولية الرئيسة بشأن ليبيا، أبلغت مصادر قبلية في ليبيا، وأخرى دبلوماسية في العاصمة المصرية، «الشرق الأوسط» أمس أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا، ودولا غربية أخرى، تمارس ضغوطا على أطراف النزاع الليبي من أجل التهدئة والسيطرة على الفوضى الأمنية والدخول في المسار الديمقراطي، مشيرة إلى أن دولا إقليمية أخرى تعمل في هذا الاتجاه من بينها مصر وبلدان أفريقية مجاورة.
وتابعت المصادر الدبلوماسية على هامش زيارات يقوم بها مسؤولون ليبيون لمصر منذ عدة أيام، أن الزخم الدولي حول ليبيا بدأ يستعيد نفسه مجددا بعد أن تضررت شركات بترول عالمية وصفقات تجارية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، مشيرة إلى أن العديد من تلك الصفقات كان ينبغي الانتهاء منه خلال الأشهر الماضية، إلا أن الانفلات الأمني والخوف من تنامي نشاط تنظيم القاعدة، وخلافات الفرقاء السياسيين، عطلت كثيرا من المشروعات، من بينها مشروع استئناف تصدير النفط وآخر يخص توريد طائرات أميركية لليبيا.
وفي تطور مفاجئ أعلن زعيم قبيلة التبو الليبية، عيسى عبد المجيد، اعتزال العمل السياسي. ولم يذكر عبد المجيد، الذي يتردد أنه تربطه علاقة قوية بفرنسا، السبب وراء هذا القرار، رغم أنه أشار لـ«الشرق الأوسط»، بشكل مقتضب، إلى أن البعض اتهمه بعرقلة الاستقرار في البلاد، لكن مقربين منه قالوا في المقابل إنه تعرض لضغوط، في أعقاب الزيارة التي قام بها مسؤولون غربيون لليبيا، لتهدئة الأوضاع، لأن أطرافا في المؤتمر الوطني والحكومة في طرابلس تشكو من أن «عبد المجيد» يعد أحد أسباب عرقلة السير في طريق بناء الدولة، وهو ما نفاه عبد المجيد في رده على أسئلة «الشرق الأوسط» من مكان ما داخل ليبيا.
وفي الوقت نفسه، أكد زعيم التبو قراره بالاعتزال، من دون أن يسمي خليفة له، وهو أمر يمكن أن يزيد من القلاقل في البلاد. وقال عبد المجيد في نص رسالة بعث بها لـ«الشرق الأوسط»: «أعلن اعتزالي العمل السياسي والاجتماعي على كافة الأصعدة سواء داخليا أو خارجيا، وعدم المشاركة فيه بأي صورة من الصور ولا يحق لأي شخص التمثيل أو التكلم باسمي مهما كان، وأعلن عدم تدخلي بالأمور السياسية والاجتماعية المتعلقة بأبناء التبو، ومن يتكلم باسمي سوف يعرض نفسه للمساءلة القانونية». وتعهد عبد المجيد بأن يظل وفيا لـ«ليبيا ولدماء الشهداء».
ومن المعروف أن قبيلة التبو وقبائل الطوارق والأمازيغ الليبية، تقاطع الهيئة التأسيسية لوضع الدستور الجديد في البلاد، ولم تشارك في انتخابات تشكيل الهيئة التي انتهت قبل شهر. ويبلغ عدد الهيئة ستين عضوا، ما زال منها 13 مقعدا شاغرا، من بينها مقاعد لم تتمكن المفوضية العليا للانتخابات الليبية من إتمام عملية الانتخاب لها بسبب احتجاجات واضطرابات أمنية.
وكانت مواجهات وقعت منذ مطلع العام بين قبائل «التبو» و«أولاد سلمان» و«زوية» في محيط مدينة سبها جنوب البلاد الغني بالنفط، أدت إلى مقتل العشرات. وقال مقربون من عبد المجيد من قبيلة التبو، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من ليبيا، إنه «متهم من بعض الأطراف المسؤولة بأنه من الداعين لتقسيم ليبيا، وتقسيم الجنوب»، وإن له «أجندة مع فرنسا، ويريد أن يعيد الاستعمار الفرنسي للجنوب الليبي»، وإنه «من عوائق إبرام المصالحة في ليبيا». وأضافوا أن «هذه الاتهامات غير حقيقية».
وتابعت المصادر أن «عبد المجيد» يريد من وراء قرار اعتزاله، أن يقول إنه ليس السبب في القلاقل والفوضى التي تشهدها الدولة، وأنه «يريد أن يترك للمسؤولين الفرصة حتى يروا ما يمكن أن يحدث بعد اعتزاله.. وسيكون هناك فراغ في زعامة القبيلة بطبيعة الحال».
وعما إذا كان يعتقد أن هناك ضغوطا تمارس من جانب جهات دولية من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا بشكل عاجل لتنفيذ صفقات معطلة منذ أشهر، خاصة بالسلاح والبترول، قال مصدر قبلي كان من ضمن الوفود الليبية الرسمية التي زارت القاهرة أخيرا: «طبعا الدول تسعى لمصالحها، سواء الغرب؛ أوروبا، أو أميركا.. كلها لها شركات أصبحت متضررة بشكل كبير»، مشيرا إلى أن «الأطراف الرئيسة، وعلى رأسها واشنطن، يمكن أن تقول إنها أصبحت تدرك أن الوضع في ليبيا يحتاج إلى جهود دولية حقيقية لمساندتها».
وزار عدد من المستشارين والمسؤولين الأميركيين ليبيا خلال الشهرين الماضيين، في محاولة على ما يبدو لفهم ما يجري في هذه البلاد النفطية شاسعة المساحة، وكان من بينهم نائب وزير الخارجية الأميركي، ويليام بيرنز. وقال المصدر القبلي الليبي إن زيارة بيرنز سبقتها زيارات أخرى لأميركيين من بينهم مستشار في وزارة الدفاع الأميركية.. «زار الزنتان وطرابلس ومصراتة والمنطقة الشرقية (التي تسعى للحكم الفيدرالي)»، مشيرا إلى أن «ما فهمناه، حين التقينا بالأميركيين، هو أن لديهم قلقا من تصاعد نفوذ المتشددين».
ووفقا لمصادر ليبية أخرى تحدثت لـ«الشرق الأوسط» في العاصمة المصرية خلال اليومين الماضيين، فإن فرنسا وإيطاليا، إلى جانب الولايات المتحدة، تضغط على أطراف إقليمية لها علاقات وثيقة بقادة قبائل وميليشيات وكتائب مسلحة، من أجل الانخراط في عملية بناء الدولة الليبية، وتشكيل جيش وشرطة ومؤسسات وحكومة مركزية قوية.
وأشارت المصادر إلى اثنتين من المشاكل التي حركت المياه الراكدة على الصعيد الدولي بشأن ليبيا، وهما «النفط» و«السلاح»، وقالت إن نحو 40 شركة نفط دولية لها تعاقدت مع الدولة الليبية منذ عهد العقيد الراحل معمر القذافي، أصيبت بأضرار بالغة منذ ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، بسبب تراجع القدرة على التصدير أو الالتزام بالتعاقدات، من بينها شركات أميركية تعمل في المنطقة التي يسيطر عليها دعاة الحكم الفيدرالي في شرق البلاد، وأخرى إيطالية في جنوب غربي طرابلس، إضافة لشركات فرنسية لها حصص في آبار نفطية في الجنوب.
وتابعت المصادر، التي التقى بعضها بـ«بيرنز» حين زار ليبيا أخيرا، أن صفقة مبدئية لبيع طائرات عسكرية من الولايات المتحدة لليبيا تقدر قيمتها بملياري دولار، «أصبحت معطلة بسبب قانون أميركي يرجع صدوره لسنة 1979 يمنع منح تأشيرة دخول لليبيين الذين يريدون التدرب على قيادة الطائرات في الولايات المتحدة»، وأضافت المصادر نفسها أن بعض المشرعين في الكونغرس حين أرادوا إلغاء هذا القانون بطلب من البيت الأبيض، تعرضوا لانتقادات بسبب تقارير تتحدث عن اختراق المتشددين الإسلاميين لبعض الإدارات الليبية الرسمية، مثل الحكومة والمؤتمر الوطني.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.