«داعش» يفتح ثقوبًا في جدران منازل غرب الموصل ويحمل أصحابها التكلفة

«داعش» يفتح ثقوبًا في جدران منازل غرب الموصل ويحمل أصحابها التكلفة
TT

«داعش» يفتح ثقوبًا في جدران منازل غرب الموصل ويحمل أصحابها التكلفة

«داعش» يفتح ثقوبًا في جدران منازل غرب الموصل ويحمل أصحابها التكلفة

أفاد عدد من سكان مدينة الموصل بأن المسلحين المتطرفين في الجانب الأيمن من المدينة باتوا يعانون ضائقة مالية، ويجبرونهم على دفع أجور عمال يقومون بثقب الجدران التي تفصل منازلهم للسماح للمقاتلين بالتنقل بحرية عبرها.
وقال أبو أسعد الذي يسكن في شارع البيبسي إن مسلحي تنظيم داعش «يحفرون جدران منازلنا بالإكراه»، وأضاف، وهو أحد عشرات السكان الذين يعانون المشكلة، أنهم «يجبروننا على دفع 7 آلاف دينار (5 دولارات يوميًا) أجورًا للعاملين بهدم جدران بيوتنا». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن هذا الرجل أن عناصر التنظيم أبلغوا أصحاب المنازل التي فتحت على بعضها من خلال ثقوب كبيرة في الجدران أن الأموال المحصلة تخصص لتمويل خطوط الدفاع ضد هجوم قوات الأمن.
وتمكنت قوات الأمن العراقية من إكمال السيطرة على الجانب الشرقي من مدينة الموصل، وأنهت مرحلة مهمة من العمليات العسكرية التي بدأتها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، ضمن عملية ضد معاقل المتشددين في البلاد.
ويحصل غالبية سكان الجانب الغربي من المدينة على قليل من التيار الكهربائي الذي ينقطع أحيانًا، فيما تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في هذا الصقيع. وسلسلة الثقوب التي يحفرها التنظيم في المنازل هي بمثابة أنفاق تسمح للمسلحين بالتحرك من دون إمكانية تعقبهم بواسطة الطائرات العراقية ومقاتلات التحالف الغربي.
واعتبر محمد جليل الذي يسكن حي النجار، الواقع قرب ضفة نهر دجلة الذي يفصل بين شطري مدينة الموصل، أن «داعش» ينتهك تعاليم الدين الإسلامي بفتحه فجوات بين المنازل. وأوضح أنه يستغرب «كيف يدعي (داعش) التزامه بتعاليم الدين الإسلامي، ويسمح بكشف العائلات على بعضها بعضًا، خصوصًا النساء، بعد أن تصبح البيوت متصلة فيما بينها من خلال هذه الثقوب؟». وأضاف: «عائلتي كبيرة، ونحن نعيش اليوم في خوف ورعب وحيرة، ولا يوجد مكان نذهب إليه، وإذا لم نغادر المنزل سنتعرض لأخطار العمليات العسكرية»، وتابع متسائلاً: «كيف نستطيع السكن في المنزل مع مسلحين يطلقون النار منه باتجاه القوات العراقية التي سترد بالمثل؟».
يشار إلى أن تنظيم داعش عزز مواقعه على ضفة النهر، في مسعى للدفاع عن آخر معاقله في الموصل ضد القوات العراقية التي من المتوقع أن تشيد جسورًا مؤقتة فوق دجلة للعبور من الضفة الشرقية. ومن المتوقع أن تشن القوات العراقية الهجوم على الضفة الغربية، حيث المعقل التقليدي للمتطرفين الذي يتضمن المدينة القديمة خلال الشهر الحالي.
بدوره، استنكر زياد الزبيدي، وهو ضابط متقاعد وناشط مدني من سكان الموصل يتخذ من مدينة دهوك في إقليم كردستان مقرًا، استخدام تنظيم داعش المدنيين في خططهم العسكرية، وقال إن «إجراءات (داعش) هذه تكتيك خبيث يضرب من خلاله المدنيين والقوات الأمنية، على حد سواء»، وأضاف: «بفتح البيوت على بعضها، يلحق (داعش) الأذى بالمدنيين متعمدًا، ويتخذهم دروعًا بشرية، وفي الوقت نفسه يطلق نيرانه على القوات الأمنية».
وبعد مرور أكثر من 3 أشهر على بدء معركة تحرير الموصل، لا يزال التنظيم المتطرف قادرًا على القتل، رغم طرده من الشطر الشرقي من المدينة.
وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، لا يدرك أحد تقريبًا مدى الخطر الذي يمثله المتطرفون مثلما يدركه مقدم الشرطة فالح حماد هندي الذي أصدر تعليمات لرجاله بالاحتماء، بينما كانت قذائف الهاون تقترب شيئًا فشيئًا. وقال هندي الذي تواجه وحدته في بعض الأحيان 16 هجومًا بطائرات من دون طيار (الدرون) في اليوم الواحد، بالإضافة إلى قذائف الهاون ونيران القناصة: «السلاح المفضل هو الدرون».
وترابط وحدة هندي المكلفة بالتمسك بموقعها لحين استعداد القوات العراقية لتوسيع نطاق هجومها إلى غرب الموصل، في معسكر تدريبي سابق لـ«داعش»، ومنطقة عسكرية مغلقة على الضفة الشرقية لنهر دجلة. وقد اكتسب هندي خبرة بكيفية تفكير المتشددين، ونقاط قوتهم، وقدم تقييمًا صريحًا عن قدراتهم، بدءًا بالقناصة الذين يمكنه رصدهم بنظارته المكبرة، ويقول: «القناصة يتمتعون بكفاءة عالية، فهم مقاتلون أجانب وهم الأكثر التزامًا».
وكان «داعش» يدرب المجندين الجدد في هذا الموقع الذي يضم مشتلاً وحديقة للأسرة ومزرعة لعسل النحل. ووفرت الأشجار والخضرة الكثيفة غطاء مثاليًا من الضربات الجوية، في حين حفر المتشددون نفقًا تحت الأرض، ودعموه بأكياس الرمل للوقاية من الضربات الجوية.
ويدرس رجال الشرطة تدريب مقاتلي التنظيم المرابطين على مسافة 500 متر على الضفة الأخرى من النهر في مستشفى وفندق من أجل مقاتلتهم. كما يعتمدون على المعلومات التي يستقونها من سكان غرب الموصل الذين انقلبوا على التنظيم. وقال هندي (32 عامًا): «يختبئون في بيوتهم، ويقدمون معلومات عن المتطرفين، عن تحركاتهم وأسلحتهم».
ومن المتوقع أن يبدي المتشددون مقاومة أشرس في الشطر الغربي من الموصل لأن المعركة ستحدد مصير التنظيم. وقال هندي: «ليس أمامهم مهرب في الغرب، ولذلك فهم سيقاتلون حتى الموت». وسيشهد القتال استخدام التنظيم لنقاط قوته من مفجرين انتحاريين. وحسب هندي، فإن التنظيم يحتفظ بهم متأهبين لهذه المعركة والسيارات الملغومة والشراك الخداعية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.