بوخارست تثور ثانية بعد 27 عامًا على إسقاط تشاوشيسكو

مئات الآلاف يتظاهرون في المدن ضد فساد الحكومة الاشتراكية

آلاف المواطنين شاركوا في المظاهرات الاحتجاجية في شوارع العاصمة الرومانية بوخارست أمس (أ.ب)
آلاف المواطنين شاركوا في المظاهرات الاحتجاجية في شوارع العاصمة الرومانية بوخارست أمس (أ.ب)
TT

بوخارست تثور ثانية بعد 27 عامًا على إسقاط تشاوشيسكو

آلاف المواطنين شاركوا في المظاهرات الاحتجاجية في شوارع العاصمة الرومانية بوخارست أمس (أ.ب)
آلاف المواطنين شاركوا في المظاهرات الاحتجاجية في شوارع العاصمة الرومانية بوخارست أمس (أ.ب)

المظاهرات التي اندلعت ضد «فساد» الحكومة الرومانية لليوم الخامس على التوالي في العاصمة بوخارست أمس (السبت)، تعيد للذاكرة مشاهد من الثورة ضد النظام الشيوعي عام 1989 التي استمرت أسبوعًا وأطاحت بحكم الديكتاتور نيكولاي تشاوشيسكو.
التحرك الاحتجاجي قرع جرس الإنذار في بروكسل، حيث عبر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ونائبه فرانس تمرمانس عن «القلق البالغ»، محذرين من «تراجع» رومانيا عن حملتها ضد الفساد.
كما سارت احتجاجات مماثلة خلال الأيام الماضية في نحو 50 مدينة أخرى على طول وعرض البلاد. هدف المتظاهرين هو مرسوم أقرته الحكومة الاشتراكية، ويخشى المعارضون أن يستفيد منه برلمانيون يشتبه باختلاسهم أموالاً.
التصدعات بدأت تظهر مع استقالة وزير التجارة المستقل، فلورين جيانو، الذي كتب على صفحته في موقع «فيسبوك»: «هذا ما يدعوني إليه ضميري»، مطالبًا الحكومة باتخاذ موقف «نزيه وتصحيح هذا الخطأ».
وحاول الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم الذي يقوده ليفيو دراغنيا خلال الانتخابات الأخيرة إبعاد الأنظار عن الفساد عبر إطلاق وعود بإعادة تحريك الاقتصاد في بلد يعاني فيه واحد من كل 4 أشخاص من الفقر. واتخذت الحكومة الأربعاء سلسلة من الإجراءات الاقتصادية لرفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات وزيادة قيمة المنح للطلاب واستخدام النقل العام دون مقابل.
وفي الأمس اتجه المتظاهرون إلى مبنى البرلمان للمطالبة بإلغاء المرسوم، بينما تصر الحكومة على مواقفها. وقام المعارضون نهار السبت في العاصمة بوخارست، حيث وصل عددهم إلى نحو مائة ألف، بتشكيل سلسلة بشرية حول المبنى، وقال خبير العلوم السياسية رادو ماغدن لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرومانيين، وخصوصًا الصغار في السن وأبناء الطبقة المتوسطة، نزلوا إلى الشوارع «لدى تكون انطباع لديهم بأن العدالة والحرب على الفساد أصبحا في خطر».
وتدرس المحكمة الدستورية في رومانيا شرعية مرسوم الحكومة المثير للجدل. وتلقت 3 طعون ضد قانون الطوارئ، الذي يضعف قوانين مكافحة الفساد. وأدخل هذا الإجراء رومانيا في أزمة سياسية، حيث قدم الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس طعنًا في المحكمة الدستورية على هذا الإجراء، قائلاً إنه يضر سيادة القانون ومكافحة الفساد. إلا أن رئيس الوزراء سورين غريندينو أكد يوم الخميس أن حكومته التي أقرت المرسوم الطارئ قبل يومين لن تسحبه. ويقول المتظاهرون إن المرسوم يهدف إلى حماية زعيم الحزب الاشتراكي ليفيو دراغنيا الذي منع من أن يصبح رئيسًا للوزراء رغم فوز حزبه في انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي بسبب إدانته بالتزوير. كما يحاكم دراغنيا حاليًا بتهمة إساءة استخدام السلطة، بعد أن طرد من السلطة في نهاية 2015 بعد تظاهرات ضد الفساد.
وقال كلاوس يوهانيس على هامش قمة الاتحاد الأوروبي الاستثنائية التي عقدت أول من أمس في مالطة إنه لا يوجد خطر بالنسبة للمستثمرين الأجانب على الرغم من هذه الأزمة. وأشادت المفوضية الأوروبية بجهود مكافحة الفساد التي تبذلها رومانيا التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي مع جارتها بلغاريا عام 2007 كأفقر بلدين في التكتل.
وقالت دانيالا، الصيدلانية التي تبلغ من العمر 50 عامًا، للوكالة الفرنسية، إنها تشعر كأنها «في ديسمبر 1989» عندما أجبرت تظاهرة هائلة الرئيس السابق نيكولاي تشاوشيسكو على الفرار.
ومعظم المشاركين في التظاهرة شبان من سكان المدن تلقوا تعليما مثل فلاد (39 عامًا) الذي قال: «كان يمكنني مغادرة البلاد لكنني لم أعتقد يومًا أنني سأحصل على حياة أفضل». وأضاف هذا الأب لولدين الذي يجني 500 يورو شهريًا محاضرًا في كلية السينما في بوخارست: «يجب أن ننزل إلى الشارع لتتغير الأمور».
ويخشى المتظاهرون عودة إلى الوراء وإن بدأت الحملة ضد الفساد تؤتي ثمارها تحت ضغط الاتحاد الأوروبي. وفيما يشكل بارقة أمل للمعارضين، قدم اعتراض إلى المحكمة الدستورية الجمعة لمنع الحكومة من اللجوء إلى إجراء طارئ يتجاهل البرلمان، ويخفض قانون الحكومة العقوبات المفروضة على استغلال السلطة من 7 إلى 3 سنوات. كما أرسلت الحكومة التي يرأسها سورين غريندانيو إلى البرلمان مشروعًا يهدف إلى العفو عن 2500 سجين يمضون عقوبات لا تتجاوز 5 سنوات. وتؤكد الحكومة أنها تريد تخفيف اكتظاظ السجون وإصلاح القانون الجزائي الذي أبطلت المحكمة الدستورية نحو 60 مادة من بنوده.
ويحقق القضاء حاليًا في 2150 قضية استغلال للسلطة. وفي 2015، تمت محاكمة 27 مسؤولاً رفيعًا، بينهم رئيس الوزراء حينها فيكتور بونتا، إضافة إلى 5 وزراء و16 نائبًا، غالبيتهم من اليساريين.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».