إسرائيل تسرع وتيرة بناء جدار الفصل جنوب الخليل

مراقبون قالوا إن توسيعه ضمن حدود جديدة سيحول الضفة إلى سجن كبير

إسرائيل تسرع وتيرة بناء جدار الفصل جنوب الخليل
TT

إسرائيل تسرع وتيرة بناء جدار الفصل جنوب الخليل

إسرائيل تسرع وتيرة بناء جدار الفصل جنوب الخليل

أنهت السلطات الإسرائيلية بناء نحو 10 كيلومترات من جدار الضم الإسرائيلي في منطقة جنوب الخليل، من أصل 42 مقررة هناك، ويفترض أن ينتهي الجيش الإسرائيلي من بنائها نهاية العام الجاري.
ويبدأ الجدار الذي يرمي إلى منع الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي الإسرائيلية، عبر منطقة جنوب الخليل، من معبر «ترقوميا» وصولا إلى معبر «ميتر»، ويسير بمحاذاة الشارع الاستيطاني رقم 35. وقد بنيت مقاطع من الجدار الجديد على عجل بعد صدور قرار من المسؤولين السياسيين في يونيو (حزيران) الماضي، يقضي بتسريع البناء في المنطقة، وذلك إثر عملية إطلاق نار في مركز تجاري بتل أبيب نفذها فلسطينيان، أسفرت عن مقتل أربعة إسرائيليين، وقالت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وقتها إنهما تسللا إلى إسرائيل عبر منطقة ترقوميا.
وزار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنطقة في يوليو (تموز) الماضي، وأعلن أنه سيعمل على منع تسلل الفلسطينيين من هناك. فيما أكدت أجهزة الأمن الإسرائيلية أن منطقة ترقوميا بشكل خاص تشكل «ثغرة أمنية» يتسلل منها الفلسطينيون إلى داخل إسرائيل بشكل غير قانوني، ومنها مر كذلك عدد من منفذي العمليات في إسرائيل. وفي هذا السياق قال الضابط نير يوغيف، من لواء الضفة الغربية، إن الهدف من استكمال بناء الجدار هو منع وقوع مزيد من الهجمات الفلسطينية، ومنع تسلل العمال.
ويحتوي الجدار على نظام إنذار لكشف أي محاولات لتسلقه، أو إحداث أي ثغرات به.
وكانت إسرائيل قد بدأت في 2002 ببناء جدار الضم والتوسع، المعروف أيضا باسم جدار الفصل حول الضفة الغربية، ضمن حدود جديدة من شأنها أن تحول الضفة إلى سجن كبير، حسب عدد من المراقبين والسياسيين.
وأنجزت إسرائيل حتى الآن نحو 62 في المائة منه من أصل 7 آلاف كيلو، مقررة لأسباب أمنية وسياسية وحدودية وانتقامية. وبحسب إحصاءات رسمية فلسطينية فإن 10 في المائة من الجدار الآن قيد الإنشاء، و28 في المائة من المزمع إقامته في وقت لاحق، فيما تقول دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، إن «طول الجدار المخطط هو 712 كيلومترا، وهو يمثل ضعف خط حدود 1967 (أي 323 كيلومترا)».
وبحسب التقرير الفلسطيني الرسمي، فإن الجدار يعزل الآن نحو 11 ألف فلسطيني من سكان الضفة الغربية، حيث يعتبرون معزولين بين الجدار والخط الأخضر. أما إذا ما اكتمل بناء الجدار كما هو مخطط له فإن 25 ألف فلسطيني آخرين سيقيمون بين الجدار والخط الأخضر.
ويوجد ألف و400 من سكان الضفة الغربية معزولين الآن على جانب القدس من الجدار، ويعيشون في 17 تجمعا معزولا، محرومين من الإقامة وحرية الوصول إلى العمل والخدمات في القدس الشرقية، وهناك ألف مواطن من سكان القدس الشرقية يقيمون الآن في جانب الضفة الغربية من الجدار. ومن غير المعروف متى ستنتهي إسرائيل من بناء الجدار، الذي انطلقت أعماله عام 2002. وقد أصدرت محكمة العدل الدولية «رأيا استشاريًا» حوله في 2004، جاء فيه أن الجدار الفاصل مخصص للمساعدة في المشاريع الاستيطانية، وقد يؤدي إلى رحيل الفلسطينيين المعزولين بسببه، إضافة إلى أن السيطرة على الأراضي الخاصة والمرتبطة بإقامة الجدار الفاصل تشكل مسا بالأملاك الشخصية، مما يشكل خرقًا للبندين 46 و52 من لوائح «هاج» لعام 1907. والبند 53 من وثيقة جنيف الرابعة.
ورأت محكمة العدل الدولية، أن الجدار الفاصل يمس مختلف الحقوق المقننة في الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت إسرائيل عليها: وهي الحق في حرية الحركة، والحق في عدم التدخل في خصوصية البيت والعائلة، والحق في مستوى حياة لائق، والحق في الصحة والتعليم.
وجاء في الاستنتاجات الخاصة بالرأي الاستشاري أنه يتوجب على إسرائيل التوقف عن إقامة الجدار الفاصل، وتفكيك أجزاء منه تمت إقامتها في الضفة الغربية، وإلغاء الأوامر التي جرى إصدارها بخصوص إقامته، وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جراء ذلك.
لكن إسرائيل رفضت التعاون وعدت الرأي الاستشاري للمحكمة غير ملزم، وتواصل البناء في مناطق مختلفة في الضفة، لكن ببطء شديد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.