المعارضة السورية تتخوف من مخطط لـ«تسعير» صراع الفصائل وإنهاء وجودها

قيادي في «الحر»: العشرات من عناصرنا سلموا أسلحتهم وغادروا إلى تركيا

صورة لمقاتل من جبهة النصرة في العام 2015 يرفع فيهاعلم تنظيمه في ادلب شمال سوريا بينما يخوض التنظيم الآن معارك عنيفة ضمن تحالف ضد «جند الأقصى» في ريفي إدلب وحماه (أ. ب)
صورة لمقاتل من جبهة النصرة في العام 2015 يرفع فيهاعلم تنظيمه في ادلب شمال سوريا بينما يخوض التنظيم الآن معارك عنيفة ضمن تحالف ضد «جند الأقصى» في ريفي إدلب وحماه (أ. ب)
TT

المعارضة السورية تتخوف من مخطط لـ«تسعير» صراع الفصائل وإنهاء وجودها

صورة لمقاتل من جبهة النصرة في العام 2015 يرفع فيهاعلم تنظيمه في ادلب شمال سوريا بينما يخوض التنظيم الآن معارك عنيفة ضمن تحالف ضد «جند الأقصى» في ريفي إدلب وحماه (أ. ب)
صورة لمقاتل من جبهة النصرة في العام 2015 يرفع فيهاعلم تنظيمه في ادلب شمال سوريا بينما يخوض التنظيم الآن معارك عنيفة ضمن تحالف ضد «جند الأقصى» في ريفي إدلب وحماه (أ. ب)

تتخوف قوى المعارضة السورية، عشية المفاوضات المرتقبة في آستانة وجنيف، من «مخطط دولي» تم تفويض موسكو بإعداده وتنفيذه، يقضي بـ«تسعير» الصراع المحتدم بين الفصائل المسلحة في الشمال السوري، سعيًا لتفكيكها، وإنهاء وجودها، أو على الأقل إضعافها إلى حد لا تستطيع بعده التصدي لأي حل سياسي للأزمة تتفق عليه الدول المعنية بالملف السوري، يخدم مصالحها، ويتوافق مع عملية تقاسم النفوذ التي تسعى إليها منذ فترة من الزمن.
وبعدما كانت المواجهة تتركز، في الآونة الأخيرة، بين «هيئة تحرير الشام» التي تقودها «جبهة النصرة» وفصائل في «الجيش الحر»، من بينها «جيش المجاهدين» وحركة «أحرار الشام»، انتقلت في الساعات الـ48 الماضية لـ«اقتتال شرس» بين «جند الأقصى»، المتهم بمبايعة تنظيم داعش، و«هيئة تحرير الشام»، خلّف خلال 24 ساعة ما يزيد على 70 قتيلاً في صفوف التنظيمين.
وقال مصدر قيادي في الجيش الحر، موجود في الشمال السوري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المواجهات شرسة للغاية بين الطرفين اللذين يقاتلان عقائديًا، وتتركز في الريف الشمالي لحماه المتصل بريف إدلب الجنوبي»، كاشفًا عن مفاوضات تتم حاليًا لتسليم عناصر «جند الأقصى» سلاحهم الثقيل، والانتقال بسلاحهم الخفيف إلى مناطق سيطرة «داعش» في ريف حلب الشرقي، لكنه شدد على أن ذلك لن يكون ممكنًا إلا إذا فتح النظام السوري ثغرة على الطريق الفاصل بين منطقة المعارضة ومنطقة «داعش» الذي يسيطر عليه، والمعروف بطريق حلب – حماة، في منطقة أثريا - خناصر.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل «69 مقاتلاً على الأقل، في قصف واشتباكات وتفجيرات وإعدامات بين فصيل (جند الأقصى) و(هيئة تحرير الشام)، التي تضم كلاً من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) وحركة (نور الدين زنكي)». واندلعت الاشتباكات إثر توتر ناجم عن «حرب نفوذ» في المناطق الواقعة تحت سيطرة الطرفين في محافظة إدلب وريف حماه الشمالي في وسط سوريا، وسرعان ما تطور الأمر ليشمل إعدامات وتفجيرات انتحارية، وبعربات مفخخة، من جانب «جند الأقصى». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن ما يجري عبارة عن «تصفية حسابات بين أمراء حرب».
وكان فصيل «جند الأقصى» الذي تتهمه فصائل عدة بالارتباط بتنظيم داعش، قد انضم إلى جبهة «فتح الشام» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلا أن الأمر لم يستمر كثيرًا، بعد إعلان الجبهة الشهر الماضي فصله من صفوفها. وتأتي هذه المواجهات بعد معارك غير مسبوقة الشهر الماضي بين حركة «أحرار الشام» وفصائل متحالفة معها من جهة، وجبهة «فتح الشام» من جهة ثانية، بعدما كان الطرفان متحالفين. وعلى خلفية ذلك، أعلنت فصائل عدة آنذاك، بينها «صقور الشام» و«جيش المجاهدين»، الانضمام إلى حركة «أحرار الشام»، فيما اختارت فصائل أخرى، بينها جبهة «فتح الشام»، وحركة «نور الدين زنكي»، أن تحل نفسها، وتندمج تحت اسم «هيئة تحرير الشام».
وعبّر القيادي في «الحر»، الذي تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، عن تخوف قيادة «الجيش الحر» من «مخطط استخباراتي دولي بدأ تنفيذه منذ تهجير أهالي حلب، يقضي بإلباس ما تبقى من فصائل مقاتلة بالصبغة السوداء، بعد حصرها بـ(القاعدة) و(داعش)، تمهيدًا لإصدار قرار أممي يسمح للتحالف الدولي بضرب مناطق المعارضة، بحجة مواجهة الإرهاب». وكشف القيادي عن «تسليم العشرات من عناصر (الحر) أسلحتهم في الآونة الأخيرة، على خلفية الاقتتال الحاصل بين الفصائل في الشمال، وتوجههم إلى تركيا، مما يجعل المخاوف من نجاح المخطط المذكور في مكانها تمامًا».
وتتلاقى هذه المخاوف مع قراءة ماريو أبو زيد، الباحث السياسي والخبير الاستراتيجي، للتطورات الأخيرة في الشمال السوري، الذي تحدث في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن مؤشرات تفيد بـ«تفويض دولي لموسكو بمحاولة إنهاء المعارضة، من خلال المساهمة بزيادة الانقسامات الداخلية بين الفصائل، وهو ما تجلى بالسياسة التي اتبعتها موسكو بالتعاطي مع الفصائل خلال مؤتمر آستانة، حيث أصرت على عدم تشكيل وفد موحد، وترك الحرية لكل الفصائل الراغبة بالتمثيل في الوفد المفاوض، بهدف الإسهام بمزيد من الشرخ والتجزئة». ولم يستبعد أبو زيد أن يلحظ المخطط المذكور «السعي لإضعاف حركة (أحرار الشام)، بعد التفاف كثير من الفصائل حولها، بهدف تفكيك كل القوى العسكرية، مما سيسهل عملية تمرير حل سياسي يخدم النظام، فلا يكون للمعارضة قدرة على التصدي له».
ووفق المعلومات، تعتبر حركة «أحرار الشام» حاليًا الفصيل الأكبر في الشمال السوري، حيث تضم في صفوفها هناك 14 ألف مقاتل من مجمل 30 ألفًا يقاتلون في أنحاء سوريا، مقابل 10 آلاف مقاتل لجبهة «تحرير الشام»، شمالاً. إلا أن انشقاق قيادات كبيرة عن الحركة، كأبي جابر الشيخ وأبي صالح طحان وآخرين، وانضمامهم إلى الهيئة، ساهم في «ترهل» كيان «أحرار الشام»، وتشظيها داخليًا.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.