أكد صندوق النقد الدولي أن ديون اليونان لا تزال من غير الممكن تحملها على المدى الطويل، على الرغم من التقدم المحرز، مطالبًا منطقة اليورو بتخفيف هذا العبء عن كاهل أثينا عبر إجراءات «أكثر مصداقية»... في وقت تتزايد فيه الديون على كاهل أثينا، بينما يهدد الصندوق بالانسحاب من برنامج المساعدات، فيما تناقش الأروقة السياسية في ألمانيا إمكانية طرد اليونان من منطقة اليورو باعتبارها بلدا مفلسا.
وفي بيان صدر من مقره في واشنطن، أمس، قال صندوق النقد الدولي إن اليونان التي تجاهد منذ سنوات في وجه ديون مرتفعة ومعدلات بطالة «مؤلمة»، تحقق حاليا تقدما نحو تقليص المشكلات الضخمة في ميزانيتها واستعادة النمو الاقتصادي، لكنه أكد في الوقت ذاته أن الديون اليونانية تظل «غير قابلة للتحمل» على المدى الطويل.
وفي نبرة متفائلة، لكنها متحفظة، أشار الصندوق إلى أنه يتوقع أن يحقق اقتصاد اليونان نموا يقل عن 1 في المائة فقط على المدى الطويل، مشيرا إلى أن تلك النسبة «متواضعة»؛ لكنها تبرز «تحسنا» إذا ما قورنت بالسنوات السابقة التي عانى فيها الاقتصاد من الانكماش. وقال البيان إن اليونان ستتمكن من تحقيق الأهداف التي وضعها الصندوق عند الوصول إلى فوائض ميزانية سنوية أولية (لا تشمل دفع الفوائد) عند مستوى 1.5 في المائة من الناتج المحلي.
وأوضح صندوق النقد الدولي أن الأزمة المالية العالمية تركت اليونان «مدفونا» في الديون، وغير مقبل على إصدار سندات في الأسواق المالية، ومنذ ذلك الحين، اعتمدت أثينا على «عمليات الإنقاذ الدولية»، بينما دفعها الدائنون من منطقة اليورو إلى تخفيضات متوالية و«مؤلمة» في ميزانيتها؛ مما تسبب في «حالة عميقة من الركود»، في وقت تخطت فيه نسبة البطالة في هذا البلد مستوى 23 في المائة.
ويرى معظم مديرو صندوق النقد أن اليونان أصبحت لا تحتاج إلى مزيد من التقشف، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أنه يتعين على البلاد خفض مدفوعات المعاشات التقاعدية وجعل مزيد من الناس يدفعون الضرائب لجمع الأموال من أجل مساعدة الفقراء وخفض معدلات الضرائب العامة.
وبلغت ديون اليونان مستوى خطيرا حول 180 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، وبحسب خبراء الصندوق، فإن اليونان ربما تحتاج لتخفيف عبء الديون لدفع فواتيرها على المدى الطويل.
وأشار البيان أيضا إلى أن اليونان واقعة تحت ضغوط لإقرار أحدث مفاوضات خطة الإنقاذ «في الوقت المناسب» قبل اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو، المقرر في 20 فبراير (شباط) الحالي... قائلا إن «من شأن ذلك، أن يسمح لليونان بالانضمام إلى برنامج شراء السندات للبنك المركزي الأوروبي، الذي من شأنه أن يعزز الثقة في السوق، وييسر لليونان العودة إلى سوق السندات في وقت لاحق هذا العام».
وقبل صدور البيان، قال متحدث باسم الصندوق، مساء أول من أمس، إن مشاورات دورية تجري في واشنطن، من بينها، حول اليونان، لكنه أشار إلى أن المحادثات لن تتطرق إلى مشاركة الصندوق في تدابير إنقاذ اليونان مستقبلا؛ التي لم يتم حسمها بعد، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وكان الصندوق حذر نهاية الشهر الماضي في «تقرير سري» من أن ديون اليونان صارت «لا تحتمل» و«قابلة للانفجار على المدى الطويل»، مطالبًا منطقة اليورو بتخفيف هذا العبء عن كاهل أثينا عبر إجراءات «أكثر مصداقية».
وقال الصندوق في تقريره السري «المتشائم»، الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، إن «الدين اليوناني لا يحتمل بتاتًا، وحتى مع التطبيق الكامل والشامل للإصلاحات التي تم إقرارها في إطار برنامج المساعدة المالية لأثينا، فإن الدين العام واحتياجات التمويل ستصبح متفجرة على المدى البعيد». مضيفا أنه إذا لم تستفد أثينا من إجراءات لتخفيف عبء هذا الدين عن كاهلها، فإن حجم الدين سيبلغ 275 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. ومن شأن هذا التقرير أن يقوض مساهمة الصندوق في أي خطة دعم مالي لأثينا، مما يمكن أن يقوض الخطة بأسرها، لأن كثيرا من الدول الأوروبية، وفي مقدمتها ألمانيا، تعتبر مشاركة الصندوق أساسية في أي خطة لدعم اليونان.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حال خروج صندوق النقد الدولي من برنامج مساعدة اليونان، فإنه سيتعين على البرلمان الألماني (بوندستاغ) التصويت مرة أخرى على مشاركة ألمانيا في هذا البرنامج، ومن غير المؤكد توافر أغلبية داخل البرلمان تؤيد المشاركة؛ وذلك نظرا لأن العام الحالي سيشهد الانتخابات البرلمانية في ألمانيا.
لكن على جانب آخر، أشارت تقارير إخبارية مطلع الأسبوع الحالي، إلى أن هناك احتمالية لتوجه الحكومة الألمانية لإخراج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو، بسبب استفحال الخلاف بين الصندوق والمفوضية الأوروبية حول آلية مساعدة الدولة المثقلة بالديون.
وذكرت صحيفة «بيلد» الشعبية الألمانية قبل أيام أن وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله، المتمسك بوعد أطلقه قبل عامين بعدم مشاركة بلاده في برامج إنقاذ اليونان بغير مشاركة صندوق النقد، عاد من جديد للترويج لإخراج أثينا من منطقة اليورو. كما أشارت إلى ما يدور داخل البرلمان الألماني حول أفكار لتقنين «آلية إفلاس» للدول المتعثرة بمنطقة اليورو، تمهيدا لإخراج أثينا من المنطقة.
الريبة تحيط بأزمة ديون اليونان ومطالبات بتخفيف العبء
صندوق النقد يلوح بـ«الخروج»... وألمانيا تفكر في «طرد أثينا المفلسة»
الريبة تحيط بأزمة ديون اليونان ومطالبات بتخفيف العبء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة