ترمب يخفف موقفه من الاستيطان: لا يخدم السلام

ألمانيا تصدر بيانًا حادًا ضد توسيع المستوطنات... وأوروبا تستعد للاعتراف بفلسطين

فلسطيني يحمل علم بلاده خلال مظاهرة ضد الاستيطان في بلدة تواني بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطيني يحمل علم بلاده خلال مظاهرة ضد الاستيطان في بلدة تواني بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

ترمب يخفف موقفه من الاستيطان: لا يخدم السلام

فلسطيني يحمل علم بلاده خلال مظاهرة ضد الاستيطان في بلدة تواني بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطيني يحمل علم بلاده خلال مظاهرة ضد الاستيطان في بلدة تواني بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

في ظل القلق العميق من قرار عدة دول أوروبية الاعتراف بفلسطين كدولة، ومن البيان الحاد الذي صدر عن السلطات الألمانية ضد الاستيطان، وأيضًا من صدور تصريحات أميركية مفاجئة حول مساوئ المستوطنات، وأضرارها على عملية السلام، باشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلسلة أبحاث مع رؤساء الأجهزة الأمنية وقيادة الجيش، أمس، تمهيدًا للقاء القمة الأول مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، سيختتمها غدًا (الأحد) بجلسة للحكومة، تعقبها جلسة مطولة خاصة بهذا الشأن للمجلس الوزاري الأمني المصغر.
وسيسافر نتنياهو إلى واشنطن، بعد غد (الاثنين)، ليلتقي ترمب، يوم الأربعاء. وقالت مصادر سياسية مطلعة، في تل أبيب، أمس، إن القلق بدأ يساور نتنياهو من هذا اللقاء، وقد لاحظ ذلك بوضوح بعض المقربين منه، خصوصًا أنه يتعرض لضغوط من معسكره اليميني الذي ظل يطالبه بانتهاز فرصة لقائه مع ترمب، لإقناعه بالتراجع عن حل الدولتين، وتعزيز مكانة الاستيطان، ومن جهة ثانية هناك تصريحات ترمب نفسه التي لم تكن متوقعة، والتي نشرت في صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، حيث أكد فيها ترمب أن البناء الجديد في المستوطنات لا يجدي نفعًا في تحقيق السلام. وفي تصريحات بدا أنها مقصودة في مضمونها وتوقيتها، عشية اللقاء في البيت الأبيض بينهما، قال ترمب إنه «يجب على إسرائيل أن تنحاز إلى المنطق في تصرفاتها»، موضحًا في المقابلة التي نشر جزء منها أمس، على موقع الصحيفة في الإنترنت، أن البناء في المستوطنات يقلص من مساحة الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية التي يتفاوض عليها الجانبان منذ عقدين.
وتابع ترامب، موضحًا: «أود أن أرى إسرائيل تتصرف بصورة منطقية في عملية السلام التي لا بد أن تتم بعد هذه السنوات الطويلة. وربما ستكون هنالك فرص لتحقيق سلام أكبر... سلام إسرائيلي - فلسطيني. نحن نتحدث عن مساحة محدودة. وحين تأخذ أراض للمستوطنات، تبقى مساحة أقل. لا أعتقد أن البناء في المستوطنات يخدم السلام».
وجاءت مقابلة ترمب عقب لقاء أجراه مع مالك الصحيفة، الثري اليهودي - الأميركي شيلدون أديلسون، في البيت الأبيض. وكان أديلسون المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة قد تبرع لحملة ترمب الانتخابية بنحو 20 مليون دولار، الأمر الذي سيمنحه «بطاقة مرور» للبيت الأبيض، حسب بعض المراقبين.
وعقب صدور هذه التصريحات، قال مراقبون إسرائيليون إن مواقف ترمب الرئيس باتت تختلف عن مواقف ترمب المرشح، حيث عبّر الرئيس المنتخب في السابق عن موقف مغاير إزاء البناء في المستوطنات، مؤكدًا أنه يؤيد فكرة البناء في المستوطنات.
وأوضح الرئيس ترمب، في المقابلة الصحافية، أنه يتوقع من الجانب الفلسطيني أن يقدم بعض التنازلات، مبرزًا أن «أي اتفاق لن يكون جيدًا إن لم يعجب جميع الأطراف... وأنا أسمع كثيرين من حولي يقولون إن التوصل إلى اتفاق بات غير ممكن، لكنني أعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن، إنه أمر ضروري أن نتوصل إلى اتفاق».
وبخصوص نقل السفارة الأميركية إلى القدس، قال ترمب إنه يفكر في الأمر بجدية، لكنه ليس قرارًا سهلاً، وتعهد بأنه لا ينوي التنديد بإسرائيل خلال ولايته، موضحًا أن «إسرائيل عانت على مدار التاريخ من استنكارات قاسية. ولذلك، لست بصدد استنكار إسرائيل خلال ولايتي، أنا أقدر إسرائيل كثيرًا، وأفهم مواقفها بصورة جيدة جدًا».
ويضغط وزير التعليم رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، على نتنياهو كي يعرض سياسة لا تتضمن إقامة دولة فلسطينية. وحسب هذه المصادر، فقد توجه إليه بينيت، بالإضافة إلى وزيرة العدل آييلت شكيد ووزراء آخرين في الكابنت، قائلين إن انتصار ترمب سيفتح فرصًا لإزالة حل الدولتين من جدول الأعمال الدولي، أو على الأقل شطبه من سياسة الإدارة الأميركية.
وقال مسؤولون كبار في حزب المستوطنين «البيت اليهودي» إن بينيت سيشدد في جلسة الكابنت، غدا (الأحد)، على أن السياسة التي ستعرض على ترمب ستتضمن مبدأين أساسيين: الأول عدم الموافقة على فرض قيود سياسية على البناء في المستوطنات في الضفة الغربية وشرق القدس، والثاني معارضة إقامة دولة فلسطينية. وهذان المطلبان يشكلان ضغطًا حقيقيًا على نتنياهو.
لكن ما يزيد من الضغوط الممارسة على نتنياهو أكثر هو الأنباء الواردة من أوروبا، التي تتحدث عن غضب شديد من سياسة توسيع الاستيطان، وعن احتمال تشديد الرد على إسرائيل، عن طريق الاعتراف بدولة فلسطين.
وحسب السفير الإسرائيلي في بروكسل، فإن آيرلندا ستبدأ الاعتراف بفلسطين قريبًا، وستتبعها لوكسمبورغ وفنلندا والنرويج والدنمارك، وربما فرنسا أيضًا.
وحتى مارين لوبان، مرشحة «الجبهة الوطنية الفرنسية» المتطرفة للرئاسة، فاجأت إسرائيل بموقفها القائل إنه «سيتوجب على يهود فرنسا، في حال انتخابها، التنازل عن المواطنة الإسرائيلية»، وقالت إنه في حال انتخابها، فإنها لن تسمح للمواطنين الفرنسيين بحيازة جنسية أخرى، إلا إذا كانت الجنسية الثانية أوروبية أو روسية، وأضافت في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أول من أمس، إن روسيا تعتبر من أمم أوروبا، ولذلك يمكن حيازة جنسية مزدوجة فرنسية - روسية.
واعتبرت لوبان أن «إسرائيل ليست دولة تابعة للاتحاد الأوروبي، ولا ترى نفسها كذلك، ولذلك لا يوجد أي سبب للسماح بمواطنة مزدوجة إسرائيلية - فرنسية». وتعني هذه الخطوة أن جميع الذين يملكون جوازي سفر سيضطرون إلى التنازل عن أحدهما. وفي حال اختار يهود فرنسا الجنسية الإسرائيلية، فسيجدون صعوبة في البقاء كأجانب هناك لأن برنامج لوبان السياسي يتضمن عدة خطوات ضد الأجانب، وعلى رأسها فرض ضريبة على المشغلين الذين يقومون بتشغيل مواطنين أجانب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.