وقعت اتفاقات مينسك للسلام بعد مفاوضات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني بترو بوروشنكو، برعاية الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وتدعو الوثيقة التي تشرف على تطبيقها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إلى «وقف فوري وشامل لإطلاق النار»، وإلى الإسراع في سحب الأسلحة الثقيلة من جانبي خط الجبهة في شرق أوكرانيا.
لكن بعد سنتين على توقيعها في فبراير (شباط) 2015، لا تزال الحرب مستمرة في شرق أوكرانيا، حيث أسفرت عن مقتل نحو 5 آلاف منذ ذلك الحين. ولدى توقيع هذه الاتفاقات في مينسك، عاصمة بيلاروسيا، اتفقت السلطات الانفصالية مع كييف وموسكو على وقف المعارك وعلى خريطة طريق سياسية معقدة يفترض أن تؤدي إلى السلام.
وقتل نحو 10 آلاف شخص بالإجمال منذ اندلاع النزاع في أبريل (نيسان) 2014، ولا يزال بعض الصناعات الأساسية للاقتصاد الأوكراني لا سيما مناجم الفحم ومجمعات الصلب العملاقة في المناطق التي تسيطر عليها جمهوريتا لوغانسك ودونيتسك المعلنتان من جانب واحد.
لكن هل أتيحت لاتفاقات مينسك أدنى فرصة للنجاح؟ يقول دبلوماسي أوروبي معتمد في كييف، معربا عن أسفه في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها مسؤولية الجميع، لم تتوافر الإرادة السياسية» لتطبيقها.
وما زال الاتحاد الأوروبي مقتنعا بأن روسيا وراء اندلاع النزاع وتأجيجه، لكنه يأخذ على كييف أيضا أنها لم ترغب في منح المناطق المتمردة حكما ذاتيا كان مع ذلك نقطة أساسية في الاتفاقات.
وتبدي السلطات الأوكرانية قلقها من إمكان رفع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وقد زاد من اتساع هذا القلق وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، ودعوته إلى تحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو. وتعرب كييف أيضا عن استيائها من رفض السلطات الأوروبية تزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة الحديثة والفتاكة، خوفا من أن تحمل عمليات تسليم هذه الأسلحة فلاديمير بوتين على مزيد من التورط في النزاع. وقال وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل، في تصريحات أوردتها الوكالة الفرنسية: «أعتقد أن الإدارة الأميركية ما زالت تناقش استراتيجيتها الروسية». وأضاف: «نأمل جميعا في ألا تحصل (اتفاقات ممكنة) بين روسيا والولايات المتحدة على حساب أوكرانيا أو أوروبا، وأن تتيح انفراجا بين هاتين القوتين العظميين».
وإذا كان هذا الاتفاق قد أزال المخاوف من حرب مفتوحة تمتد إلى مختلف أنحاء شرق أوكرانيا، فإنه لم يوقف بالكامل أعمال العنف، أو يبدد الانعدام التام للثقة بين كييف والسلطات المتمردة.
ولا تزال العقوبات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا مطبقة، على رغم تحفظات عدد متزايد من البلدان الأوروبية التي تعرب عن أسفها لتأثير التدابير الانتقامية الروسية على اقتصاداتها.
وأعادت وثيقة مينسك إلى كييف حق الإشراف الأساسي على حدودها مع روسيا، لكنها تنازلت في المقابل عن تغييرات دستورية تضمن للمناطق الانفصالية «وضعا خاصا»، ووافقت على تشكيل «حكومة مؤقتة» في الشرق.
وتحددت نهاية 2015 موعدا نهائيا لتطبيق هذه النقاط الثلاث عشرة. لكن أيا من هذه الشروط لم يطبق، وتواصل تمديد اتفاقات مينسك التي ترى فيها المجموعة الدولية الأمل الوحيد لإنهاء الحرب.
وفي كييف، واصلت الأحزاب السياسية القومية والشعبوية التي تهيمن على البرلمان، رفضها منح السلطات الانفصالية صلاحيات، معربة عن تخوفها من أن يعتبر ذلك تنازلا بفعل الأمر الواقع عن هذه الأراضي لموسكو. ولم تنظم السلطات المتمردة من جهتها انتخابات بموجب القوانين الأوكرانية وبإشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بناء على ما تعهدت به في أي حال. وما زال قسم كبير من الحدود الروسية - الأوكرانية خارج سيطرة كييف، ما يتيح تدفق الأسلحة والمقاتلين الآتين من روسيا.
ورغم هذه الثغرات، أتاحت اتفاقات مينسك إحراز بعض التقدم. فقد ساعدت على الحد من حجم المعارك وكثافتها، فانحصرت في بعض النقاط الساخنة مثل مدينة أفدييفكا التي قتل فيها عشرات الأشخاص في الأسابيع الأخيرة.
أوكرانيا بعد سنتين على اتفاقات السلام
مقتل نحو 10 آلاف شخص منذ اندلاع النزاع في أبريل 2014
أوكرانيا بعد سنتين على اتفاقات السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة