أزمة الهجرة اللاتينية إلى أميركا تتسع مع قرارات ترمب

كوبا ترحب باستقبال معارضيها المهجرين مجددًا... والمكسيك ودول وسط أميركا تتكتل لإيجاد حل

مهاجرون ينتظرون العبور إلى الولايات المتحدة من الجانب المكسيكي (أ.ف.ب)
مهاجرون ينتظرون العبور إلى الولايات المتحدة من الجانب المكسيكي (أ.ف.ب)
TT

أزمة الهجرة اللاتينية إلى أميركا تتسع مع قرارات ترمب

مهاجرون ينتظرون العبور إلى الولايات المتحدة من الجانب المكسيكي (أ.ف.ب)
مهاجرون ينتظرون العبور إلى الولايات المتحدة من الجانب المكسيكي (أ.ف.ب)

أثارت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إثر الحد من المهاجرين القادمين من الجارة اللاتينية، ردود أفعال متباينة، حيث عبرت عدد من الدول مثل المكسيك وعدد من دول أميركا الوسطى عن قلقها إزاء الخطوات التي قد تلقي بالضرر المباشر على اقتصاداتها، نظرا لما تمثله الهجرة كمصدر دخل لأسر فقيرة في أميركا اللاتينية ومحرك لدفع اقتصادات هذه الدول. أما كوبا فلديها شعور آخر، وهو أن المعارضين الفارين من سلطاتها سيعودون إلى هافانا من جديد، وذلك في إطار زوال التوتر القديم بين البلدين، مما يمنح النظام الكوبي راحة في التعامل مع الفارين من قوانينه.
وعلى صعيد حل الأزمة، اجتمع وزراء خارجية المكسيك والسلفادور وهندوراس وغواتيمالا لوضع استراتيجية لحماية المهاجرين من الدول الأربع في الولايات المتحدة فيما يمثل استعراضا للتضامن بعد فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية.
وينحدر كثير من المهاجرين الذين يقصدون الولايات المتحدة من دول فقيرة مثل هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، وهناك مخاوف من أن يكون لتعهد ترمب بترحيل ملايين تداعيات خطيرة في دول أميركا الوسطى التي لا يوجد بها سوى القليل من الوظائف، وتعاني من عدم استقرار الوضع الأمني.
وخلال اجتماع في غواتيمالا سيتي طلب وزراء خارجية دول أميركا الوسطى من المكسيك المساعدة في إنشاء شبكة حماية للمهاجرين، والتواصل للتنسيق مع السلطات الأميركية والاجتماع دوريا لإجراء محادثات إقليمية.
وقالت وزيرة خارجية المكسيك كلاوديا رويس ماسيو، إن سياسة الهجرة الأميركية لا تزال كما هي حتى الآن، مضيفة أن تركيز المكسيك على حقوق الإنسان وتعزيز العلاقات الثنائية - بما في ذلك مجال الحدود - لم يتأثر.
من جهتها، قالت دول في منطقة أميركا الوسطى إن أعدادا كبيرة من المهاجرين فروا من بلادهم منذ فوز دونالد ترمب المفاجئ بانتخابات الرئاسة الأميركية، على أمل الوصول إلى الولايات المتحدة قبل تنصيبه وأحدثت لجهة ترمب الحادة خلال حملته الانتخابية حالة من القلق داخل الأحياء الفقيرة في أميركا الوسطى ومجتمعات المهاجرين في مدن أميركية، واختار كثيرون التعجيل بالهجرة إلى الشمال قبل تنصيبه.
وخلال السنة المالية 2016 اعتقلت الولايات المتحدة قرابة 410 آلاف شخص على امتداد الحدود الجنوبية الغربية مع المكسيك بزيادة بمقدار الربع تقريبا عن العام السابق. والغالبية العظمى من المهاجرين قدموا من غواتيمالا والسلفادور وهندوراس.
وقال مسؤولون بأميركا الوسطى، إن عدد المهاجرين إلى الشمال تصاعد منذ فوز ترمب، وهو ما فاقم الموقف المتأزم على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وقالت ماريا أندريا ماتاموروس، نائبة وزير خارجية هندوراس، إنها قلقة لزيادة تدفق المهاجرين المغادرين للبلاد والذين حثهم المهربون على الهجرة حين قالوا لهم إنه يتعين عليهم الوصول إلى الولايات المتحدة قبل تنصيب ترمب.
وقال كارلوس راؤول موراليس، وزير خارجية غواتيمالا، إن عددا كبيرا من مواطني بلاده غادروا بصورة جماعية قبل أن يصبح ترمب رئيسا.
وفتحت إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية الأسبوع الماضي منشأة احتجاز مؤقتة لما يصل إلى 500 شخص قرب حدود ولاية تكساس مع المكسيك، بعد ما لمسته من زيادة ملحوظة في عمليات التسلل عبر الحدود.
وقال أومبرتو روك فيلانوفا، نائب وزير الداخلية المكسيكي لشؤون الهجرة، إن بلاده مستعدة للضغط على الكونغرس الأميركي، واستخدام كل السبل القانونية لعرقلة خطة ترمب الرامية إلى وقف تحويلات المهاجرين.
وفي العاصمة هافانا القريبة من ولاية فلوريدا الأميركية، التي لا تبعد سوى 90 ميلاً فقط، والتي كانت على خط المواجهة الساخنة مع الولايات المتحدة حول القضايا السياسية والاقتصادية لأكثر من 50 عامًا، أعلن ترمب أنه إن لم تسفر الأوضاع عن تغيرات حقيقية في الموقف السياسي في كوبا، فسوف تتجه الولايات المتحدة إلى التراجع عن الاتفاقيات التي توصلت إليها إدارة الرئيس الأسبق أوباما مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو. ولقد شهدت هذه الاتفاقيات إعادة العلاقات الدبلوماسية والزيادة الكبيرة في أعداد السائحين الأميركيين الذين يزورون الجزيرة، مما يعتبر جزءًا حيويًا من الاقتصاد الكوبي المنهك. وبصرف النظر عن تصريحاته بشأن المكسيك وكوبا، لم يفصح ترمب عن إشارات أخرى تتعلق بأولويات إدارته المقبلة للقارة. وكان ترمب التقى مع الخبراء الأميركيين في شؤون أميركا اللاتينية في مكتبه الخاص في نيويورك، الذين أوضحوا للرئيس المنتخب أهمية العمل مع دول أميركا الوسطى، للحد من أعداد المهاجرين التي تصل إلى الولايات المتحدة في كل عام. وكان سفير غواتيمالا الأسبق لدى واشنطن، خوليو ليغوريا، أحد الخبراء القليلين في شؤون أميركا اللاتينية الحاضرين في اجتماع الرئيس المنتخب ترمب. ليغوريا قال لـ«الشرق الأوسط» إن ترمب أبدى اهتمامًا كبيرًا بقضية السجناء السياسيين في فنزويلا، ومن بينهم الشخصيات المعارضة كأمثال أنتونيو ليديزما، العمدة السابق للعاصمة كاراكاس، وليوبولدو لوبيز الذي قضى عامين في السجن لاعتبارات سياسية. ويعتقد ليغوريا أنه سوف يكون للولايات المتحدة رئيس مستعد للاستماع، ويتسم بالواقعية ومهتم بتحقيق النتائج على أرض الواقع، مضيفًا: «ليس هناك من شك أن أولوياته سوف تتمحور حول اعتبار الآليات التي تحول دون مزيد من تدفقات الهجرة من الجنوب إلى الشمال، مثل مواصلة تعزيز السياسات العامة التي من شأنها العمل على محاربة الفساد وتحسين النظم القضائية في نصف الكرة الغربي، باعتبارها من الآليات الرئيسية في مساعدة القطاعات الأكثر تضررًا والمجبرة على المغادرة والهجرة، بسبب الإهمال الجسيم وغياب الخدمات الاجتماعية الحيوية من جانب الحكومات الأميركية الجنوبية».
لم تكن وفاة زعيم الثورة الكوبية فيدل كاسترو ولا انتخاب دونالد ترمب الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية، سبب التغيير في سياسات الهجرة بشأن دخول الكوبيين إلى الولايات المتحدة، بل كان الرئيس السابق باراك أوباما الذي قبل أيام قليلة من نهاية ولايته في البيت الأبيض، قد أنهى هذه السياسات التي منذ عام 1996 قد منحت وضعية المعاملة الخاصة لأي مواطن كوبي تطأ قدماه سواحل الولايات المتحدة الأميركية.
ودخلت الإجراءات الجديدة، التي أعلن عنها الرئيس السابق أوباما، حيز التنفيذ الفعلي على الفور. وفي الوقت الراهن، لن تسمح سلطات الهجرة الأميركية للرعايا الكوبيين الذين يصلون إلى الولايات المتحدة بالدخول إذا لم يتمكنوا من الحصول على تأشيرة مسبقًا.
ومن خلال هذه الإجراءات، وافقت حكومة الولايات المتحدة وكوبا على وضع الأسس المشتركة لسياسة الهجرة الجديدة التي تعتبر جزءًا من عملية إعادة بناء العلاقات بين البلدين. ونظرًا للعلاقات المحسنة في الآونة الأخيرة بين البلدين، وصل إلى الولايات المتحدة أكثر من 40 ألف مواطن كوبي منذ عام 2016. وأغلب الرعايا الكوبيين الذين يحاولون الوصول إلى الولايات المتحدة قد سافروا عبر دولة ثالثة في أميركا اللاتينية مثل بنما أو المكسيك أو كولومبيا.
ومع ذلك، كان الرئيس دونالد ترمب واضحًا في أنه إن لم تسفر الأوضاع عن تغيرات حقيقية في الموقف السياسي في كوبا، فسوف تتجه الولايات المتحدة إلى تغيير علاقتها مرة أخرى مع الجزيرة الصغيرة. ورغم ذلك، فمن المبكر للغاية الوقوف على الاستراتيجية النهائية لدى الرئيس الأميركي الجديد فيما يتعلق بكوبا أو ما سيحدث في القارة الجارة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».