بالنسبة للمحلل والمؤرخ النفطي الشهير دانيل يرغين، فإن السوق النفطية حاليًا تتأثر بعاملين: أولهما هو اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وكبار المنتجين المستقلين خارجها على خفض الإنتاج. وأما الثاني، فهو سرعة عودة إنتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة، مع تحسن الأسعار الحالي.
أما بالنسبة للعامل الأول، فإن يرغين، مؤلف كتاب «الجائزة»، وهو أشهر كتاب عن تاريخ الصناعة النفطية، يرى أن «أوبك» حاليًا ملتزمة بنسبة 90 في المائة بالكمية التي تعهدت بخفضها من إنتاجها اليومي، وهذا معدل كبير مشجع، والسعودية هي التي تقود «أوبك» في هذا الأمر.
ولكن ما الذي يجعل السعودية أكثر حرصًا من غيرها في «أوبك» على خفض إنتاجها بشكل كبير؟ أجاب يرغين عن ذلك، في لقاء تلفزيوني بالأمس مع قناة بلومبيرغ، قائلاً إن المسألة كلها تدور حول الأسعار. لقد تخطت السعودية الكمية التي تعهدت بخفضها، وخفضت بصورة أكبر من ذلك، وتجاوزت نسبة التزامها أكثر من 100 في المائة.
ويضيف: «بالنسبة للسعودية، فإنهم عملوا أكثر من اللازم لجعل هذا الاتفاق ينجح، وهم عازمون جدًا على رؤية هذا الاتفاق ينجح. في النهاية، الأمر ببساطة هو الكمية وضرب السعر، وهم يريدون رؤية الأسعار ترتفع، كما هو حال الباقين، لأن الجميع كان يحس بالضغط... وتحسن الأسعار في صالح الاقتصاد العالمي».
وأظهر تقرير «أوبك» الشهري، الصادر أول من أمس، أن نسبة التزام دول المنظمة بالتخفيض في يناير (كانون الثاني) الماضي بلغت 93 في المائة، بعد أن خفضت إنتاجها بنحو 890 ألف برميل يوميًا، مقارنة بالشهر الذي سبقه، بناء على تقديرات المصادر الثانوية الستة المعتمدة من «أوبك».
وأوضح تقرير «أوبك» أن السعودية أبلغت المنظمة رسميًا بأنها خفضت إنتاجها إلى 9.75 مليون برميل يوميًا، بواقع 718 ألف برميل يوميًا، في يناير عن مستواه في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أقل بنحو مليون برميل يوميًا من مستوى نوفمبر (تشرين الثاني). وهذه هي أعلى كمية خفضتها السعودية خلال شهر واحد منذ 8 أعوام، فيما قدرت المصادر الثانوية الستة تخفيض السعودية بنحو أقل مما أعلنته المملكة عند 496 ألف برميل يوميًا بين يناير وديسمبر.
واتفقت منظمة أوبك ومنتجون مستقلون، من بينهم روسيا، على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا، في النصف الأول من العام. وتخفض 11 دولة من الدول الأعضاء في «أوبك»، البالغ عددها 13 دولة، إنتاجها من الخام منذ الأول من يناير بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا، في حين تقود روسيا المنتجين المستقلين الذين وافقوا على تقليص الإنتاج بنحو نصف ما ستخفضه «أوبك».
ويقول يرغين الذي يشغل كذلك منصب نائب الرئيس في شركة «إي إتش إس ماركيت»، إن اتفاقية «أوبك» الأخيرة تهدف إلى خفض المخزونات في العالم، التي كان صعودها هو السبب في أزمة الأسعار خلال العامين الماضيين.
وأضاف أن المخزونات بدأت في الهبوط على مستوى العالم بسبب الاتفاق الذي يبدو أنه أمر هام جدًا، ويأخذه الجميع بجدية، ليس فقط في «أوبك»، بل حتى في خارج «أوبك».
ويقول يرغين إن روسيا أبدت التزامًا عاليًا في خفض الإنتاج، مضيفًا: «نعم، لم يكن تخفيض روسيا بالقدر المأمول، ولكنهم جادين هذه المرة، وقد خفضوا الإنتاج بصورة كبيرة، كما أن الروس هم الذي ضغطوا على الدول خارج (أوبك) للالتزام بالاتفاق».
وبالنسبة للعامل الثاني، وهو النفط الصخري، فإن وصول أسعار النفط إلى 60 دولارًا هذا العام سيعتمد بشكل كبير جدًا على الكمية التي سيضيفها المنتجون في الولايات المتحدة هذا العام، وهو ما ستراقبه السوق عن كثب. ويتوقع يرغين شخصيًا أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري هذا العام بنحو 500 ألف برميل يوميًا.
وذكرت «بيكر هيوز»، في تقريرها الأسبوعي، أن عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة سجل على مدار الشهر الأخير أكبر زيادة منذ عام 2012، ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 591 حفارًا، وهو الأعلى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2015.
خبير عالمي: السعودية قادت «أوبك» بنجاح في خفض الإنتاج
دانيل يرغين يرى أن اتفاق المنظمة والنفط الصخري الأميركي عنصرا التحكم بالسوق
خبير عالمي: السعودية قادت «أوبك» بنجاح في خفض الإنتاج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة