ركزت التصريحات الأخيرة للقيادة الأردنية على أهمية ضمان الاستقرار في الجنوب السوري من خلال تثبيت وقف إطلاق النار، وبالتوازي مع العمل لإيجاد حل سياسي من خلال مسار جنيف ومواصلة الحرب ضد الجماعات الإرهابية و«داعش»، وذلك بعدما اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيجاد «مناطق آمنة» في سوريا والدول المجاورة لحماية اللاجئين السوريين. وقال مصدر أردني حكومي قريب من القرار الأردني إن «موضوع المناطق الآمنة حاليًا قيد الدراسة والتقييم من الدولة الأردنية».
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» أن تفاصيل «المناطق الآمنة» لم تتضح بعد من قبل الولايات المتحدة، لكنها مهمة بالنسبة للأردن، مؤكدا «ما لم تحقق المناطق الآمنة مصالحنا الاستراتيجية فلن نعود مهتمين بالموضوع». ولخص المصدر المصالح الأردنية الاستراتيجية بـ«عودة اللاجئين، وإبعاد الإرهاب عن الحدود، وتوفير الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية». وأضاف أنه من المبكر الحديث عن أي دور للأردن في هذه المناطق، وبخاصة أنه لم يعرض الموضوع الذي يحتاج إلى تفاصيل كثيرة.
هذا، وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد قال في تصريحات صحافية «نتعامل مع كل الجهود الدبلوماسية التي تبذل فيما يتعلق بالملف السوري من منطلق حرصنا على دعم أي جهد يسهم في إنهاء الأزمة وإنهاء معاناة الشعب السوري. وتعاملنا مع (مباحثات) آستانة بصفتها جهدا يستهدف تثبيت وقف شامل للعمليات القتالية في سوريا على جميع الأراضي السورية، وخصوصا الجنوب السوري، خطوةً باتجاه إعادة إطلاق محادثات سياسية تقودها الأمم المتحدة وتشارك فيها جميع الأطراف الفاعلة الإقليمية والدولية والعربية وفق مرجعيات جنيف والقرار 2254 للوصول إلى حل سياسي يقبل به الشعب السوري الشقيق».
من جانبه، يرى الدكتور عامر سبايلة، مدير «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، أن «المناطق الآمنة» التي ذكرها الرئيس الأميركي «هي كلام حتى الآن وليست مشروعا. وبالتالي، كل إدارة أميركية تحدثت في أنواع من المناطق الآمنة وفكرتها دائما مرتبطة بسيناريوهات الحرب ونتائجها». ويتابع: «بعد خمس سنوات على الأزمة السورية، عندما نتحدث عن مناطق آمنة نتحدث عن خيارات محدودة فيها، وهي منطقة لتجمع السكان المدنيين لحمايتهم من مواجهات مستقبلية».
ويلفت سبايلة إلى أن «المواجهات المستقبلية في سوريا ستكون مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية، وهذا يشير إلى مناطق محددة بعينها في الشمال والجنوب السوري، ومنطقة الجزيرة شرقًا». ثم يستطرد إن «الأردن لا يمكن أن يفكر بها دون التنسيق مع روسيا والنظام في سوريا... والحديث الأميركي عن مناطق آمنة سيحدده حجم التفاهم مع روسيا حول سيناريو مكافحة الإرهاب. وإذا كانت هناك عمليات في الجنوب السوري أو في منطقة الجزيرة تستدعي حماية المدنيين، لا شك فإن الأردن سيكون جزءا منه».
من جانبه، قال الخبیر العسكري فايز الدويري «إذا أخذنا الأمور من منظور إنساني فإننا نتحدث عن منطقة آمنة في الداخل السوري، بينما تحدث الرئيس ترمب عن مناطق آمنة في الداخل السوري ودول الجوار، وهذا الحديث يضر بمصالح الدول المجاورة». وأشار إلى أنه «إذا اختيرت «منطقة آمنة» في الجنوب السوري من وجهة نظر إنسانية فستكون في ريف محافظة درعا الجنوبي، وستكون منطقة واسعة تصل إلى من منطقة اليادودة حتى محافظة السويداء، بحيث تستوعب اللاجئين. وهذه المنطقة ستكون برعاية الأمم المتحدة أو برعاية أميركية – روسية، وسيكون الأردن طرفًا فيها، وسيقدم ما يطلب منه ضمن قدراته من مراقبة وسيطرة وإرسال مراقبين وغير ذلك. وإذا ما أقرت هذه المناطق سيتم تشكيل لجان متخصصة لتحديد ما المتطلبات لتحقيق شروطها». وأكد الدويري، أن الأردن «بات يستشعر تنامي خطر عصابة (داعش) في حوض الیرموك بسبب القرب الجغرافي من المملكة، إضافة إلى ما يجري من معارك هناك؛ ما يدعو الأردن إلى تطوير خطته العسكرية في محاربة (داعش)».
أخيرًا، يقول عريب الرنتاوي، مدير «مركز القدس للدراسات السياسية» إن «الأردن التقط اتجاهات الريح الدولية، بعد التدخل الروسي في سوريا، وبالأخص مع مجيء دونالد ترمب، فقام ويقوم بدور مبادر من أجل إحداث التناغم والانسجام بين الأفكار المتطايرة بين واشنطن وموسكو». ويضيف «لا حل للأزمة السورية من دون روسيا... هكذا تحدث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، علنًا وخلف الأبواب المغلقة... والتقارب الروسي - الأميركي، يمكن أن يشكل أول بارقة أمل جدية لحل سياسي لهذه الأزمة... كما أنه يوفر للأردن هامشًا واسعًا للتحرك والمناورة لضمان مصالحه على هذه الجبهة الجنوبية. وأهم مصلحة أردنية هناك، هي دفن الإرهاب في سوريا، ومنع تسلله إلى الأردن».
ويرى الرنتاوي، أن «مناطق آمنة توافقية في جنوب سوريا ستؤسس لإجراءات بناء ثقة بين الجيش (النظامي) السوري وفصائل المعارضة (المعتدلة) جنوبًا ومسلحي العشائر شرقي السويداء... وهذا بدوره سيوفر فرصة لحشد ما يكفي من قوى للتصدي لـ(داعش)، ومنع تسللها جنوبًا من الرقة وشرق الموصل وتلعفر وتدمر، فضلاً عن كونها آلية مجربة لضمان فصل المعارضة عن (جبهة النصرة) في محافظتي القنيطرة ودرعا، وعزل الجيب الداعشي، المتمثل بفصيل (خالد بن الوليد) القريب من حدود الأردن الشمالية».
8:17 دقيقة
إنشاء «المناطق الآمنة» في الجنوب السوري مقدمة لشن حروب مستقبلية على الإرهاب
https://aawsat.com/home/article/851726/%D8%A5%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%85%D9%86%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%B4%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8
إنشاء «المناطق الآمنة» في الجنوب السوري مقدمة لشن حروب مستقبلية على الإرهاب
- عمّان: محمد الدعمة
- عمّان: محمد الدعمة
إنشاء «المناطق الآمنة» في الجنوب السوري مقدمة لشن حروب مستقبلية على الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة