الرئيس اللبناني يحث القاهرة على إطلاق «مبادرة إنقاذ عربية»

السيسي أكد للعماد عون دعم بلاده الكامل لاستقرار لبنان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره اللبناني ميشال عون في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره اللبناني ميشال عون في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس اللبناني يحث القاهرة على إطلاق «مبادرة إنقاذ عربية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره اللبناني ميشال عون في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله نظيره اللبناني ميشال عون في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

حث الرئيس اللبناني العماد ميشال عون القاهرة على إطلاق ما سماه «مبادرة إنقاذ عربية» تقوم على «استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب وإيجاد حلول سياسية ملحة للأزمات بالمنطقة وخاصة الأزمة السورية». وقال عون عقب مباحثاته في القاهرة، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «الآمال معقودة على دور مصر لحل الأزمات بالوطن العربي».
وبدأ عون أمس زيارة رسمية إلى القاهرة تلبية لدعوة من نظيره المصري، هي الأولى له منذ تنصيبه رئيسًا للبنان.
وأكد الرئيس اللبناني، في كلمته خلال المؤتمر، أهمية دور مصر في المنطقة، وقال إن «الآمال معقودة على دور مصر لحل الأزمات بالوطن العربي»، مشددًا على أن مصر التي «تعد بمثابة السند يمكنها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية تقوم على استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب وإيجاد حلول سياسية ملحة للأزمات بالمنطقة وخاصة الأزمة السورية التي انتقلت شظاياها إلى لبنان».
وأضاف عون أن الأزمة السورية ألقت بتبعاتها على لبنان، حيث زاد عدد سكان لبنان 50 في المائة جراء تدفق اللاجئين إليها هربًا من الحرب في سوريا، مشيرًا إلى أن «مصر ولبنان عانيا كثيرًا من الإرهاب، وما يحظى به البلدان من تنوع يبعث على الفخر كان سببًا في الصمود أمام هذا الإرهاب».
كما أوضح الرئيس اللبناني أن المباحثات مع السيسي تناولت تنشيط اللجنة العليا المشتركة بما يحقق مصالح البلدين.
من جانبه، أكد الرئيس المصري دعم بلاده الكامل لاستقرار لبنان، خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب مباحثاته مع عون التي تناولت القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والأزمة السورية وأزمة اللاجئين في لبنان.
وأضاف السيسي أن المباحثات الثنائية تناولت أيضًا الموضوعات المقرر طرحها خلال القمة العربية بالأردن في مارس (آذار) المقبل.
وأكد السيسي سعي بلاده الدائم للحفاظ على «كيان واستقرار الدولة اللبنانية ومؤسساتها»، لافتًا إلى أن القاهرة تواصلت على مدار الفترة الماضية مع مختلف القوى السياسية اللبنانية لتأكيد ضرورة اعتماد الحوار أساسًا لحل الخلافات، كما كانت مصر من أولى الدول التي رحبت بقدرة اللبنانيين على التوصل إلى تسوية سياسية، صُنعت في لبنان بعيدًا عن تدخل القوى الخارجية، وحافظت على «النموذج اللبناني الفريد» في التعايش بين كامل طوائفه مما يجعل لبنان نموذجًا رائدًا في المنطقة لتسوية الأزمات سياسيًا.
وجدد السيسي التهنئة للشعب اللبناني على نجاحه في استكمال الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة تلبي طموحات الشعب.
وكان البرلمان اللبناني انتخب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، العماد عون رئيسًا للبلاد منهيًا بذلك نحو عامين ونصف العام من الشغور الرئاسي.
وأضاف السيسي أن مصر ستواصل دعمها للبنان على كافة الأصعدة، لافتًا إلى أن القاهرة ستعمل على حفظه بعيدًا عن أية محاولات لجره والمنطقة إلى ساحة للصراعات المذهبية أو الدينية الغريبة عن منطقتنا، والتي تحاول أن تسلب من منطقة المشرق العربي خصوصيتها التاريخية كساحة تعايش وتلاق بين الأديان والمذاهب.
وتابع السيسي قائلا إن المباحثات تطرقت «إلى العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والأزمة السورية وأزمة اللاجئين التي تعاني منها لبنان، كما اتفقنا على ضرورة وقوف الدولتين معا ضد مخاطر الإرهاب، معربًا عن استعداد بلاده دعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف أجهزته الأمنية.
وزار الرئيس اللبناني، عقب مباحثاته مع الرئيس المصري، المقر الباباوي بالكاتدرائية المرقسية (شرق القاهرة)، حيث كان في استقباله البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
واعتبر الرئيس اللبناني بلاده نموذجًا للتعايش المشترك حيث ترعى حوار الأديان على أراضيها منذ عشرات السنين رغم وجود العصبيات المتعددة والقوميات المختلفة فيها، واصفًا مصر بـ«نموذج الاعتدال» حيث تنعم بالاستقرار رغم الأوضاع الملتهبة التي تمر بها المنطقة العربية من حولنا، على حد تعبيره.
من جانبه، رحب البابا تواضروس في كلمته بالرئيس اللبناني، مؤكدًا على عمق العلاقات الرسمية والشعبية والكنسية مع لبنان وشعبها، مثمنًا دور لبنان في استقبال اللاجئين السوريين ومحاربة الفكر المتطرف والحفاظ على وحدة لبنان رغم ما تمر به المنطقة من حروب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».