«الدفاع» الأميركية تؤكد التزامها أمنيًا تجاه اليابان وكوريا الجنوبية

ماتيس وعد برد «ساحق» على أي هجوم نووي كوري شمالي

«الدفاع» الأميركية تؤكد التزامها أمنيًا تجاه اليابان وكوريا الجنوبية
TT

«الدفاع» الأميركية تؤكد التزامها أمنيًا تجاه اليابان وكوريا الجنوبية

«الدفاع» الأميركية تؤكد التزامها أمنيًا تجاه اليابان وكوريا الجنوبية

طمأن وزير الدفاع الأميركي الجديد جيمس ماتيس، أمس، كوريا الجنوبية واليابان بشأن التزام واشنطن الكامل تجاه أمنهما، واعدًا بردّ «ساحق» على أي هجوم نووي كوري شمالي.
وتحدث ماتيس في طوكيو قادمًا من سيول في أول جولة خارجية لمسؤول رفيع المستوى من إدارة الرئيس دونالد ترمب، الذي أثارت خطاباته النارية ذات الطابع الانعزالي، مخاوف بشأن التوجهات الجديدة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
وتقيّم الولايات المتحدة واليابان تحالفًا أمنيًا منذ عقود، فيما تعود العلاقات بين واشنطن وسيول إلى فترة الحرب الكورية التي اندلعت بين عامي 1950 و1953. إلا أن ترمب تحدّث خلال حملته الانتخابية عن إمكانية سحب القوات الأميركية المنتشرة في البلدين ما لم يزيدا مساهمتهما المالية.
وتنشر الولايات المتحدة 47 ألف جندي في اليابان، و28500 في كوريا الجنوبية لحمايتها من جارتها الشمالية.
وقال ماتيس لرئيس وزراء اليابان شينزو آبي: «نقف بحزم مائة في المائة إلى جانبكم وجانب الشعب الياباني». وأضاف لدى بدء الاجتماع: «أريد التأكيد أن البند الخامس من معاهدة الدفاع المشترك بيننا سيبقى واقعًا، كما كان منذ عام وخمسة أعوام، وسيظل بعد سنة أو عشر من الآن».
ويلزم البند الخامس كلا البلدين بصد الاعتداءات التي قد يتعرضا لها في اليابان أو الأراضي التي تديرها طوكيو مثل الجزر غير المأهولة في بحر الصين الشرقي التي تديرها اليابان، وتطالب بها الصين.
وقال وزير خارجية اليابان فوميو كيشيدا للصحافيين عقب لقاء منفصل أجراه مع ماتيس إن وزير الدفاع الأميركي عاد وأكد هذا الالتزام. واقترح ترمب خلال حملته الانتخابية أن تتزود كوريا الجنوبية واليابان بسلاح نووي، وهي مسألة تعد غاية في الحساسية بالنسبة إلى الأخيرة، وهي الدولة الوحيدة في التاريخ التي تعرضت إلى هجوم بالقنابل النووية.
وقال آبي الذي يتوقع أن يلتقي ترمب في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، أمام ماتيس: «لدي أمل، وأنا أيضًا مقتنع أنه سيكون بإمكاننا معك ومع الرئيس ترمب تأكيد التحالف الذي لا يتزعزع بين اليابان والولايات المتحدة للرأي العام داخل اليابان وخارجها».
ولطالما أشار آبي إلى أن اليابان تتحمل حصة مناسبة من كلفة هذا التحالف، الذي أكد أنه مفيد لواشنطن وطوكيو معًا، إضافة إلى المنطقة برمتها. ووفقا لمسؤول رفيع في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية وتقارير إعلامية يابانية، لم يناقش ماتيس مسألة الكلفة خلال اللقاءات التي أجراها في البلدين.
وتأتي زيارة ماتيس وسط تنامي المخاوف من الطموحات النووية لكوريا الشمالية التي تشكل مصدر قلق لطوكيو وسيول. وقبل مغادرته سيول، حذر بيونغ يانغ من خوض أي مغامرات قائلاً عقب لقاء مع نظيره الكوري الجنوبي، هان مين كو، إن «أي هجوم على الولايات المتحدة أو على حلفائنا سيُهزم، وأي استخدام للأسلحة النووية سيقابل برد سيكون فعالاً وساحقًا».
وأجرت كوريا الشمالية تجربتين نوويتين، فيما أطلقت عددًا من الصواريخ العام الماضي ملقية بظلال أمنية ثقيلة على المنطقة. وقال زعيمها كيم جونغ أون في خطاب ألقاه بمناسبة رأس السنة، إن بلاده باتت في «المراحل الأخيرة» من تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات، مما دفع ترمب للتأكيد في تغريدة على موقع «تويتر» إن «هذا لن يحصل»!
واتفق ماتيس، أول من أمس (الخميس)، مع رئيس الوزراء الكوري الجنوبي، هوانغ كيو - آن، على الدفع قدما في خطة نشر منظومة «ثاد»، الدرع الأميركية المتطورة المضادة للصواريخ هذا العام رغم معارضة الصين.
وأغضبت الخطة بكين التي تعتبر أن الدرع سيهدد أمنها ويزيد من مخاطر اندلاع نزاع في المنطقة، فاتجهت لاتخاذ مجموعة من التدابير التي اعتبرتها سيول بمثابة عقوبات.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».