جدران المباني تخفي أسرارها وتروي تاريخها

فن «التجدّر» انتقل من بريطانيا إلى أميركا

فن التجدّر من الممارسات القديمة التي تتقاطع عندها العديد من الثقافات والحضارات  - بقايا أشياء على جدران لفندق في مانهاتن عام 1770 - من مخلفات «مطعم الأذن» الذي أضحى معلمًا في مانهاتن   - بعض ما عُثر عليه أثناء ترميم منزل في نيويورك شيد عام 1843 (نيويورك تايمز)
فن التجدّر من الممارسات القديمة التي تتقاطع عندها العديد من الثقافات والحضارات - بقايا أشياء على جدران لفندق في مانهاتن عام 1770 - من مخلفات «مطعم الأذن» الذي أضحى معلمًا في مانهاتن - بعض ما عُثر عليه أثناء ترميم منزل في نيويورك شيد عام 1843 (نيويورك تايمز)
TT

جدران المباني تخفي أسرارها وتروي تاريخها

فن التجدّر من الممارسات القديمة التي تتقاطع عندها العديد من الثقافات والحضارات  - بقايا أشياء على جدران لفندق في مانهاتن عام 1770 - من مخلفات «مطعم الأذن» الذي أضحى معلمًا في مانهاتن   - بعض ما عُثر عليه أثناء ترميم منزل في نيويورك شيد عام 1843 (نيويورك تايمز)
فن التجدّر من الممارسات القديمة التي تتقاطع عندها العديد من الثقافات والحضارات - بقايا أشياء على جدران لفندق في مانهاتن عام 1770 - من مخلفات «مطعم الأذن» الذي أضحى معلمًا في مانهاتن - بعض ما عُثر عليه أثناء ترميم منزل في نيويورك شيد عام 1843 (نيويورك تايمز)

بمجرد أن تبدأ في الحفر، سواء الحفر في الأراضي بالمناطق الحضرية المأهولة بالسكان لصالح مشروع تجاري أو هدم بعض الجدران القديمة لأحد المنازل، فإنك لا تعلم ما الذي سوف تعثر عليه. فقد تجد أداة من أدوات ممارسة الطقوس موضوعة لطرد الأرواح الشريرة، قبل 300 عام مضت، أو قبل بضعة عقود منقضية. وربما قد وُضعت الأداة هناك عن عمد، أو ربما نقلت من مكانها عن طريق الصدفة المحضة، إلا إذا كانت «كبسولة زمنية» تحمل رسالة مطوية، لن تعرف على وجه التأكيد واليقين.
يحمل كل مبنى قدرًا من التاريخ بين جدرانه، وأسقفه، وأرضياته، وأساساته. ويمكن للخشب والحجر أن يحتوي على أسرار قوية، أو طلاسم مؤثرة، وبعض منها قد وُضِع هناك عن عمد ليعثر عليها سكان المستقبل في يوم من الأيام، كمثل الرباط الذي يصل الماضي بالمستقبل.
ميشيل مورغان هاريسون، مصممة الديكورات الداخلية تعمل على تجديد وترميم منزلها الخاص، وهو المنزل الذي شيد في بلدة نيو كانان بمقاطعة فيرفيلد في ولاية كونيتيكت عام 1816. ولقد عثر مقاولها العام، باتريك كينيدي، في الآونة الأخيرة على جمجمة مدفونة أسفل جذع قديم لشجرة بلوط قديمة بيضاء على مقربة من المنزل.
تقول السيدة هاريسون، التي شعرت بارتياح كبير لأن الجمجمة ليست لرأس إنسان: «لأول وهلة، أحسست أنها جمجمة بشرية!»، ثم ظنا، هي والمقاول، أن الجمجمة قد تكون لحصان قديم، وهي إحدى الأدوات التقليدية التي كان أصحاب المنازل الأوائل من المهاجرين الآيرلنديين يضعونها داخل منازلهم. ثم اتضح الأمر أنها جمجمة كلب، على الرغم من أن نصف الجمجمة مفقود.
يقول السيد كينيدي، المقاول والنجار المحترف منذ 20 عامًا: «لقد رأيت لمحة من كل شيء أثناء عملي في تجديد المنازل. ولكن العثور على جمجمة كان من الأشياء الفريدة بحق، وليس هناك مجال لأن تكون لكلب ميت هناك منذ فترة، لأنها كانت مدفونة أسفل الشجرة. وكانت موضوعة بالضبط على مسافة معقولة من مدخل المنزل، ولم تكن هناك عظام أخرى بجانبها. وسرعان ما ظننتُ أنها من الأمور الخرافية القديمة».
ولأن الأمر يبدو كذلك فعلاً، كما يقول، فهو ينوي إعادة دفنها في المكان نفسه في المنزل بعد انتهاء أعمال التجديدات تمامًا.
ويقول الدكتور جوزيف هيثكوت، المؤرخ المعماري والخبير في التخطيط العمراني، الذي يدرس في المدرسة الجديدة بمدينة نيويورك: «إن ممارسة دفن أو إخفاء الأدوات أو الأشياء في البنايات أو هياكل المنازل تسمى (التجدّر)».
وأردف الدكتور هيثكوت يقول: «وهي في الواقع من الممارسات القديمة التي تتقاطع عندها كثير من الثقافات والحضارات». ومن أشهر الأمثلة عليها القطع الأثرية المدفونة مع الملوك الفراعنة المصريين في الأهرامات، ولكنه أضاف أن الأدوات الطقوسية كان يتم العثور عليها في غالب الأمر داخل جدران الفيلات الرومانية والمنازل العادية خلال الحفريات الأثرية. «تعود أصول الماسونية القديمة إلى الطقوس الخفية التي مارسها الماسونيون القدامى، حيث كانوا يعمدون إلى إخفاء أسرارهم في مبانيهم ومنازلهم».
وكانت الأشياء في كثير من الأحيان مخبأة كوسيلة لجلب الحظ لسكان المنزل. وكانت هذا هو الشائع في آيرلندا، كما قال: «كان من الشائع عند بناء منزل من المنازل دفن جمجمة لحصان في الأرض أو أسفل الموقد، وهي من الممارسات السلتية التي تعود إلى قرون مضت. وأحيانًا ما يتم دفن الجمجمة بأكملها، وفي أحيان أخرى يُدفن مجرد الجزء الأمامي أو العلوي منها من دون الفك السفلي».
وأضاف الدكتور هيثكوت أنه في إنجلترا وآيرلندا، كان من المعتاد أيضًا في كثير من المناطق دفن القطط النافقة في الجدران أو أسفل الأرضيات في المنازل لطرد الأرواح الشريرة.
يبدو كل شيء وكأنه من عهود التاريخ القديم، حتى تعثر بنفسك أو يعثر طاقم العمل في منزلك على شيء ما.
عندما شرع روب ديروكر، مستشار التسويق في تاريتاون بولاية نيويورك في تجديد أعمال المرافق الصحية في منزله المشيد منذ عام 1843، والمعروف باسم «آيس هاوس»، حيث كان يُستخدَم في تخزين الثلج في القرن التاسع عشر، ظهرت كثير من الأشياء. حيث عثر على غليون من الطين، وكيس من التبغ داخل إطار النافذة، ولفافة لعازف البيانو في السقف، وبطاقة لتعليم الأبجدية للأطفال، وكثير من بلاط السيراميك المطلية يدويًا كذلك. وحلم السيد ديروكر بالثراء عبر العثور على المقتنيات الأثرية، ولكنه اكتشف أن تلك الأشياء ذات قيمة تاريخية أكثر منها مادية. على الرغم من ذلك، استمتع السيد ديروكر بالمذاق التاريخي الأصيل لمنزله القديم، إذ قال: «عندما شيد هذا المنزل، كان الرئيس أبراهام لينكولن لا يزال محاميًا». يتصل الناس الذين يعثرون على شيء ذي قيمة تاريخية أو مادية بالجمعية التاريخية في مدينة نيويورك، كما تقول مارغريت كيه هوفر، نائبة رئيس الجمعية ومديرة متحفها: «تأتينا مكالمات هاتفية على هذه الشاكلة طيلة الوقت». ويطلب موظفو المتحف في العادة إرسال صورة بالبريد الإلكتروني للشيء المعثور عليه لفحصه عن كثب.
وقبل بضع سنوات، فتحت السيدة هوفر «كبسولة زمنية» من عام 1914 من إنشاء رابطة رجال الأعمال في الجانب الأدنى من «وول ستريت»، ومُنِحت في ذلك الوقت إلى الجمعية التاريخية للمحافظة عليها، ولفتحها فيما بعد.
كانت كبسولة عام 1914 الزمنية مغلفة في أسطوانة نحاسية أنيقة، وكانت قيد الحفظ لدى الجمعية حتى عام 2000، وكانت معروضة من دون فتحها في مركز «لوس» من عام 2000 حتى عام 2014، ثم تم فتحها في احتفالية كبيرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2014، ثم أعيد إغلاقها مرة أخرى، كما تقول السيدة هوفر، التي أضافت: «كانت تحتوي على كثير من المطبوعات لذلك الوقت، ومن بينها بعض الجرائد، والدوريات، والتقارير السنوية».
وفي عام 2015، أنشأ المراهقون من مرتادي المتحف «كبسولة زمنية» خاصة بهم، ووضعوا فيها سجائر إلكترونية، وهاتفًا جوالاً، وكوبًا يحمل علامة متاجر «ستاربكس» التجارية، وبعضًا من تذاكر الحفلات الموسيقية.
وأحد أغنى مقتنيات المتحف من الأشياء كان منزلاً يُسمى «مطعم الأذن»، ولقد شيد نحو عام 1770 ولا يزال موجودًا حتى يومنا هذا، على الرغم من هبوطه لعشر بوصات في الأرض خلال السنوات العشر الماضية، ويقع في 326 شارع سبرينغ في مانهاتن السفلى. واليوم، يحتل المطعم الحديث الطابق السفلي من المبنى القديم. ويقدم المنزل كثيرًا من الهدايا التذكارية للأيام الأولى لمدينة نيويورك عندما كان مالكا المنزل العتيق، مارتن شيريدان وريتشارد هايمان، يحفران أساسات الطابق السفلى.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.