الصحف الأوروبية: هجوم اللوفر... وقمة مالطة ومستقبل الاتحاد

الإعلام الأميركي: أسبوع ترمب الثاني أكثر سوءًا من الأول

الصحف الأوروبية: هجوم اللوفر... وقمة مالطة ومستقبل الاتحاد
TT

الصحف الأوروبية: هجوم اللوفر... وقمة مالطة ومستقبل الاتحاد

الصحف الأوروبية: هجوم اللوفر... وقمة مالطة ومستقبل الاتحاد

نبدأ جولتنا في الصحف الأوروبية من باريس، حيث خصصت الصحف الفرنسية، حيزًا مهمًا لاعتداء متحف اللوفر في باريس، وقرارات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، لكن معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية نالت حصة الأسد وتصدرت أخبار معظم الصحف. وأيضًا القمة التي عقدها القادة الأوروبيون نهاية الأسبوع في مالطة أسالت حبرًا كثيرًا في الصحف الفرنسية، ونبدأ من صحيفة «لوموند»، حيث عنونت: «الأوروبيون في حالة من الاضطراب بسبب ترامب».
وقالت لوموند إن القادةَ الأوروبيين اجتمعوا في مالطة وسط اختلافٍ في الرأي حول كيفية الرد على الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقالت الصحيفة إن دول الاتحاد الأوروبي لا تبدو مستعدة لدبلوماسية «التويتات»، في إشارة إلى تغريدات ترامب على «تويتر»، ولا هي مستعدة للتحول مائة وثمانين درجة لاستيعاب الاضطرابات الجيوسياسية والتجارية التي تحملها رئاسة ترامب.
وأوضحت لوموند أن الأوروبيين مترددون حيال مسألة إدانة القرارات الأخيرة للرئيس الأميركي أو المواقف العدائية التي عبر عنها، خصوصا في ما يتعلق بموضوع الهجرة. والاعتداء على عسكريين قرب متحف اللوفر ألقى بظلاله على الصحف الفرنسية. «لوباريزيان» ركزت مقالها على «الشخصية الغريبة للمعتدي (الإرهابي - السائح)» كما سَمَّته وقد كشفت أن المشتبه به هو شاب مصري الجنسية يعمل في دبي، وهو من مؤيدي فريق بايرن ميونيخ، ابتاع السواطير، الأسبوع الماضي، وكان قد نشر عبر حسابه على موقع «تويتر» رسائل ذات مضمون ديني قبل ساعات من الاعتداء.
وكالة الصحافة الفرنسية أوضحت فيما بعد أن التغريدات تشير إلى تنظيم داعش و«إخوة مجاهدين في سوريا وكل بقاع الأرض». «لوفيغارو» عنونت في صدر صفحتها الأولى «اعتداء اللوفر يعزز المخاوف» واعتبرت في افتتاحيتها أن مكافحة الإرهاب تتصدر اهتمامات الفرنسيين، وأن على الحملة الانتخابية أخذ الأمر بعين الاعتبار بدل التلهي بجدل لا ينتهي، كما قالت.
قرارات ترامب نالت أيضًا حيزًا مهمًا من الصحافة الفرنسية. «ترامب يتلمس طريقه في إسرائيل وفلسطين» عنونت «لوموند» مقالها التي أشارت فيه إلى اعتبار البيت الأبيض أن بناء وحدات استيطانية جديدة «يمكن ألا يكون عاملاً مساعدًا» في حل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وتأكيده في الوقت نفسه انه لم يتخذ بعد موقفا رسميا من المسالة، ولا يعتقد أن «المستوطنات تشكل عقبة أمام السلام». وكتبت «لوفيغارو» في صدر صفحتها الأولى: «ترامب يعتمد مواقف متضاربة فيما خص روسيا وإيران وإسرائيل».
وننتقل إلى الصحف البريطانية في لندن، ولا يزال القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بخصوص المهاجرين ومواطني 7 دول شرق أوسطية، يشغل الصحافة البريطانية. معظم الصحف نشرت خبرا أو تقريرا أو تحليلا حول الموضوع. في صحيفة «فاينانشيال تايمز» نطالع تقريرا بعنوان «قلب أميركا العربي لم يغير إيمانه بترمب»، أعدته باتي ولدمير من مدينة ديربون في ولاية ميتشيغان الأميركية. سيكون من الصعب تخيل مكان يكون أثر حظر الهجرة الذي تضمنه قرار ترامب التنفيذي أقوى من مدينة ديربورن في ولاية ميتشيغان، حيث يشكل السكان من أصول عربية نصف عدد السكان تقريبًا.
في الأسبوع الماضي، سيطر قرار الرئيس دونالد ترمب بمنع دخول اللاجئين، ومواطني 7 دول إسلامية، على افتتاحيات الصحف الأميركية الرئيسية، وعلى تعليقات إعلامية أخرى. (كانت انتقادات الأسبوع الأول عن قرارات داخلية عن إلغاء قوانين حكومية لها صلة بالبيئة والاستثمارات. لكن، لم تلحق انتقادات الأسبوع الثاني قرار القاضي الفيدرالي في ولاية واشنطن بإلغاء قرار ترمب).
في الأسبوع الثاني، قالت افتتاحية «نيويورك تايمز»: «ليس قرار الرئيس ترمب عن منع دخول اللاجئين ومواطني دول معينة ذات أغلبية إسلامية، خطأ فقط. إنه قرار جبان، بسبب المبالغة في تخويف الأميركيين. وإنه، أيضًا، خطر بسبب تأثيره على الأمن الوطني تأثيرًا سلبيًا، عكس ما يقول ترمب».
وقالت افتتاحية «سولت ليك تربيون» (ولاية يوتا): «لن يقدر ممثلو ولاية يوتا الجمهوريون في الكونغرس، بفرعيه، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، على انتظار أن يميل الرئيس ترمب نحو الاعتدال، ويترك تغريداته المتطرفة. لن يفعل ذلك، وقال إنه لن يفعل ذلك. على هؤلاء أن يواجهوا هذا الرجل».
وقالت افتتاحية «سان هوزي ميركوري» (ولاية كاليفورنيا): «يزيد الرئيس ترمب، ليس فقط تطرفه، بل طريقة نشر تطرفه، من سيء إلى أسوأ. وتزيد تغريداته إساءات، من رئيس وزراء أستراليا، إلى القاضي الفيدرالي في ولاية واشنطن (الذي ألغى قرار منع دخول المسلمين) ».
وقالت افتتاحية «يو إس إيه توداي»: «يمكن الدفاع أو الهجوم على قرار ترمب بمنع دخول مواطنين من دول في قائمة الإرهاب. لكن، قرار منع دخول أي لاجئين يخالف، ليس فقط الأعراف الدولية، ولكن، أيضًا، القيم الأميركية».
وعلقت مجلة «أتلانتيك» على القرار بقولها: «يخلط كثير من الجمهوريين بين سياسة الرئيس السابق جورج بوش الابن وسياسة ترمب حول قبول اللاجئين. يقولون إن العدد كان 50 ألف في عهد بوش، وتضاعف في عهد أوباما، ويجب أن يعود إلى ما كان عليه». وأضاف التعليق: «لكن، صار واضحًا أن ترمب ينطلق من فلسفة أقل إنسانية، وليست مجرد مقارنة أرقام بأرقام. ينطلق ترمب من فلسفة تعادي غير الأميركيين، وتعادي غير المحافظين».



شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

استقالت رسامة الكاريكاتير الأميركية -السويدية الأصل- آن تيلنيس، الحائزة على جائزة «بوليتزر»، من عملها في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الماضي، بعد رفض قسم الآراء في الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفور إعلان الخبر رأى كثيرون أن الواقعة الجديدة تختصر صورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة.

مارك زوكربيرغ (آ ب)

إعادة تموضع

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبيض، بدأ الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تموضع» تماشياً مع العهد الثاني لترمب. وهو ما تُرجم بداية بامتناع وسائل إعلام كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحين الرئاسيين، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الناظمة لعملها، إلى إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارات بعض شركات التكنولوجيا.

وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مالك تطبيق «إكس»، المبكر لترمب، واتجاهه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة التي طرأت على باقي المنصات الاجتماعية والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل.

ان تيلنيس (جائزة بوليتزر)

خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟

البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس العائد، في حين عدّه آخرون تعبيراً عن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات.

في بيانها الموجز، قالت تيلنيس التي تعمل في «واشنطن بوست» منذ عام 2008، إن قرار الصحيفة رفض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الحرة». وكتبت: «طوال ذلك الوقت لم يُمنع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجت تيلنيس مسوّدة من رسمها الكاريكاتيري في منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمازون» ومالك الصحيفة، مع مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، و«ميكي ماوس» التميمة المؤسسية لشركة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب.

وطبعاً كان من الطبيعي أن «يختلف» ديفيد شيبلي، محرّر الآراء في الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها للأحداث»، معتبراً قرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع.

... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله

بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عندما أعلن مارك زوكربيرغ أن «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطراف ثالثة، قرأها العالم السياسي بوصفها نوعاً من الاستسلام؛ إذ قال زوكربيرغ في مقطع فيديو نشره على «فيسبوك» إن «(ميتا) ستتخلّص من مدقّقي الحقائق، وستستعيض عنهم بملاحظات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكس)»، وهو ما رآه البعض «تضحية بقيم الشركة على (مذبح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الجمهوري الجديد. بالنسبة إلى المحافظين اليمينيين، الذين يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بأن النهج الأكثر تساهلاً في تعديل المحتوى سيعكس الواقع بشكل أكثر دقة، من خلال السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هؤلاء، ومنهم بريندان كار الذي اختاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قرار «ميتا» انتصاراً.

في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعدّوه «هدية لترمب والمتطرّفين في جميع أنحاء العالم». وقال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة في العالم يُنذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم.

ابتعاد عن الليبرالية

هذا، ومع أنه من غير المتوقع أن يؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلى «مستنقع للأكاذيب أو الحقائق»؛ لأن الخوارزميات هي التي تتحكم بما يُنشر في نهاية المطاف. فإن قراره يعكس، في الواقع، ابتعاد شركات التكنولوجيا عن الرؤية الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حين تراجعت «ميتا» عام 2019 عن التحقق من صحة الإعلانات من السياسيين، وعام 2023 عن تعديل الادعاءات الكاذبة حول انتخابات 2020.

وحقاً، كان إعلان يوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمين منذ إعادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئيساً عالمياً للسياسة، وعيّنت، يوم الاثنين، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعلان يوم الثلاثاء نقل فريق الثقة والسلامة في الشركة من ولاية كاليفورنيا «الليبرالية»، إلى ولاية تكساس «الجمهورية»؛ مما يعكس دعوات من قادة التكنولوجيا اليمينيين مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون».

ترمب ممثلاً للأكثرية

في مطلق الأحوال، مع أن كثيرين من النقاد والخبراء يرون أن هذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الليبرالية للحوكمة الرقمية، لكنهم يشيرون إلى أنه ابتعاد مدفوع أيضاً بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة.

ومع تحوّل ترمب تدريجياً من كونه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلى الممثل الأبرز للأكثرية التي باتت تخترق كل الأعراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربما، بالنسبة إلى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية.