معركة ضد النظام في درعا تكسر هدوء الجبهة الجنوبية

خسارته حي المنشية قد تمنعه من السيطرة على المعبر مع الأردن

سوري من درعا جنوب سوريا يقود دراجته بالقرب من دبابة، الأسبوع الماضي، في القسم الذي تسيطر عليه فصائل معارضة (أ.ف.ب)
سوري من درعا جنوب سوريا يقود دراجته بالقرب من دبابة، الأسبوع الماضي، في القسم الذي تسيطر عليه فصائل معارضة (أ.ف.ب)
TT

معركة ضد النظام في درعا تكسر هدوء الجبهة الجنوبية

سوري من درعا جنوب سوريا يقود دراجته بالقرب من دبابة، الأسبوع الماضي، في القسم الذي تسيطر عليه فصائل معارضة (أ.ف.ب)
سوري من درعا جنوب سوريا يقود دراجته بالقرب من دبابة، الأسبوع الماضي، في القسم الذي تسيطر عليه فصائل معارضة (أ.ف.ب)

كسرت معركة «الموت ولا المذلة» التي أطلقتها قوات المعارضة في جنوب سوريا، أمس، هدوء الجبهة المستمر منذ أكثر من عام، حيث شنت المعارضة معركة للسيطرة على حي المنشية ودرعا البلد، في مدينة درعا، تمهيدًا للسيطرة على كامل المدينة.
وانطلقت المعركة، التي تشارك فيها فصائل عسكرية في الجنوب ومتشددين أيضًا، بتفجير مفخختين يقودهما انتحاريان بنقاط عسكرية تابعة لقوات النظام التي تحكم السيطرة على المدينة، قبل أن تستكمل المعركة بهجوم واسع استهدف حي المنشية، القريب من حي درعا المحطة. وتشارك في العملية فصائل منضوية تحت تكتل «هيئة تحرير الشام» التي تعتبر «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقًا) أبرز تشكيلاتها، كما تشارك في العملية فصائل أخرى مثل «أحرار الشام» و«الفرقة 46» و«ألوية العمري» و«أحرار نوى» وغيرها، بحسب ما ذكرت مواقع التواصل، وانضوت جميعها تحت لواء غرفة عمليات «البنيان المرصوص».
وتعد هذه العملية أولى العمليات العسكرية التي تشنها «هيئة تحرير الشام» في جنوب سوريا، منذ تأسيسها قبل أسبوعين في الشمال.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن التفجيرين اللذين وقعا في المنطقة ترافقا مع معارك تواصلت بشكل عنيف بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر من «جبهة فتح الشام» والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى، في حي المنشية بمدينة درعا وأطراف الجمرك القديم في المدينة، في محاولة من الفصائل لتحقيق تقدم في الحي، واستكمال السيطرة على حي المنشية.
ويتمتع حي المنشية بأهمية استراتيجية، كونه يقع في بقعة جغرافية مرتفعة، ويُطل على مركز المدينة، ويكشف اللواء 132 دبابات، شمال مدينة درعا، وفرع الشرطة العسكرية، وموقع حميدة الطاهر العسكري.
وذكر موقع «عنب بلدي»، السوري المعارض، اندلاع اشتباكات وقصف استهدف مختلف أحياء درعا البلد، بالتزامن مع اشتباكات على أطراف حي المنشية، مشيرًا إلى أن خط الاشتباكات الكامل بحي المنشية مشتعل، إذ يتركز هجوم قوات المعارضة على أكثر من محور لقوات النظام، ولفت إلى أن طيران النظام قصف أحياء درعا البلد، بالتزامن مع القصف بصاروخ من نوع «فيل»، إضافة إلى قصف عنيف بالمدفعية على الأحياء السكنية. وقال إنه في حال استطاعت قوات المعارضة السيطرة على حي المنشية، فإن ذلك يعني الإشراف على مساحات واسعة من درعا المحطة، وبالتالي إمكانية السيطرة عليها والتوجه إلى السيطرة على مدينة درعا بالكامل.
بدورها، ذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء أن قوات النظام اشتبكت مع مجموعات هاجمت بأعداد كبيرة منازل المواطنين والنقاط العسكرية في حي المنشية، بمنطقة درعا البلد، لافتة إلى أن قوات النظام «تمكنت من صد الهجوم واحتوائه، الذي تركز على محاور شارع السويدان ودوار المصري وجامع بلال الحبشي والجمارك القديمة، باتجاه الطرف الجنوبي الشرقي لحي المنشية».
وتسيطر قوات المعارضة منذ عام 2015 على نصف أحياء درعا البلد تقريبًا، بالإضافة لحي طريق السد ومخيم درعا، إذ تتموضع على تماس مباشر مع النظام، ولا وجود لأي مسافة فاصلة بين الطرفين.
وشهدت المنطقة هدوءًا منذ التدخل الروسي في سوريا، وانكفاء غرفة «الموك» عن دعم قوات المعارضة بالسلاح. وجاءت المعركة بعد نحو أسبوع على الإعلان الأميركي عن سعيه لإنشاء منطقة آمنة في الجنوب، إلى جانب منطقة أخرى في الشمال.
وبحسب «شبكة شام» المعارضة، فإن المعركة تهدف للسيطرة على كامل حي المنشية الاستراتيجي، المتاخم لجمرك درعا القديم، إذ بسيطرة الثوار عليه سيستحيل على قوات النظام الوصول إلى المعبر الحدودي مع الأردن. ويعتبر نجاح المعركة إنجازًا كبيرًا، وتقديم خدمة كبرى للمدنيين، إذ سيتم بذلك تخليص بعض الأحياء من صواريخ الـ«فيل» التي تتمركز بعض قواعدها في حي المنشية. وتعتبر السيطرة على الحي أيضًا تأمينًا أكبر للطريق الحربي الواصل بين مدينة درعا وريفها الشرقي من جهة، وريف درعا الغربي من جهة أخرى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».