بعد أيام على إعلان مسؤولين في «قوات سوريا الديمقراطية» تلقيهم مدرعات أميركية للمرة الأولى منذ انطلاق التنسيق بينهم وبين واشنطن في إطار الحرب على تنظيم داعش في الشمال السوري، تبين أن هذه المساعدات تم حصرها بالمكون العربي في هذه القوات، في إطار السعي الأميركي لتجاوز صبغتها الكردية قبل انطلاق معركة تحرير مدينة الرقة.
وتتركز جهود التحالف الدولي حاليا على «تطعيم» «قوات سوريا الديمقراطية» بمقاتلين عرب. فبعد انضمام المئات إلى حملة «غضب الفرات» في ريف الرقة، أعلن المعارض السوري ورئيس تيار «الغد» السوري أحمد الجربا، يوم أمس، أن قوة عربية مؤلفة من ثلاثة آلاف مقاتل تحت قيادته تتلقى تدريبا مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة استعدادا للمشاركة في حملة عسكرية لطرد تنظيم داعش من معقله في مدينة الرقة. وقال الجربا لوكالة «رويترز» إن التحضير قد بدأ للمعركة داخل المدينة، لافتا إلى وجود «برنامج مع قوات التحالف للتدريب». وأضاف: «سنكون حاضرين بهذه المعركة بقوة ونحن في طور التجهيز لها لتحرير بلادنا وتطهيرها من هذا السرطان الإرهابي الذي هو (داعش)».
وتُشكل تركيبة «قوات سوريا الديمقراطية» (التي تأسست في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، بهدف «طرد تنظيم داعش وجبهة النصرة من منطقة الجزيرة السورية، وبناء سوريا ديمقراطية علمانية» والتي تُعتبر «وحدات حماية الشعب الكردية» عمودها الفقري)، مادة سجال دائم بين الأكراد وفصائل المعارضة، التي تؤكد أن لا وجود حقيقيا وفاعلا للعناصر العربية بإطار هذه القوات، وأن دورها يقتصر على «التمويه»، في وقت تؤكد القيادات الكردية سعيها لتوسيع مشاركة العناصر العربية والتركمانية والسريانية وانضمام المئات إلى صفوفها قبيل انطلاق معركة «غضب الفرات».
وأوضح المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» العقيد طلال سلو، أن «قوات النخبة» التي يقودها الجربا «تعمل جنبا إلى جنب قواتنا، لكنها ليست جزءا منها»، لافتا إلى أن دفعة منها شاركت في المرحلة الثانية من «غضب الفرات»، فيما يتم تجهيز وتدريب دفعات أخرى من قبل الأميركيين والتحالف الدولي للمشاركة في المراحل اللاحقة. وقال سلو لـ«الشرق الأوسط»: «المرحلة الثانية من الحملة شارفت على نهايتها، على أن تنطلق المرحلة الثالثة خلال أيام، علما بأنه لا يمكننا الكشف عن وجهة المعركة الجديدة لأسباب عسكرية، لكنها تندرج بلا شك بإطار استكمال حصار المدينة تمهيدا لاقتحامها». وأشار سلو إلى أن المدرعات الأميركية التي وصلت أخيرا إلى «قوات سوريا الديمقراطية» تسلمها التحالف العربي الذي هو جزء من قواتنا، معربا عن تفاؤله بأن «إدارة الرئيس الأميركي الجديد ستكون متعاونة أكثر من تلك السابقة بدعمهم بمواجهة تنظيم داعش بعدما كانت إدارة أوباما تحصر المساعدات بالذخيرة والأسلحة الخفيفة».
وأعلن أدريان رانكين غالاواي، المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) لشؤون الشرق الأوسط، أن الوزارة ستعمل على صياغة خيارات بشأن محاربة «داعش» لتقديمها للرئيس. وأشار غالاواي في لقاء مع قناة «الحرة» إلى أن «استراتيجية التحالف تتضمن العمل مع الشركاء لتحرير المناطق التي تقع تحت سيطرة (داعش) وإعادة بناء المناطق المحررة». وبشأن الأسلحة الجديدة التي تنوي واشنطن تسليمها لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، قال: إن الولايات المتحدة «لا تنقل مدرعات لهذه القوات، لكنها تسلم ذخائر وتساعدهم خلال تقدمهم للرقة، وتعمل على تطهير الألغام».
ولفت يوم أمس ما أوردته وكالة «آرا نيوز» التي تعنى بالشأن الكردي، نقلا عن مصادر عسكرية ومحلية، مشيرة إلى أن تنظيم داعش وضع خطة لمنع تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» نحو مدينة الرقة، تقضي بإغراق ضواحي المدينة بمياه بحيرة الأسد الاصطناعية لمنع تقدم القوات المهاجمة. وأشارت الوكالة إلى أن التنظيم قد فتح ثلاث بوابات من مجموع ثماني بوابات في سد الفرات مخصصة لتصريف فائض المياه في البحيرة؛ بهدف خلق فيضان في المنطقة لوقف تقدم «سوريا الديمقراطية»، موضحة أن التنظيم «يأمل بهذه الطريقة كسب الوقت ليتمكن من الانسحاب من الرقة إلى محافظة دير الزور التي قد تصبح عاصمة (الخلافة) الجديدة».
واستبعد أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت»، أن يكون التنظيم قد أقدم فعليا على تفخيخ بوابات السد، منبها إلى أن «ذلك من شأنه أن يشكل مشكلة كبيرة؛ لأن المياه ستغرق عندها مدنا بحالها بينها الطبقة والرقة ودير الزور، ولا نعتقد أن من مصلحة التنظيم القيام بذلك، وبخاصة أن أول من سيتضرر معسكر الطلائع الذي يعتبر أهم معسكرات التنظيم». وقال الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: «قد يحصل ذلك في حال أحس التنظيم بلحظة من اللحظات أن وضعه قد ساء كثيرا، إلا أنه وحتى الساعة لا اشتباكات فعلية، وهو يركز على استقدام تعزيزات لمعركة الطبقة؛ ولذلك أفرغ المنطقة الملاصقة لسد الفرات بالكامل من المدنيين كما من عناصره».
وأشارت نوروز كوباني، المسؤولة في المكتب الإعلامي في وحدات حماية المرأة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المرحلة الثالثة المرتقبة من «غضب الفرات» ستكون أصعب وأشرس من المرحلتين الأولى والثانية، لافتة إلى عدم إمكانية تحديد تفاصيل هذه المرحلة بالوقت الراهن؛ لأن أي معلومات ستخدم التنظيم الذي يتحضر حاليا للمواجهة على أكثر من جبهة.
واشنطن تحصر دعمها بالقوات العربية استعدادًا لمعركة الرقة
تحضيرات للمرحلة الثالثة من «غضب الفرات»... و«داعش» يهدد بـ«الفيضان»
واشنطن تحصر دعمها بالقوات العربية استعدادًا لمعركة الرقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة