تأييد مصري لهجوم ترمب على وسائل الإعلام

ترمب يحمل تمثالاً تسلمه هدية لدى لقائه مع عُمد المقاطعات في المكتب البيضاوي أمس (إ.ب.أ)
ترمب يحمل تمثالاً تسلمه هدية لدى لقائه مع عُمد المقاطعات في المكتب البيضاوي أمس (إ.ب.أ)
TT

تأييد مصري لهجوم ترمب على وسائل الإعلام

ترمب يحمل تمثالاً تسلمه هدية لدى لقائه مع عُمد المقاطعات في المكتب البيضاوي أمس (إ.ب.أ)
ترمب يحمل تمثالاً تسلمه هدية لدى لقائه مع عُمد المقاطعات في المكتب البيضاوي أمس (إ.ب.أ)

دخلت وزارة الخارجية المصرية على خط المشاحنات التي ميزت علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوسائل الإعلام الكبرى في بلاده. فقد أشادت الخارجية المصرية أمس بانتقادات الإدارة الأميركية الحالية لتغطية بعض وسائل الإعلام «لهجمات إرهابية». ويعكس الحماس المصري لتلك الانتقادات اعتقاد القاهرة أنه يمكن الاعتماد على ترمب لتحقيق توازن لم يكن في صالحها في علاقتها بالإعلام الغربي، وهو اعتقاد يخشى مراقبون أن يفضي إلى «كارثة».
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد أبو زيد، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «من المؤسف أن الانتقائية والتحيز الذي انتقده الرئيس الأميركي في بعض دوائر الإعلام الغربية في تناولها للأحداث الإرهابية لم يقتصر فقط على مجرد تجاهل بعضها، وإنما امتد ليشمل أسلوب التغطية الإعلامية لبعض تلك الاعتداءات». وكان الرئيس الأميركي قد اتهم وسائل الإعلام بتجاهل هجمات شنها متشددون في أوروبا في حديث له مع مجموعة من الجنود الأميركيين بقاعدة ماكديل العسكرية بولاية فلوريدا، التي تعتبر مركز إدارة عمليات مكافحة الإرهاب.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أنه «في الوقت الذي تم إبراز الدعم والتعاطف الدولي مع دول ومجتمعات تعرضت لعمليات إرهابية، وجدنا أصابع الاتهام والتقصير توجه إلى دول أخرى، مثل مصر، حينما تتعرض لعمليات إرهابية أودت بحياة العشرات بل والمئات، مثل حادث سقوط الطائرة الروسية، أو حادث تفجير الكنيسة البطرسية الذي حاولت بعض دوائر الإعلام الغربية تصويره أنه يعكس تقصيرًا من جانب السلطات المصرية في توفير الحماية للأقباط من أبناء الوطن».
وقال الدكتور ياسر عبد العزيز، الخبير في شؤون الإعلام، لـ«الشرق الأوسط» إن البيان يبدو كهجوم معاكس بعدما أضرت بعض التغطيات الإخبارية الغربية بمركز مصر، وأدت لخسائر خصوصا في مجال السياحة.
وأضاف عبد العزيز أن بعض وسائل الإعلام الغربية الكبرى ارتكبت ما وصفه بـ«أخطار واضحة» وانحازت «بشكل منهجي» في تناولها لشؤون الإرهاب والتغييرات السياسية الحادة التي شملتها دول التغيير العربي ومن بينهما مصر ما أضر بمراكز بعض الأطراف والحكومات، لافتا إلى أن هذه الأخطاء لم تكن مجرد أخطاء إجرائية.
وأشار عبد العزيز إلى أن القاهرة وجدت في ترمب حليفا يمكن الاعتماد عليه في تحقيق توازن لمعادلة كفتها التي لم تكن راجحة في علاقتها ببعض كبريات وسائل الإعلام الغربي، وهي تريد أن تؤكد ذلك عبر هذا التصريح.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد حرص مصر على زيادة التنسيق مع الإدارة الأميركية الجديدة لإعادة الزخم إلى العلاقات الثنائية وتطويرها في مختلف المجالات.
وأجرى ترمب اتصالا هاتفيا بالرئيس المصري الشهر الماضي، وأعرب عن تطلعه لزيارة الرئيس المصري لواشنطن لاستكمال التنسيق والتشاور بين الجانبين. لكن الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، يحذر من الرهان المصري على الرئيس الأميركي، قائلا: «ليس مفهومًا كيف يمكن أن تعادي الإعلام الغربي بتصريح كهذا للوقوف في صف رئيس بدا من خلال تصريحاته وقراراته عنصريا يكره العرب والمسلمين... هذا رهان خاطئ يقود إلى كارثة».
وتابع نافعة قائلا إن ما لم يقله البيان المصري أن ترمب يسعى لتصفية حساباته الشخصية مع وسائل إعلام، كان واضحا أنها تقف في صف منافسته في الانتخابات الرئاسية.
من جانبه، أشار عبد العزيز إلى أن عددًا من دول منطقة الشرق الأوسط بينها مصر يجب أن تكون في مركز أخلاقي لائق إذا أرادت توجيه انتقادات لانحياز بعض المؤسسات الإعلامية الغربية، وهذا يعني تعزيز مجال الحريات هنا أولا. وفي بيانه، أعرب المتحدث باسم الخارجية عن «تطلع مصر لأن تشهد المرحلة المقبلة نقلة نوعية في أسلوب تعامل المجتمع الدولي مع ظاهرة الإرهاب، وأن تنجح الولايات المتحدة الأميركية بما لها من قدرة على التأثير على المسرح الدولي في قيادة عملية المراجعة والتغيير المطلوبة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.