قبل وقت ليس ببعيد زار لاعب التنس السويسري روجر فيدرر صديقه ومنافسه الإسباني رفائيل نادال في مدينة مايوركا الإسبانية وتحدثا عن إقامة مباراة استعراضية بينهما، لكنهما كانا يمزحان في حقيقة الأمر، إذ اتضح بعد ذلك أنه لا يمكنهما حتى المشاركة في مباراة غير رسمية بسبب الإصابة. وقال فيدرر: «كنت أسير على قدم واحدة، وكان نادال يعاني من مشكلة في المعصم».
ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر، كان النجمان الكبيران يلعبان المباراة النهائية لبطولة أستراليا المفتوحة للتنس، والتي استمرت لمدة ثلاث ساعات و37 دقيقة وانتهت بفوز فيدرر بأول بطولة كبرى (غراند سلام) خلال خمس سنوات. وكانت التكنولوجيا هي التي حسمت النقطة الأخيرة للمباراة بعدما أظهرت أن الكرة كانت داخل الملعب، ولذا كان اللقب من نصيب النجم السويسري. وقال نادال: «روجر يستحقها أكثر».
وعلى الجانب الآخر، كان برشلونة يلعب أمام ريال بيتيس في الدوري الإسباني (الأسبوع الماضي) وكان متأخرًا بهدف دون رد، وقبل نهاية المباراة بـ15 دقيقة لعب الفريق الكتالوني كرة عرضية داخل منطقة جزاء ريال بيتيس وكانت الكرة في طريقها إلى نيمار الذي سقط أرضًا، قبل أن يسدد لاعب آخر الكرة وتتعدى خط المرمى ويخرجها مدافع ريال بيتيس عيسى ماندي من داخل المرمى، لكن حكم اللقاء لم يحتسب هذا الهدف الصحيح الذي كان سيعيد برشلونة إلى المباراة من خلال إدراك هدف التعادل.
وبعد نهاية المباراة، قال سواريز: «لقد تخطت الكرة المرمى بمتر»، في حين نشر نيمار صورة للكرة وهي داخل المرمى. وكتبت صحيفة «الرياضة» الكتالونية تقول: «لقد كان هدفًا صحيحًا، ومن الممكن أن يكون له تأثير في حسم لقب الدوري». ووصفت الصحيفة بطولة الدوري بأنها «زيف» و«سرقة». وقالت «الموندو ديبورتيفو» إن ما حدث «فضيحة أخرى»، ونشرت على صفحتها الأولى الجملة التي قالها سواريز: «تخطت المرمى بمتر». ولكن كيف لم يشاهدها الحكم ومساعده؟.
قال المدير الفني لبرشلونة لويس إنريكي: «لقد رأيت صورة للهدف، نعم. الحكام في حاجة للمساعدة، سواء كان ذلك عن طريق كاميرات أو عن طريق أي شيء آخر، وسواء كان ذلك سيؤثر علينا سلبًا أو إيجابًا. هذا مثال واضح على شيء كان يجب أن يحدث، شيء كان يمكن أن يغير ما حدث».
وقال مدافع برشلونة أليكس فيدال: «لو كان هناك اعتماد على تقنية عين الصقر، لكان من السهل رؤية هل تجاوزت الكرة خط المرمى أم لا». وحتى باستخدام العين المجردة، كان من السهل رؤية أن الكرة تجاوزت خط المرمى وكان ذلك واضحًا من طريقة إخراجها من داخل المرمى، لكن فيدال كان على حق فيما يقول وكانت «عين الصقر» ستقول بكل سهولة إن الكرة دخلت المرمى. وبعد دقيقة فقط من تلك الواقعة، أنقذ ماندي أيضًا كرة أخرى لكنها لم تدخل المرمى هذه المرة، وكانت «عين الصقر» أيضًا ستقول بكل سهولة إنها لم تتجاوز خط المرمى.
لكن الليغا الإسبانية لا تمتلك تقنية «عين الصقر»، التي تطبق في التنس وفي دوريات كرة القدم في كل من إنجلترا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وخلال الأسبوع الماضي والكل في إسبانيا يردد جملة واحدة «إذا كنا نريد أن نكون أفضل دوري في العالم». وهم على حق في مطالبتهم باستخدام التكنولوجيا، لكن هناك أشياء أخرى يجب على من يريد أن يكون أفضل دوري في العالم أن يطبقها، وأولها بالتأكيد التعامل مع الجمهور بشيء من الاحترام.
وتجري الآن مناقشات جادة للاعتماد على «عين الصقر». وبعيدًا عن الجدل المعتاد والبكاء والحديث عن المؤامرة والشك، هناك سؤال بسيط يجب طرحه: لماذا لا يتم الاعتماد على التكنولوجيا، لا سيما وأنه ليس من الصعب القيام بذلك ولا أحد يعارض القيام بذلك؟.
يقول خافيير تيباس، رئيس رابطة دوري كرة القدم الإسباني للمحترفين، إن التقنية تتكلف نحو أربعة ملايين يورو، وهو مبلغ كبير. لكن يجب أن نعرف أن القضايا التحكيمية ليست من اختصاص الرابطة، ولكنها من اختصاص الاتحاد الإسباني لكرة القدم، لكن تيباس ورئيس الاتحاد أنخيل ماريا فيلار لا يحبان بعضهما، ودائمًا ما يلقي كل منهما باللوم على الآخر ويتحدثان كثيرًا ولا يفعلان شيئًا على أرض الواقع.
في بعض الأحيان يجعلك هذا تتساءل: هل يريد هذان الرجلان استمرار حالة الجدل والبكاء والحديث عن المؤامرة والشك والأحكام المسبقة والغضب والمواجهات؟ ووصف شخص كاد يصاب بالسكتة القلبية ما يحدث، قائلاً: «لو كان هناك تكنولوجيا، لن يكون هناك أي شيء يتحدثان بشأنه».
وفيما يتعلق بالمباراة فقد عاد ريال بيتيس، الذي يحتل المركز الثالث عشر في جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز، لتقديم أداء رائع. ومنذ تولي فيكتور سانشيز مهمة تدريب الفريق خلفًا لغستافو بويت لم يهزم ريال بيتيس على ملعبه، ولو حسبنا نتائج الفريق منذ قدوم سانشيز، سيصبح الفريق على بعد نقطتين فقط من المركز الخامس، فقد خاض الفريق ثلاث مباريات متتالية دون أن يدخل مرماه أي هدف على ملعبه، قبل أن يضع سواريز حدًا لنظافة شباك الفريق على ملعبه لمدة 366 دقيقة، وهي الأفضل للفريق على مدى عقد من الزمان. وعلاوة على ذلك، يقدم ريال بيتيس أداء قويًا وسريعًا وذكيًا بصورة لم يكن عليها من قبل.
وكانت مجموعة من جماهير ريال بيتيس قد كتبت خطابًا للنادي تقول فيه إنها ستقاطع مباريات الفريق إذا لم تتم إقالة بويت، كما كانت هناك صافرات استهجان ضد المدير الفني الأوروغواياني، لكن أمام برشلونة كان الجمهور محتشدًا بقوة خلف ريال بيتيس ويشجع الفريق بكل حماس.
لقد ضغط ريال بيتيس على برشلونة بكل قوة وأجبر لاعبيه على ارتكاب الأخطاء، كما سدد 17 كرة، من بينها تسع تسديدات على المرمى. وأنقذ حارس برشلونة مارك أندريه تير شتيغن ست فرص. واعترف لويس إنريكي بسيطرة ريال بيتيس على مجريات اللقاء قائلا: «لقد حاصرونا في منتصف ملعبنا، وكانوا يستحقون المزيد». في حين قال المدير الفني لريال بيتيس: «يشعر المرء بالغضب بعد نهاية مثل هذا اللقاء. لقد قدمنا مباراة رائعة، وضغطنا على برشلونة وصنعنا 15 أو 16 فرصة. نشعر وكأننا قد خسرنا نقطتين». وقال حارس مرمى ريال بيتيس بكل بساطة: «لقد كنا الأفضل».
وقالت صحيفة «استاديو ديبورتيفو» إن «فريق ريال بيتيس الحالي يجعلك تشعر بالسعادة». وتميز أداء ريال بيتيس بالقوة والصلابة، ولا سيما في الخط الخلفي الذي كان يقدم الدعم الهجومي من على أطراف الملعب بشكل رائع، أما في خط المنتصف فكان بادرو يتحكم في إيقاع اللعب ويقف على الكرة ويفكر قبل أن يمرر لزملائه، وهو ما أعطى حرية كبيرة لداني سيبالوس، الذي كان يتحرك في جميع أنحاء الملعب وقدم أداء لافتًا، وتفوق على كل من كان داخل المستطيل الأخضر من حيث الركض والاستحواذ على الكرة وصناعة الفرص والتمريرات الصحيحة.
ولد سيبالوس - واسمه في شهادة الميلاد سيبالو بعدما نسى الشخص الذي يكتب اسمه حرف السين – في مدينة إشبيلية وانضم لنادي المدينة نفسها، وهو في الثامنة من عمره قبل أن يستغني الفريق عن خدماته وهو في الثالثة عشرة من عمره بسبب نحافته ومعاناته من التهاب في الشعب الهوائية.
انتقل سيبالوس إلى ريال بيتيس ولعب أول مباراة مع الفريق الأول بالنادي وهو في السابعة عشرة من عمره في اليوم نفسه الذي هبط فيه الفريق لدوري القسم الثاني. وهو في الثامنة عشرة فقط من عمره، كان سيبالوس هو أفضل لاعب في ريال بيتيس وقاد النادي للترقي مرة أخرى. ورغم موهبته الفذة، سبب سيبالوس بعض المتاعب للفريق بسبب تغريداته الغريبة على «تويتر»، وحتى داخل الملعب كان له بعض الهفوات أيضًا.
وكان سيبالوس قد قال للاعب خيتافي خوان كالا: «أتمنى أن تصاب بالعفن في دوري القسم الثاني وأن يختفي النادي الذي تلعب له»، وهو ما جعل مديره الفني خوان ميرينو يقول: «يجب أن يتعلم كيف يحترم خصمه. ويجب عليه أن يحسن أمورًا كثيرة حتى يكون محترفًا أفضل، وشخصًا أفضل أيضًا».
وخلال مباراة ريال بيتيس أمام برشلونة الموسم الماضي، طرد سيبالوس بسبب سلوكه السيئ طوال المباراة واعتدائه على جيرار بيكيه والتعرض للاعبي الفريق المنافس في كل مناسبة، بعد أن خرج عن تركيزه تمامًا.
وكان هناك سبب واضح لهذا الأداء العصبي والمتوتر، فقد سبق وأن هاجم سيبالوس سيسك فابريغاس وجيرارد بيكيه على «تويتر» بسبب رفعهما لعلم إقليم كتالونيا خلال احتفال إسبانيا بالفوز بكأس الأمم الأوروبية 2012، وقال آنذاك: «الكتالونيون، خارج البلاد!»
وعندما أطلق جمهور برشلونة وأتليتك بلباو صافرات الاستهجان أثناء عزف النشيد الوطني لإسبانيا في نهائي كأس ملك إسبانيا، قال سيبالوس على «تويتر» إنه كان يتمنى أن تنفجر قنبلة في المدرجات حتى «تقتل كلاب كتالونيا والباسك». وعندما عبر بيكيه عن حزنه من قلة الحضور الجماهيري في ديربي الأندلس بين إشبيلية وملقه، قال سيبالوس: «لا تتحدث أنت عن الأندلس، أيها الكتالوني اللعين».
ولا تزال هناك شكوك كثيرة حول شخصية سيبالوس، لكن نادي ريال بيتيس يصر على أن اللاعب يحاول أن يطور من نفسه وينضج ويستقر بمرور الوقت. وبالفعل يعمل النادي على الاعتناء باللاعب وتوجيهه، لا سيما وأنه لاعب لا يختلف كثيرون على موهبته الكبيرة.
لم يكن المدير الفني السابق لريال بيتيس بويت متأكدًا من قدرة سيبالوس على التغير، ولذا لم يشركه في التشكيلة الأساسية للفريق سوى مرة واحدة خلال هذا الموسم، لكن بمجرد تولي فيكتور مسؤولية تدريب الفريق قرر الاعتماد على سيبالوس بصفة أساسية، وبدأ تأثير اللاعب يظهر على الفريق بالفعل. وبعد انتهاء المباراة أمام برشلونة قال فيكتور: «نحن سعداء بداني وبالطريقة التي يتطور بها. إنه قيمة كبيرة ونحن نعمل على تطويره. أحد الأشياء التي تجعل أي مدير فني يشعر بالرضا هو أن يكون هناك لاعب يتطور بمرور الوقت».
وعلى الرغم من أن حكم المباراة لم يحتسب هدفًا صحيحًا لبرشلونة، قال سيبالوس بعد المباراة: «لقد أحرزوا هدفًا لم يستحقوه». ووصف المباراة بأنها «المباراة الكاملة»، وأضاف: «هذه من نوعية المباراة التي تفضل مشاهدتها مرة أخرى عبر الفيديو».
وفي النهاية، قد يأتي اليوم الذي نرى فيه الحكام في إسبانيا يستعينون بالتكنولوجيا كما هو الحال في البلدان الأخرى.
كرة القدم الإسبانية في حاجة ملحة لتكنولوجيا «عين الصقر»
هدف برشلونة الواضح وغير المحتسب يثير الجدل في دوري يدعي أنه الأفضل بالعالم
كرة القدم الإسبانية في حاجة ملحة لتكنولوجيا «عين الصقر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة